05 سبتمبر 2019
لِمَنْ سَتُقَدِمُ الوَلاءَ؟
آزاد عنز (سورية)
نُصِبَتِ الأعمدةُ وهُيّأتْ على عَجلٍ وتَهافَتَ القِماشُ على عاتِقِها بشكلٍ مُستَديرٍ ومُتعَجرِفٍ يَتَوسَطُها عَمودٌ بِقَوامِهِ الطّويل يَحمِلُ الثّقَلَ والعِبْءَ المَركونَ في ضيافَتِها، هكذا يَتَرائ المَشْهَدُ منَ الداخلِ المُظلِمِ للأمتارِ القليلةِ التي ستَحْتَضِنُ خَيباتِكَ وَإخفاقاتِكَ وإنكساراتِكَ وهَزِيمَتَكَ وآلامَكَ وآمَالَكَ الضّائعَةَ وعِبئَكَ وحَقيبتَكَ المَليئَةَ بالخَيباتِ والحَسراتِ، أمّا مِنَ الخَارجِ شِعارٌ مَطبوعٌ لا بأسَ بِهِ، كَفّانِ على شَاكلةِ شَاهِدَةِ قَبرِكَ سَيُطبقَانِ عَليكَ لقَبْضِ ما تَبَقى مِنْ رُوحِكَ وقَيدٌ مِنَ القَمْحِ المَجْرُوشِ عِوَضاً عَنِ التّرابِ الذي سَتدفنُ به مَكتوبٌ تَحتَهُ بخطٍ واضحٍ للعيانِ وللبلّورَاتِ المُحَدّبَةِ والمُقعّرةِ (المُفوضيةُ السّاميةُ للأممِ المُتّحدةِ لشؤونِ اللاجئين) كَمْ أنْتِ سَامِيةٌ وعاليةٌ وجَليلةُ القَدرِ، تَفضّلْ أيّها المُشرّدُ خَيمَتُكَ جَاهزةٌ، وَطَنُكَ جَاهزٌ، تفضّلْ يا عزيزيَ تَرجّلْ بقدمكَ اليُمنى لِتكونَ إقامَتُكَ مُباركةً ومُريحةً، تفضّلْ على الرَّحبِ والسِّعى .
ولكنْ أريدُ وَطَنَاً يَلِيقُ بِنا وبيَّ، وَطَناً يَحمِلُ أحمَالَنا وأعباءَنا، وَطَنَاً يَحتضِنُنا ويَبتسم، يَفرِشُ لنا العراءَ إقحواناً، يُخرِجُ مِنْ بَاطنِ جَوفهِ نَباتاً مُستَساغاً خَفيفاً على أجوافِنا الخَاوِيةِ لِتَمتَلِئ، وَطناً خَفيفَ الظّلِّ طَيّبَ النّفَسِ حُلوَ المُعاشَرَةِ، لا نريدُ وطناً مُمزّقاً سَمِلاً مُرَقَّعاً مُهْتَرِئاً نحنُ لا نَقوى على حمْلِ مَأساتِه وتعاسَتِه وكَرْبِهِ، لا أريدُ أنْ أختزلَ الوطنَ برُمَتِهِ بدستورِهِ وقوانينهِ وشعارهِ وعَلَمِهِ وطقوسهِ وعاداتهِ وتقاليدهِ وجمالهِ في هذه الأقمشةِ الرّثّةِ الباليةِ الهشّةِ التي تَهلَكُ معَ استفتاحِ سَهُوك من الرّياحِ وتَتبعثُر كالسراب ونتبعثرُ نحنُ أيضا.
ومَنْ قالَ إنَّ لكَ وَطناً؟ نَحنُ لا نَهِبُ الأوطانَ كَاملةً نحنُ نُوجِزها ونُلَخِصُها وَنَجودُ عَليكَ بِفُتَاتِ المائدةِ وفضلاتِ الطعامِ لنُبْقيكَ حيّاً على قَيدِها، نحنُ وكلاءُ اللهِ لقبضِ الأرواحِ نَنوبُ عنْهُ لنُطيلَ أمَدَكَم أو نُقَصّرَها هكذا نحنُ لا نُسدِدُ الالتزاماتِ المُبرمةَ بيننا ولنْ نُكْسِيكَ ثَوباً على مقاسِ أطرافِك أبدا .
