حفتر يُعدّ لعمليات عسكرية ضد "الوفاق"... ويسعى للاستيلاء على المنافذ الحدودية الغربية

12 ابريل 2020
تراجع قوات حفتر بمناطق جنوب طرابلس (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
يحاول اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر وحلفاؤه كسب الوقت من أجل الإعداد لعمليات قتالية جديدة واسعة، في الوقت الذي يحاول فيه تهديد حكومة الوفاق بإحكام خناق الحصار عليها من خلال التلويح بقطع إمدادات الوقود، بعد قطع المياه والكهرباء عن العاصمة طرابلس ومحيطها، واستهداف مواقع الخدمات الصحية.

وإزاء اعترافات وسائل إعلام موالية لحفتر بتراجع قواته بشكل ملحوظ في مناطق جنوب طرابلس، وتحديداً منطقة المشروع، بسبب الضربات المدفعية الموجهة إلى مواقعه من قبل قوات الحكومة، تستمر الأخيرة في استهداف الصفوف الخلفية لقوات حفتر وخطوط الإمداد.

وقال المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب"، عبد المالك المدني، إن سلاح الجو لم يتوقف عن استهداف أي تمركز أو أي هدف متحرك في مناطق جنوب وغرب شرق طرابلس، وصولاً إلى محيط سرت، لافتاً إلى أن آخر الطلعات الجوية استهدفت آلية مسلحة في منطقة تينياني جنوب بني وليد (180 كم جنوب شرق طرابلس)، ما أدى إلى مقتل من على متنها.

وفيما أكد المدني، في حديثه لــ"العربي الجديد"، هدوء الجبهات في محيط طرابلس، أشار إلى أن قوات حفتر مستمرة في توجيه الضربات الصاروخية على المنشآت المدنية، من بينها قصف صاروخي على مخازن الأدوية في منطقة السواني جنوب طرابلس.


ويرجّح الخبير الأمني الليبي، الصيد عبد الحفيظ، أن كثافة الاستهداف الصاروخي والمدفعي المركّز على المنشآت الصحية يتكامل مع حصار الماء والكهرباء، مشيراً إلى أن "تدمير مقومات ومقدرات الحكومة الصحية سيجعلها في مأزق كبير مع وباء كورونا، ولا سيما أن الرأي العام الدولي يقف مكتوف الأيدي ولا يسمي الجهة المعتدية".

إلى ذلك، كشف مصدر برلماني من طبرق مقرب من قيادة قوات حفتر عن تحول كبير في خطط حفتر، موضحاً أنه يستهدف توسيع رقعة سيطرته بعيداً عن محيط طرابلس وسرت.

وقال البرلماني، الذي تحدث لــ"العربي الجديد"، إن قيادة حفتر تُعد للاستيلاء على المنافذ الحدودية الغربية للبلاد، تزامناً مع عودة إماراتية إلى ساحة الحرب، ما يعتبره عبد الحفيظ، في حديثه لــ"العربي الجديد"، عملاً عسكرياً يتكامل مع المهمة الأوروبية التي ستشارك في عملية حصار حكومة الوفاق من جهة البحر.

وأكد كثير من المراقبين أن المهمة الأوروبية الجديدة التي تحمل اسم "ايريني" تهدف إلى قطع تواصل تركيا مع حكومة الوفاق بداية للحد من نفوذها في البحر المتوسط، إلا أن عبد الحفيظ لا يرى أن "ذلك يعني توافقاً أوروبياً مع حفتر ومشروعه العسكري، بل يؤكد أن حفتر يقتنص الفرصة لضرب حصار شامل على حكومة الوفاق، من خلال سدّ المنافذ البرية عنها بعد التضييق الأوروبي البحري".

وأضاف البرلماني الليبي أن "ما يجري حالياً من جانب حفتر هو تكثيف الاتصالات مع القبائل والمكونات السكانية الكبيرة التي تشغل المناطق المطلة على كامل الحدود الغربية، من بينها قبائل الأمازيغ التي تؤمّن منفذي راس جدير وذهبية مع تونس، تزامناً مع تسليح قبائل ذات تاريخ عدائي مع الأمازيغ، كالنوائل والحميدات، لتكون عامل تهديد لها".

وهدد المجلس العسكري لمدينة نالوت الجبلية، غرب البلاد، في بيان له أول أمس الجمعة، حكومة الوفاق بسحب جميع قواته من كل النقاط الحدودية الممتدة على مسافة نحو 450 كلم على مستوى الشريط الحدودي بين ليبيا وتونس، مطالباً الحكومة بسرعة توفير الدعم اللازم لتأمين مواقعه.

وإضافة إلى عجز حفتر عن إحراز أي تقدم عسكري جنوب طرابلس وفي محيط سرت، التي باتت مهددة من قبل قوات الحكومة، تزامناً مع سيطرة الأخيرة على كامل الأجواء في المنطقة الغربية، يرى الأكاديمي الليبي، خليفة الحداد، أن خطوة حفتر الجديدة ستكسبه أمرين: أولهما نقل اهتمام قوات الحكومة بعيداً عن مواقعه الضعيفة في محيط طرابلس وسرت، إضافة إلى كسبه المزيد من المواقع الاستراتيجية، كالمنافذ الحدودية. والثانية قد تكون من خلال إعلانه القبول بوقف إطلاق النار.

 وأشار الحداد، في حديثه لــ"العربي الجديد"، إلى تغريدة كتبها وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، قال فيها إنه ناقش مع رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالوكالة، ستيفاني ويليامز، ضرورة وقف إطلاق النار في ليبيا، وأن بلاده تدعم مسار برلين للحل السياسي، مؤكداً أن توقيت هذه التغريدة لا يمكن أن يشير إلى شيء سوى تحول في مجريات الميدان من جانب حفتر.

ويرى الحداد إمكانية كبيرة لتحولات جديدة على الصعيد السياسي ورضوخ حفتر، ولو مؤقتاً، لهدنة أو لوقف إطلاق النار، إلا أن عبد الحفيظ يرجّح أن الخطوة ستكون لكسب الوقت، كما هو معروف عن حفتر.

وأوضح أن "اتجاه حفتر للسيطرة على المنافذ البرية سببه بعدها عن نطاق سلاح الجو التابع للحكومة"، مضيفاً: "إذا كان حفتر قد وصل إلى الاعتراف بالهزيمة، ومن ورائه الإمارات، كما قد يفهم من تدوينة قرقاش، فلماذا يستمر الجسر الجوي بين قواعد الإمارات ومصر من جانب، ومعسكرات حفتر من جانب آخر".

وأضاف أن "كل المستجدات التي قد تفضي إلى تغيرات ميدانية وشيكة جاءت بسبب نجاح عملية عاصمة السلام التي أقصت خطر حفتر عن طرابلس بنسبة كبير جداً، وباتت تهدد مواقعه، سواء في محيط طرابلس أو سرت".