09 نوفمبر 2024
مؤتمر التسوّل اللبناني
في حياة بعض الشعوب والدول محطات تبقى مفصلية، لجهة اتخاذ قرار جماعي، ناجم عن صدمة حربٍ أو كارثة أو بفعل ثورة أو احتجاجات. قرار تختار فيه الشعوب والدول الاتجاه الذي سيسلكه مجتمعهم أو نظامهم. في تركيا وروسيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية وفيتنام وغيرها، مجموعة أمثلة متفاوتة عن شعوب ودول قرّرت الانتقال إلى مصافّ الدول المتطورة بشكل دائم، رافضة الجلوس على قارعة الطريق، سواء بقرب مكبات نفايات التاريخ أو للتسوّل.
لبنان، بشكله الدولتي، اختار التسوّل. تسوّل بدأ في تسعينيات القرن الماضي، وصولاً إلى أيامنا الحالية، تسوّل بعناوين متكررة، بحثاً عن تحسين البنية التحتية وتأمين العجلة الاقتصادية، أي في صورة نمطية لمسألة "الخروج من الحرب وإعادة الإعمار". مع العلم أن دولا أخرى غرقت في الحرب بعد الحرب اللبنانية (1975 ـ 1990)، وتمكّنت من الصمود والعودة إلى الحياة الطبيعية. انظروا إلى دويلات يوغسلافيا السابقة، والجزائر بعد العشرية السوداء، لتعلموا أن مبنى واحدا بشظايا كثيرة من مخلفات القذائف غير موجود، أما في لبنان فإن أكثرية المباني لا تزال توحي بالحرب، بفعل آثار الشظايا المستمر حتى اليوم.
مؤتمر "سيدر" أو "باريس 4" أو سمّه ما شئت، مجرد عنوان لـ"الشحادة" اللبنانية، في صورة ستؤدي إلى زيادة الدين العام، ورمي ثقله على كاهل اللبنانيين الذين سيُجبرون على دفع فوائده وضرائبه من رواتبهم الحالية والتقاعدية. هذا في حال كانوا محظوظين، وتمكّنوا من الدخول إلى سوق العمل.
لا يحتاج لبنان إلى مؤتمرات أممية للحصول على الأموال. كل التقارير تفيد بوجود ما هو كافٍ لإشعال ثورة اقتصادية، تنطلق من إصلاح النظام اللبناني ومنع الفساد ووقف الهدر واستعادة الأموال المنهوبة وتطهير القضاء والأجهزة الأمنية، والأهم محاسبة أمراء الحرب الذين تورّطوا بقتل اللبنانيين في الحروب، ويتورّطون الآن في سلب أموالهم. ثم إن بلداً كلبنان لا يحتاج إلى أكثر من تطوير الأعمال الصغيرة من صناعية وزراعية وتقنية وحرفية، على حساب قطاع الخدمات الذي زُيّن لنا بأنه "معجزة لبنانية"، في وقتٍ باتت السياحة في لبنان أشبه بضربٍ من الغباء بالنسبة للمواطنين، فما قد تدفعه في حركة سياحية في بلدك قد تدفع أقل منه بكثير في سياحة في بلدٍ ناءٍ. لا يُلام بعض أصحاب المؤسسات السياحية، فالدولة سمحت بنظامٍ يُلزمهم بتلقّي بدلات عالية من السياح اللبنانيين والأجانب.
وبعد، هل تعتقدون أن المصارف والشركات الاستثمارية الكبرى ورجال الأعمال والفاسدين والمهرّبين ومشاريع النواب المشبوهين الذين سيُنتخبون في انتخابات 6 مايو/ أيار المقبل هم من سينقذون لبنان؟ هل تصدقون أن حزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل وتيار المردة وحزب الكتائب وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية وغيرهم يهمهم فعلاً إنقاذ لبنان، وبشكل أكثر دقة: إنقاذ الطبقة الفقيرة والمتوسطة في لبنان؟ بالطبع لا، لو كان يهمهم هذا الأمر لأنقذوه منذ عام 1990، أو أقلّه منذ عام 2005، لكنهم لا يريدون ذلك، فجلّ ما يريدونه استعباد فكر الناس وجمعهم حول فكرة وهمية تحمل اسم "قضية"، بغية تأمين هذه الأحزاب مصالحها الفردية والجماعية.
إذا كانت الدولة اللبنانية شخصا حقيقيا فهي هذا الشخص الذي سرق بذلة من المتجر، وأمسك بأول طفل وجده ووقف أمام قصر الأثرياء، وقال لهم "أعطوني مالاً لأُطعم طفلي"، وبعد حصوله على ما أراد، ذهب لصرف الأموال على طاولة الميسر أو لشراء سيارة فارهة الثمن، والتصرّف كأنه شخص ثري، قبل التسوّل مجدداً بالعناوين نفسها. هذه هي الدولة اللبنانية، وما أرادت وضع برنامج استثماري يمتد 12 عاماً، سوى لكسر شوكة اللبنانيين باستخدام عامل الزمن بشكل نهائي، وإخضاعهم بالكامل لنظام مالي ـ مصرفي قائم على استعبادهم وتسخيرهم، تحت شعار "تريدون الاستقرار أو الفوضى؟". لمرة واحدة.. لتكن الفوضى.
