شهر مرّ على إطلاق خليفة حفتر هجومه على العاصمة الليبية طرابلس في 4 إبريل/نيسان الماضي، لم ينجح خلاله في تحقيق أي تقدّم يذكر، على الرغم من الغطاء السياسي الدولي الذي وفّرته له فرنسا وروسيا ومنعتا إصدار قرار بمجلس الأمن الدولي لوقف القتال، إضافة إلى الدعم العسكري خصوصاً من الإمارات ومصر، والذي ظهر تحديداً في قصف طائرات "عربية" على طرابلس، وفق إعلان حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج. وكانت الحصيلة التي أنتجها الهجوم سقوط قرابة الـ400 قتيل وألفي جريح، بينهم مدنيون، إضافة إلى نزوح أكثر من 55 ألف مواطن.
وفي ظل نجاح قوات الحكومة عبر عملية مضادة في دفع مليشيات حفتر إلى مناطق كانت تقدّمت إليها في بداية الهجوم، واستمرار ضغط هذه القوات لإبعاد المليشيات نهائياً عن العاصمة، فإن حفتر اتجه إلى تكثيف القصف الجوي، عبر الطيران الحربي والطائرات المسيّرة عن بُعد، مع تركّز المعارك خصوصاً قرب مطار طرابلس وقصر بن غشير. في هذا الوقت، برز سياسياً محاولة فرنسا تبرئة نفسها من دعم حفتر، على الرغم من الدفاع عن دوره في "محاربة الإرهاب"، فيما كانت إيطاليا تتحدث عن "انتعاش الإرهاب منذ إطلاق حفتر لهجومه".
وشهدت مناطق المطار وقصر بن غشير، اشتباكات عنيفة منذ ليل الخميس وحتى صباح أمس الجمعة، مع سعي مليشيات حفتر لصدّ هجوم مضاد من قوات الحكومة. وقال المتحدث باسم عملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق، محمد قنونو، إن قوات الحكومة تقدّمت باتجاه منطقة قصر بن غشير، كما سيطرت على أجزاء كبيرة من المطار، فيما تحاول مليشيات حفتر المحافظة على تمركزها في المنطقة. وقال قنونو إن طيران حفتر لم يتوقف "عن قصف طريق المطار ودار المطار في محاولة لاستهداف قواتنا المتقدمة في هذا المحور". وأشار إلى أن الطائرات المسيّرة عن بُعد التابعة لحفتر لم تتوقف عن القصف ليل الخميس، مؤكداً أن طيران الحكومة دمّر رتلاً تابعاً لحفتر في منطقة بورشادة القريبة من غريان كان في طريقه لإمداد مليشيات جنوب طرابلس.
وتسبّب اتساع رقعة المواجهات وتحوّلها من منطقة إلى أخرى في دفع مزيد من المدنيين للنزوح عن مناطقهم، وذكر الهلال الأحمر الليبي في بيان أنه تلقى بلاغات استغاثة من الأسر العالقة ويحاول فتح ممرات آمنة لها لا سيما في منطقة القبائلية في عين زارة. وكانت حكومة الوفاق قد أعلنت الخميس أنّ عدد النازحين جراء المعارك الدائرة حول طرابلس ارتفع إلى 55 ألف نازح.
ولا توجد مؤشرات تدل على قرب وقف المعارك، وبحسب "رويترز"، فإن مليشيات حفتر حشدت خلال الأيام الماضية المزيد من المقاتلين والأسلحة الثقيلة على خط المواجهة. ويترافق ذلك مع استمرار الدعم الأجنبي لحفتر عبر القصف الجوي. وفي هذا السياق، قال المستشار في مسائل الدفاع والمختص في الشأن الليبي، أرنو دولالاند، لوكالة "فرانس برس"، إن الضربات الجوية التي شُنت على طرابلس غير ممكنة بالمعدات الجوية المتوفرة في ليبيا. وأوضح أن "بقايا الصواريخ التي عثر عليها بعد الضربات لا تترك شكاً بشأن مصدرها: صواريخ إل جي 7 صناعة الصين، تُسمى أيضاً بلو آرو 7، والتي يمكن لطائرات وينغ لونغ 2 المسيرة الصينية الصنع فقط حملها إلى هذه المنطقة". وأضاف "الإمارات تملك منها ونشرتها في قاعدة الخادم (شرق ليبيا). واستخدمها التحالف بقيادة السعودية أيضاً في اليمن. وباتت القوات الجوية المصرية أيضاً تملك منذ أكتوبر/تشرين الأول طائرات وينغ لونغ".
