وافق المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني على التعاقد مع شركة تركية لتعقّب البضائع المستوردة إلى ليبيا إلكترونياً وفق قرار حمل الرقم 346 لسنة 2020، بهدف وقف تدفق السلع مجهولة المصدر، وتقليص عمليات تهريب العملة.
يأتي ذلك بعد إطلاق مصلحة الجمارك التابعة لحكومة الوفاق الوطني، مشروعًا لتعقب البضائع المستوردة من الخارج عبر النظام الإلكتروني لتوفير معلومات مسبقة بشأن السلع المستوردة، من أجل متابعة البضائع ومصدرها قبل وصولها عبر المنافذ البرية أو الجوية أو البحرية، في مسعى لمنع استيراد حاويات فارغة يكون الغرض منها تهريب العملات الصعبة إلى الخارج.
وقال الناطق باسم مصلحة الجمارك، الرائد فهمي حسين الماقوري، لـ"العربي الجديد"، إن الاتفاق يسهم في تتبع حركة البضائع من بلد المنشأ وبوليصة الشحن وسعر العملة المقيدة بها، وكذلك تاريخ الشحن وموعد الوصول، إضافة إلى معرفة الجهة المتعاقد معها والموردة للبضائع، وذلك لوقف تدفق السلع مجهولة المصدر.
وأضاف أن المجلس الرئاسي أذن لمصلحة الجمارك بالتعاقد مع الشركة التركية لتنفيذ مشروع نظام التعقّب بتوصية من منظمة بريطانية مختصة بهذا المجال.
الخبير الجمركي عبد الإله الهلالي أكد لـ"العربي الجديد" أن مشروع تتبع السلع متوقف بقرار حكومي منذ عام 2015 لأسباب مجهولة. وقال إن مصلحة الجمارك درّبت العناصر البشرية على طريقة العمل بالمنظومة التي تسهم إلى حد كبير في تقليص عمليات تهريب العملة ومعرفة كميات البضائع التي تصل إلى ليبيا تباعًا.
وقال الخبير الجمركي عبدالرحمن البحيري، إن القرار لن يطبق إلا في نطاق حكومة الوفاق الوطني، بسبب الانقسام السياسي الحاصل في البلاد.
وكانت وزارة الاقتصاد في حكومة الوفاق الوطني قد أعلنت أن إحدى الشركات المعنية باستيراد المواد الغدائية والمواشي ورّدت شُحنة أغنام وهمية عبر فتحها اعتمادًا في سنة 2020 لدى "مصرف الجمهورية" فرع صرمان بقيمة 2.301 مليون يورو.
وقال المحلل الاقتصادي وئام المصراتي لـ"العربي الجديد"، إن عملية تتبع البضائع قبل دخولها إلى ليبيا سوف تسهم بشكل كبير في تنظيم السوق المحلي ومعرفة الشركات التي تقوم بعملها بشأن توفير سلع للسوق وأسعارها وكمية البضائع وجودتها، مضيفًا أن عمليات توريد السلع عبارة عن فوضى وعشوائيات منذ عام 2011، ما ساهم في وجود شركات لتهريب العملة وأُخرى تورد سلعًا فاسدة.
وشهدت أسعار المستهلكين المُعبّر عنها بمؤشر التضخم، ارتفاعًا مُضاعفًا في الأسواق الليبية منذ مطلع العام الحالي، مثل شح الدولار في المصارف التجارية، حيث تعتمد ليبيا على استيراد معظم احتياجاتها البالغة نحو 85% من السلع.
وأعلن مصرف ليبيا المركزي أن إجمالي إيرادات النقد الأجنبي «بلغ 3.6 مليارات دولار، منها 2.051 مليار دولار عن صادرات نفطية لسنة 2019، في حين بلغ إجمالي مدفوعات النقد الأجنبي 7.935 مليارات دولار خلال النصف الأول من العام الجاري.
ولجأت ليبيا مند عام 2015، إلى اتخاذ عدة إجراءات تقشفية بسبب تراجع احتياطي النقد الأجنبي، وتدني إنتاج النفط وانخفاض أسعاره عالميًا، فضلًا عن ارتفاع عجز الموازنة العامة مع استمرار العنف والصراعات المسلحة والانقسام السياسي ونضوب مصادر الدخل.
وكان مكتب النائب العام في طرابلس، قد أكد سابقًا أن 230 شركة تجارية متورطة في عمليات فساد تتعلق بالاعتمادات المستندية، مضيفًا أن شركات عدة زوّرت قرارات جمركية من دون توريد بضاعة، أو ورّدت بضاعة بقيمة أقل من تلك الممنوحة من المصارف، أو جلبت حاويات فارغة من أجل التمويه.