لبنان، بشكله الدولتي، اختار التسوّل. تسوّل بدأ في تسعينيات القرن الماضي، وصولاً إلى أيامنا الحالية، تسوّل بعناوين متكررة، بحثاً عن تحسين البنية التحتية وتأمين العجلة الاقتصادية، أي في صورة نمطية لمسألة "الخروج من الحرب وإعادة الإعمار". مع العلم أن دولا أخرى غرقت في الحرب بعد الحرب اللبنانية (1975 ـ 1990)، وتمكّنت من الصمود والعودة إلى الحياة الطبيعية. انظروا إلى دويلات يوغسلافيا السابقة، والجزائر بعد العشرية السوداء، لتعلموا أن مبنى واحدا بشظايا كثيرة من مخلفات القذائف غير موجود، أما في لبنان فإن أكثرية المباني لا تزال توحي بالحرب، بفعل آثار الشظايا المستمر حتى اليوم.
مؤتمر "سيدر" أو "باريس 4" أو سمّه ما شئت، مجرد عنوان لـ"الشحادة" اللبنانية، في صورة ستؤدي إلى زيادة الدين العام، ورمي ثقله على كاهل اللبنانيين الذين سيُجبرون على دفع فوائده وضرائبه من رواتبهم الحالية والتقاعدية. هذا في حال كانوا محظوظين، وتمكّنوا من الدخول إلى سوق العمل.
لا يحتاج لبنان إلى مؤتمرات أممية للحصول على الأموال. كل التقارير تفيد بوجود ما هو كافٍ لإشعال ثورة اقتصادية، تنطلق من إصلاح النظام اللبناني ومنع الفساد ووقف الهدر واستعادة الأموال المنهوبة وتطهير القضاء والأجهزة الأمنية، والأهم محاسبة أمراء الحرب الذين تورّطوا بقتل اللبنانيين في الحروب، ويتورّطون الآن في سلب أموالهم. ثم إن بلداً كلبنان لا يحتاج إلى أكثر من تطوير الأعمال الصغيرة من صناعية وزراعية وتقنية وحرفية، على حساب قطاع الخدمات الذي زُيّن لنا بأنه "معجزة لبنانية"، في وقتٍ باتت السياحة في لبنان أشبه بضربٍ من الغباء بالنسبة للمواطنين، فما قد تدفعه في حركة سياحية في بلدك قد تدفع أقل منه بكثير في سياحة في بلدٍ ناءٍ. لا يُلام بعض أصحاب المؤسسات السياحية، فالدولة سمحت بنظامٍ يُلزمهم بتلقّي بدلات عالية من السياح اللبنانيين والأجانب.
وبعد، هل تعتقدون أن المصارف والشركات الاستثمارية الكبرى ورجال الأعمال والفاسدين والمهرّبين ومشاريع النواب المشبوهين الذين سيُنتخبون في انتخابات 6 مايو/ أيار المقبل هم من سينقذون لبنان؟ هل تصدقون أن حزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل وتيار المردة وحزب الكتائب وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية وغيرهم يهمهم فعلاً إنقاذ لبنان، وبشكل أكثر دقة: إنقاذ الطبقة الفقيرة والمتوسطة في لبنان؟ بالطبع لا، لو كان يهمهم هذا الأمر لأنقذوه منذ عام 1990، أو أقلّه منذ عام 2005، لكنهم لا يريدون ذلك، فجلّ ما يريدونه استعباد فكر الناس وجمعهم حول فكرة وهمية تحمل اسم "قضية"، بغية تأمين هذه الأحزاب مصالحها الفردية والجماعية.
إذا كانت الدولة اللبنانية شخصا حقيقيا فهي هذا الشخص الذي سرق بذلة من المتجر، وأمسك بأول طفل وجده ووقف أمام قصر الأثرياء، وقال لهم "أعطوني مالاً لأُطعم طفلي"، وبعد حصوله على ما أراد، ذهب لصرف الأموال على طاولة الميسر أو لشراء سيارة فارهة الثمن، والتصرّف كأنه شخص ثري، قبل التسوّل مجدداً بالعناوين نفسها. هذه هي الدولة اللبنانية، وما أرادت وضع برنامج استثماري يمتد 12 عاماً، سوى لكسر شوكة اللبنانيين باستخدام عامل الزمن بشكل نهائي، وإخضاعهم بالكامل لنظام مالي ـ مصرفي قائم على استعبادهم وتسخيرهم، تحت شعار "تريدون الاستقرار أو الفوضى؟". لمرة واحدة.. لتكن الفوضى.