اقــرأ أيضاً
سياسياً، رحب المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، بنجاح مجلس النواب في عقد جلسة في طرابلس يوم الخميس. وقال المجلس الرئاسي، في بيان صباح أمس الجمعة، إن "الاعتداء على العاصمة ومدن أخرى هو ضرب لمسار التوافق واعتداء على الشرعية"، مضيفاً "لقد حان الوقت ليستعيد نواب الأمة دور مجلسهم ليؤدي واجبه في حماية المواطنين وليساهم في وقف سيطرة شهوة السلطة والتسلط ومن يريد أن يعيد البلاد إلى الحكم الشمولي والعسكري".
في موازاة ذلك، رفض وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان اتهامات حكومة الوفاق لبلاده بدعم حفتر في هجومه الحالي، وقال إن هدف فرنسا هو "محاربة الإرهاب"، وهو ما يتماهي مع الحديث الإماراتي الذي ترجم بحديث وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش عن أولويات أبوظبي في ليبيا وهي "مواجهة التطرف والإرهاب ومساندة الاستقرار للخروج من الأزمة".
وأضاف لودريان، في تصريحات لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية أمس، إن باريس لم تكن على علم بأن حفتر سيشن الهجوم على طرابلس، على الرغم من زيارته بنغازي وطرابلس قبيل انطلاق الهجوم بأيام. وتابع "أدركت، على خلاف توقعاتنا، أن الوضع يكتنفه الجمود. وكان السراج مثل حفتر متردداً في تخطي العقبات" من أجل إبرام اتفاق سياسي. وتابع "في كلّ المحادثات التي أجريتها مع حفتر، ذكّرتهُ دائماً، عندما لم يكُن متحلّياً بالصبر، بالحاجة إلى حل سياسي". وقال لودريان "إننا بصفتنا أطرافاً في التدخل العسكري عام 2011، ولأن المتابعة السياسية لم تتم بعد سقوط معمر القذافي، فإننا نتحمل أيضاً جزءاً من المسؤولية في هذه الأزمة". ونفى انحياز بلاده إلى حفتر، قائلاً "صحيح أننا نعتقد أن حفتر جزء من الحل... فهو قاتل ضد الإرهاب في بنغازي وجنوبي ليبيا، وهذا كان في مصلحتنا ومصلحة بلدان الساحل وجيران ليبيا... غير أن باريس لم تكن تتوقع أن يشن حفتر هجوماً على طرابلس". وأوضح أن "فرنسا منخرطة في الملف الليبي من أجل مكافحة الإرهاب، وهذا هدفنا الرئيسي في المنطقة، وتجنّب انتقال العدوى إلى دول مجاورة مثل مصر وتونس، وهي دول أساسية بالنسبة إلى استقرارنا". وأشار إلى أنه "من دون انتخابات، لا يمكن لأي طرف ليبي أن يزعم أنه شرعي بالكامل". ورداً على اتهام وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا، لباريس بدعم حفتر، ردّ لودريان بأنّ "فرنسا دعمت باستمرار حكومة السراج".
مقابل حديث لودريان عن أن هدف بلاده "محاربة الإرهاب" في ليبيا، كان وزير الخارجية الإيطالي إنزو موافيرو ميلانيزي، يسجّل "مفارقة" أنه "في أعقاب هجوم حفتر على طرابلس بهدف محاربة الإرهابيين، تم تسجيل انتعاش للإرهاب". وفي جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، خُصصت للوضع في ليبيا، أضاف ميلانيزي "أن الزحف الميداني لقوات حفتر باتجاه طرابلس، أصبح حرب مواقع تقريباً، ومع حالة جمود كبيرة، وهناك ضحايا بين السكان المدنيين". ولفت إلى أن "كل هذا أدى إلى اضطراب الوضع العام في البلاد، مع التأثير التناقضي لعودة الإرهاب وانتعاشه"، والذي "كان القضاء عليه، الهدف الذي طرحه حفتر". وحذر من أن "كل هذا يؤكد أن الوضع في ليبيا معقّد وقابل للتدهور"، مندداً بأنه "خلال هذا الشهر كان هناك تصعيد من ناحية الأسلحة، مع استخدام المدفعية الثقيلة، وإطلاق قذائف متطورة، وصواريخ حديثة، وأيضاً استخدام الطيران".