وفي الفَلَقِ المُقلقِ اللاحقِ تصدّقَ اللهُ عليهِ وليداً طاهراً، عبئاَ آخراً مُضافاً مُتمِّماً للفجيعةِ المُمتدةِ للحيلةِ المُعدّة سالفاً وأيُ خديعةٍ تُدبَّرُ هَكذا لِتَركُلَكَ بعيداً إلى حُضنِ القِماشِ لِتَتَهاوى كالقِماشِ، نعم ستصبحُ قِماشاً مُهملاً للكَبّ لاحقاً، وأمّا الوليدُ الواهبِ فمَنْ تكونُ؟ ابنُ أيُ رقعةٍ أنتَ؟ وإلى مَنْ تنتمي؟ ولِمن سَتقدمُ الولاءَ والطّاعةَ؟ ومَنْ هوَ رئيسُكَ؟ سَتُرقَّمُ في سجلاتِ مُفوضيةِ القمحِ والكفّينِ مَنفياً مَطروداً، سَتُكَنّى بابنِ الخيمةِ اللَّعينةِ أمّا مَنْ بَقيَ في الدّاخلِ لا يزالُ يَحتفظُ بصورةِ رئيسهِ مُعَلّقاً في مُخيّلتِهِ كَما يَشتهون أو كَما يَشتهي هو.
ويَبقى وَجهُ المأساةِ الكُبرى مًنْ يَتخذُ مِنَ الخَيمةِ خَيالَ وَطن، أيّها الوَطنُ البديلُ، الوطنُ المُتنقّلُ، الوطنُ الظلُّ، الوطنُ المُفرَغُ مِنَ الوطنِ والمشبعُ بالوطنيّةِ. لا تيأسي أيّتها الخيمةُ الوطنُ لنْ تكوني رَطبةً و باردة، ثقي تماماً إنَّ هذا المُشرَّدَ سَيُغدِقُكِ دِفئاً لا لُبسَ فيه ولا إبهام، هذا المطرودُ المُبعدُ بِغبْنٍ فاحشٍ سيكونُ ظلُّكِ على أنْ تكوني ظلَّ وطنِهِ النازفِ، قدْ يخونكِ العراءُ ولكنْ لن يخونَكِ ظلَّهُ فلا مَكيدةَ لِلأظلالِ، تسرَّبتِ البرودةُ إلى بَطنِها فألَّفَ المُشرَّدُ الحطبَ اليابسَ والمُبللَ وأعدَّها لتلقينِها علومَ النار فتَأجّجَ الحَطبُ لَهباً في يَقينها قَاذفاً الدَّخانَ المُبدَّدَ عَالياً لِيمتلئَ الوجودُ اختناقاً.
لا تَقتربْ، الخيمةُ تَحترق، الوطنُ يَحترق ...
ولكنْ أريدُ وَطَنَاً يَلِيقُ بِنا وبيَّ، وَطَناً يَحمِلُ أحمَالَنا وأعباءَنا، وَطَنَاً يَحتضِنُنا ويَبتسم، يَفرِشُ لنا العراءَ إقحواناً، يُخرِجُ مِنْ بَاطنِ جَوفهِ نَباتاً مُستَساغاً خَفيفاً على أجوافِنا الخَاوِيةِ لِتَمتَلِئ، وَطناً خَفيفَ الظّلِّ طَيّبَ النّفَسِ حُلوَ المُعاشَرَةِ، لا نريدُ وطناً مُمزّقاً سَمِلاً مُرَقَّعاً مُهْتَرِئاً نحنُ لا نَقوى على حمْلِ مَأساتِه وتعاسَتِه وكَرْبِهِ، لا أريدُ أنْ أختزلَ الوطنَ برُمَتِهِ بدستورِهِ وقوانينهِ وشعارهِ وعَلَمِهِ وطقوسهِ وعاداتهِ وتقاليدهِ وجمالهِ في هذه الأقمشةِ الرّثّةِ الباليةِ الهشّةِ التي تَهلَكُ معَ استفتاحِ سَهُوك من الرّياحِ وتَتبعثُر كالسراب ونتبعثرُ نحنُ أيضا.
