في أول ردة فعل شعبية في الأردن على مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد، طالب مواطنون في محافظة الطفيلة جنوب البلاد، أمس السبت، بإسقاط حكومة عمر الرزاز، مطالبين بمحاربة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة بدلا من نهج الجباية، فيما أعلن نقابيون مقاطعتهم اجتماعا دعت إليه الحكومة، غداً الإثنين، لعرض القانون.
وقال شهود عيان إن مشادات كلامية حدثت خلال لقاء وزراء مع مواطنين في محافظة الطفيلة لشرح قانون ضريبة الدخل الجديد، حيث خرج المواطنون غاضبين من الاجتماع، مطالبين بإسقاط الحكومة، فيما اضطر الوزراء إلى المغادرة من دون استكمال اللقاء.
وحضر اللقاء وزراء الصحة محمود الشياب، والزراعة خالد الحنيفات، والدولة لشؤون القانون مبارك أبو يامين. وفشلت محاولات وزير الزراعة كونه ابن محافظة الطفيلة لتهدئة المواطنين وإعادة الهدوء إلى الاجتماع.
وقال وزير الدولة لشؤون القانون، في بداية الاجتماع، إن "واجب الحكومة حمایة البلد، حتى لو اتخذت قرارات غیر شعبیة"، مشيرا إلى وجود مفاوضات شاقة مع صندوق النقد الدولي بخصوص مشروع قانون ضريبة الدخل، فيما قال وزير الصحة إن "الحكومة وضعت المشروع أمام المواطنين لأخذ المقترحات المناسبة".
ويعمل مشروع قانون ضريبة الدخل، على زيادة أعداد دافعي الضرائب في الأردن، لاسيما أنه يقضي بتخفيض قيمة دخل العائلات الخاضع للضريبة إلى حوالي 25.38 ألف دولار، العام المقبل 2019، على أن ينخفض إلى حوالي 24 ألف دولار في عام 2020، بينما يفرض القانون الحالي ضريبة على العائلات التي يصل قيمة دخلها السنوي إلى 33.84 ألف دولار.
كما يقضي مشروع القانون بفرض ضريبة على دخل الفرد الذي يبلغ 12.69 ألف دولار في العام المقبل، ونحو 11.28 ألف دولار في عام 2020، بينما يفرض القانون الحالي ضريبة على دخل الفرض البالغ 22.56 ألف دولار سنويا.
وتم اقتراح ضريبة تكامل اجتماعي بنسبة 1% من دخل الشخص الطبيعي عن الدخل الصافي للفرد أو الموظف عن دخله الخاضع للضريبة، وبالنسبة نفسها من صافي أرباح الشركات لغايات البحث العلمي ومكافحة الفقر، فضلا عن ضرائب أخرى على نشاطات اقتصادية عدة.
وفور الإعلان الحكومي عن تفاصيل مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد، الأسبوع الماضي، قوبل المشروع باعتراضات من قبل المواطنين وأعضاء في مجلس النواب والنقابات المهنية وخبراء اقتصاد، رأوا فيه إعادة إنتاج للقانون الذي تم سحبه من البرلمان، في يونيو/حزيران الماضي، من قبل الحكومة الحالية، بسبب الاحتجاجات غير المسبوقة التي شهدها الأردن، في مايو/أيار، وأطاحت بالحكومة السابقة برئاسة هاني الملقي.
وقال نقيب الأطباء، علي العبوس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن النقابة ترفض مشروع قانون ضريبة الدخل، لتجاهل الحكومة مقترحات النقابات المهنية حول القانون، والتي تم تقديمها عدة مرات. وأضاف أنه سيقاطع اجتماعا حكوميا سيعقد مع الفريق الوزاري المختص، غداً الإثنين، لعرض القانون، "لأن الاجتماع لن يجدي نفعاً، ولن يحقق أي نتائج، ولا يمكن مناقشة القانون بهذه الطريقة".
وتابع العبوس، الذي كان يرأس مجلس النقابات المهنية عندما تفجرت الاحتجاجات ضد الحكومة السابقة بسبب مشروع قانون الضريبة السابق، أن اجتماعا سابقا لعدة ساعات مع الحكومة الحالية حول القانون تم خلاله طرح مختلف وجهات النظر، لكن الحكومة تجاهلت كل ما طالبت به النقابات. وقال إنه سيكون للنقابات الرأي الذي يحترم إرادة المواطنين، مضيفا أن "مشروع قانون الضريبة الجديد يحمل في جنباته معول هدم لبقايا الطبقة الوسطى".
وأصدر مجلس نقابة المعلمين، بياناً صحافياً، أعلن فيه عن رفضه مشروع قانون ضريبة الدخل المزمع تقديمه إلى مجلس النواب. وقال المجلس إن "التعديلات التي أدخلتها الحكومة على القانون زادته قبحا على قبح".
وأضاف المجلس أن "حكومة الرزاز جاءت ليعطيها الشعب فرصة في العمل والإصلاح وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والشعب يعلم أنها مشلولة الكف، مسلوبة الإرادة، أدت دور الإسفنج في امتصاص الشارع وفك الاحتقان وتشتيت القوى الحرة الحيّة التي اجتمعت للوطن ومستقبله".
وأشار البيان إلى أن مشروع قانون الضريبة ما هو إلا جزء من منظومة إجراءات وممارسات وسياسات مارستها الحكومات المتعاقبة منذ عقود أوصلت المديونية إلى أرقام خيالية والفوائد التي عليها، وطاولت حتى البنى التحتية للدولة، وعلى رأسها التعليم والصحة.
وكان رئيس الوزراء الأردني قد أعلن، يوم الإثنين الماضي، أن حكومته توصلت إلى تصور مشترك مع صندوق النقد حول ما تسعى له، على مدى ثلاث سنوات، بشأن تخفيض النفقات، والإصلاحات الاقتصادية المطلوبة، خلال الفترة المقبلة.