وفي ظل نجاح قوات الحكومة عبر عملية مضادة في دفع مليشيات حفتر إلى مناطق كانت تقدّمت إليها في بداية الهجوم، واستمرار ضغط هذه القوات لإبعاد المليشيات نهائياً عن العاصمة، فإن حفتر اتجه إلى تكثيف القصف الجوي، عبر الطيران الحربي والطائرات المسيّرة عن بُعد، مع تركّز المعارك خصوصاً قرب مطار طرابلس وقصر بن غشير. في هذا الوقت، برز سياسياً محاولة فرنسا تبرئة نفسها من دعم حفتر، على الرغم من الدفاع عن دوره في "محاربة الإرهاب"، فيما كانت إيطاليا تتحدث عن "انتعاش الإرهاب منذ إطلاق حفتر لهجومه".
وتسبّب اتساع رقعة المواجهات وتحوّلها من منطقة إلى أخرى في دفع مزيد من المدنيين للنزوح عن مناطقهم، وذكر الهلال الأحمر الليبي في بيان أنه تلقى بلاغات استغاثة من الأسر العالقة ويحاول فتح ممرات آمنة لها لا سيما في منطقة القبائلية في عين زارة. وكانت حكومة الوفاق قد أعلنت الخميس أنّ عدد النازحين جراء المعارك الدائرة حول طرابلس ارتفع إلى 55 ألف نازح.
ولا توجد مؤشرات تدل على قرب وقف المعارك، وبحسب "رويترز"، فإن مليشيات حفتر حشدت خلال الأيام الماضية المزيد من المقاتلين والأسلحة الثقيلة على خط المواجهة. ويترافق ذلك مع استمرار الدعم الأجنبي لحفتر عبر القصف الجوي. وفي هذا السياق، قال المستشار في مسائل الدفاع والمختص في الشأن الليبي، أرنو دولالاند، لوكالة "فرانس برس"، إن الضربات الجوية التي شُنت على طرابلس غير ممكنة بالمعدات الجوية المتوفرة في ليبيا. وأوضح أن "بقايا الصواريخ التي عثر عليها بعد الضربات لا تترك شكاً بشأن مصدرها: صواريخ إل جي 7 صناعة الصين، تُسمى أيضاً بلو آرو 7، والتي يمكن لطائرات وينغ لونغ 2 المسيرة الصينية الصنع فقط حملها إلى هذه المنطقة". وأضاف "الإمارات تملك منها ونشرتها في قاعدة الخادم (شرق ليبيا). واستخدمها التحالف بقيادة السعودية أيضاً في اليمن. وباتت القوات الجوية المصرية أيضاً تملك منذ أكتوبر/تشرين الأول طائرات وينغ لونغ".
سياسياً، رحب المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، بنجاح مجلس النواب في عقد جلسة في طرابلس يوم الخميس. وقال المجلس الرئاسي، في بيان صباح أمس الجمعة، إن "الاعتداء على العاصمة ومدن أخرى هو ضرب لمسار التوافق واعتداء على الشرعية"، مضيفاً "لقد حان الوقت ليستعيد نواب الأمة دور مجلسهم ليؤدي واجبه في حماية المواطنين وليساهم في وقف سيطرة شهوة السلطة والتسلط ومن يريد أن يعيد البلاد إلى الحكم الشمولي والعسكري".
في موازاة ذلك، رفض وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان اتهامات حكومة الوفاق لبلاده بدعم حفتر في هجومه الحالي، وقال إن هدف فرنسا هو "محاربة الإرهاب"، وهو ما يتماهي مع الحديث الإماراتي الذي ترجم بحديث وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش عن أولويات أبوظبي في ليبيا وهي "مواجهة التطرف والإرهاب ومساندة الاستقرار للخروج من الأزمة".
مقابل حديث لودريان عن أن هدف بلاده "محاربة الإرهاب" في ليبيا، كان وزير الخارجية الإيطالي إنزو موافيرو ميلانيزي، يسجّل "مفارقة" أنه "في أعقاب هجوم حفتر على طرابلس بهدف محاربة الإرهابيين، تم تسجيل انتعاش للإرهاب". وفي جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، خُصصت للوضع في ليبيا، أضاف ميلانيزي "أن الزحف الميداني لقوات حفتر باتجاه طرابلس، أصبح حرب مواقع تقريباً، ومع حالة جمود كبيرة، وهناك ضحايا بين السكان المدنيين". ولفت إلى أن "كل هذا أدى إلى اضطراب الوضع العام في البلاد، مع التأثير التناقضي لعودة الإرهاب وانتعاشه"، والذي "كان القضاء عليه، الهدف الذي طرحه حفتر". وحذر من أن "كل هذا يؤكد أن الوضع في ليبيا معقّد وقابل للتدهور"، مندداً بأنه "خلال هذا الشهر كان هناك تصعيد من ناحية الأسلحة، مع استخدام المدفعية الثقيلة، وإطلاق قذائف متطورة، وصواريخ حديثة، وأيضاً استخدام الطيران".