ومَنْ قالَ إنَّ لكَ وَطناً؟ نَحنُ لا نَهِبُ الأوطانَ كَاملةً نحنُ نُوجِزها ونُلَخِصُها وَنَجودُ عَليكَ بِفُتَاتِ المائدةِ وفضلاتِ الطعامِ لنُبْقيكَ حيّاً على قَيدِها، نحنُ وكلاءُ اللهِ لقبضِ الأرواحِ نَنوبُ عنْهُ لنُطيلَ أمَدَكَم أو نُقَصّرَها هكذا نحنُ لا نُسدِدُ الالتزاماتِ المُبرمةَ بيننا ولنْ نُكْسِيكَ ثَوباً على مقاسِ أطرافِك أبدا .
وفي الفَلَقِ المُقلقِ اللاحقِ تصدّقَ اللهُ عليهِ وليداً طاهراً، عبئاَ آخراً مُضافاً مُتمِّماً للفجيعةِ المُمتدةِ للحيلةِ المُعدّة سالفاً وأيُ خديعةٍ تُدبَّرُ هَكذا لِتَركُلَكَ بعيداً إلى حُضنِ القِماشِ لِتَتَهاوى كالقِماشِ، نعم ستصبحُ قِماشاً مُهملاً للكَبّ لاحقاً، وأمّا الوليدُ الواهبِ فمَنْ تكونُ؟ ابنُ أيُ رقعةٍ أنتَ؟ وإلى مَنْ تنتمي؟ ولِمن سَتقدمُ الولاءَ والطّاعةَ؟ ومَنْ هوَ رئيسُكَ؟ سَتُرقَّمُ في سجلاتِ مُفوضيةِ القمحِ والكفّينِ مَنفياً مَطروداً، سَتُكَنّى بابنِ الخيمةِ اللَّعينةِ أمّا مَنْ بَقيَ في الدّاخلِ لا يزالُ يَحتفظُ بصورةِ رئيسهِ مُعَلّقاً في مُخيّلتِهِ كَما يَشتهون أو كَما يَشتهي هو.
ويَبقى وَجهُ المأساةِ الكُبرى مًنْ يَتخذُ مِنَ الخَيمةِ خَيالَ وَطن، أيّها الوَطنُ البديلُ، الوطنُ المُتنقّلُ، الوطنُ الظلُّ، الوطنُ المُفرَغُ مِنَ الوطنِ والمشبعُ بالوطنيّةِ. لا تيأسي أيّتها الخيمةُ الوطنُ لنْ تكوني رَطبةً و باردة، ثقي تماماً إنَّ هذا المُشرَّدَ سَيُغدِقُكِ دِفئاً لا لُبسَ فيه ولا إبهام، هذا المطرودُ المُبعدُ بِغبْنٍ فاحشٍ سيكونُ ظلُّكِ على أنْ تكوني ظلَّ وطنِهِ النازفِ، قدْ يخونكِ العراءُ ولكنْ لن يخونَكِ ظلَّهُ فلا مَكيدةَ لِلأظلالِ، تسرَّبتِ البرودةُ إلى بَطنِها فألَّفَ المُشرَّدُ الحطبَ اليابسَ والمُبللَ وأعدَّها لتلقينِها علومَ النار فتَأجّجَ الحَطبُ لَهباً في يَقينها قَاذفاً الدَّخانَ المُبدَّدَ عَالياً لِيمتلئَ الوجودُ اختناقاً.
لا تَقتربْ، الخيمةُ تَحترق، الوطنُ يَحترق ...
مقالات أخرى
10 مايو 2019
30 يناير 2019
26 أكتوبر 2018