تتضاعف معاناة سكان الغوطة الشرقية من كافة نواحي الحياة، فالقصف لا يتوقّف والإغاثة لا تدخل والحصار لا ينفك، مع استمرار الحملة العسكرية منذ سنوات من قبل النظام السوري.
وبحسب ما أفاد به مصدر من مركز الغوطة الإعلامي لـ"العربي الجديد" فإنّ عدد الجرحى الذين تمّ توثيقهم في عموم أنحاء الغوطة خلال الأيام الأربعة الماضية بلغ أكثر من ألف ومئتين وخمسين جريحاً، بينهم أطفال ونساء.
ومع كثرة الإصابات وتنوّعها تزداد المعاناة بالنسبة إلى المدنيين المصابين الذين يعانون أصلاً من صعوبات في تأمين طعامهم ودوائهم، بسبب الحصار المفروض على الغوطة.
تنوّع في الإصابات ونقص الدواء
قال الطبيب أحمد بقاعي، المشرف على ثلاث مشافٍ في الغوطة الشرقية لـ"العربي الجديد"، إنّ المنطقة تفتقر إلى كافة أنواع الأدوية والمستهلكات الطبية، الخاصة بالإسعاف والسيرومات ومواد التخدير والمواد المخبرية والمضادات الحيوية بأنواعها، وأدوية الحوامل والأطفال والأدوات الجراحية.
وتزداد الصعوبات مع تعرض الأطفال لحالات بتر في الأطراف أو كسور في مناطق حساسة، مثل الرأس والرقبة، نتيجة الإصابة بشظايا الصواريخ والقنابل.
ويوضح بقاعي الذي يعمل في قسم الإسعاف في مدينة كفربطنا أنّ "الحصار استهلك الأجهزة الطبية وأصبحت غير مناسبة للخدمات الطبية، وفوق كل ذلك نتعرّض للاستهداف المباشر في المراكز الطبية من الطائرات الروسية".
وبحسب تقرير لمديرية الصحة في ريف دمشق، اطلع عليه "العربي الجديد"، فقد أجرت المستشفيات يومي السادس والخامس من الشهر الجاري فقط 162 عملية جراحية نتيجة إصابات الحرب، توزّعت ما بين جراحة عظمية عامة، أوعية، فكية، بولية، ترميمية، عينية، صدرية، بتور أطراف سفلى أو عليا، وعمليات أنف وأذن وحنجرة.
أمراض أخرى تجتاح الغوطة
ويشرف الطبيب بقاعي أيضاً على مركز "إنقاذ روح" للأمراض الوبائية، ويقول لـ "العربي الجديد" إنه نتيجة الحصار المطبق على الغوطة انتشرت العديد من الأمراض والجوائح مثل الحمى التيفية والمالطية والسل، والأمراض التنفسية والبولية والمعوية الحادة، إضافة إلى أمراض الجلد كالقمل والجرب، تضاف هذه الأمراض إلى الجروح والبتور والإصابات الحربية الخطيرة.
ويضيف "هناك ما يزيد عن ألف حالة طبية بحاجة لإخلاء فوري للعلاج من أمراض متعددة لا يمكن علاجها هنا في الغوطة، كمرضى السرطانات والفشل الكلوي وتشمع الكبد والأمراض المناعية والقلبية والأمراض المزمنة الأخرى، ونحو 30 بالمائة من أطفال الغوطة يعانون من سوء تغذية حاد، وكذلك نساؤها ورجالها.
مئات الأرامل والأيتام
وتحدث أبو عمر من مواطني مدينة عربين لـ "العربي الجديد" عن ترمل عشرات النساء ويتم عشرات الأطفال خلال الحملة الأخيرة، يضافون إلى مئات الأرامل والأيتام في الغوطة على مدار سنوات الحصار، ولا توجد إحصاءات رسمية بعد، وكل يوم هناك متضررون جدد.
وأضاف أن هناك العشرات ممن أصيبوا هم الآن في حالة إعاقة جسدية، وتزيد معاناتهم بعد فقدان المعيل، خاصة أن هناك أطفالاً رضعاً فقدوا أمهاتهم وامرأة مصابة فقدت زوجها، والغوطة تفتقر إلى أقل مقومات الحياة وتعيش من دون ماء وغذاء أو دواء أو كهرباء، وهذا ليس بجديد ولا أحد يتحرك لإنهاء معاناتها.
استهداف الكوادر الطبية
وبحسب معلومات حصل عليها "العربي الجديد" من مصادر طبية في الغوطة، فقد قضى عنصر من الدفاع المدني جراء استهداف فريق إنقاذ تابع لفريق 101 في مدينة عربين خلال عملية انتشال ضحايا ومصابين في القصف الجوي، كذلك قضى ممرض في مستشفى عربين الجراحي وممرضة في مستشفى جسرين الجراحي جراء القصف على المستشفيات والمناطق المحيطة بها.