لهذه الأسباب يغيّر الناس مسار حياتهم... فجأة

28 نوفمبر 2019
هي حريصة على عدم إلحاق الضرر بصغيرها (Getty)
+ الخط -

في بعض الأحيان، نجد أنّ ثمّة أشخاصاً تغيّروا فجأة، فيتّخذون على سبيل المثال قرارات صعبة كانوا يظنّون أنّها تستحيل عليهم، من قبيل الإقلاع عن التدخين أو عن تعاطي المخدرات أو الكحول أو الإفراط في تناول الطعام أو حتى السيطرة على غضبهم. والتغييرات الطارئة من دون مقدّمات ليست غامضة على مَن حولهم فحسب إنّما بالنسبة إليهم كذلك.

ولعلّ الإجابة الأكثر شيوعاً بين هؤلاء عند سؤالهم عن سبب التغير الجذري في حياتهم، هي أنّهم لا يدرون. هذا ما دوّنه الدكتور مارتي نيمكو، من جامعة كاليفورنيا - سان فرانسيسكو، في مقال له نشره على موقع مجلّة "سايكولوجي توداي" المتخصصة في علم النفس. لكنّه يشير إلى أفكار معيّنة أو وقائع حسمت التغيير وقد تراكمت لا شعورياً في نفس هؤلاء.

بالنسبة إلى نيمكو، فإنّ الوقوع في الحبّ أو الافتتان بشخص ما قادران على جعل كلّ شيء يبدو أكثر قابلية للتنفيذ، خصوصاً حين يريد المعنيّ ترك انطباع جيّد لدى شخص مميّز. كذلك يلفت نيمكو إلى تأثير الأمومة على القرارات، شارحاً أنّ نساء كثيرات أقلعنَ عند إنجابهنّ أطفالهنّ الأوائل عن التدخين أو تعاطي المخدرات، على الرغم من أنّهنّ كنّ يشعرنَ في السابق بعجزهنّ عن القيام بذلك، وذلك على خلفيّة حرصهنّ على عدم إلحاق الضرر بصغارهنّ. يضيف أنّ ثمّة أمّهات يلجأنَ إلى ذلك في وقت لاحق، خوفاً من تأثّر أطفالهنّ بهنّ في حال رؤيتهنّ وهنّ يتناولنَ الكحول أو يتعاطينَ المخدرات أو السجائر.

كذلك، للموت أثره الكبير على قرارات المرء، بحسب ما يؤكد نيمكو، لا سيّما فقدان فرد من أفراد العائلة. ويشرح أنّ الموت يجعل كل واحد منّا يدرك أنّه كذلك على الطريق نحو الموت، لذا فإنّ الوقت يداهمه وعليه بالتالي التطوّر، وعلى سبيل المثال الانطلاق في حياة مهنية حقيقية. وإذا كان المتوفّى في مثل سنّنا أو من جيلنا، فهذا حافز لجعلنا نستمتع أكثر بالحياة وندرك أنّها قصيرة. في سياق متصل، يتحدّث نيمكو عن أشخاص يتعاملون مع فقدان الوظيفة كفرصة هي الأهمّ في حياتهم، فيعملون على تحسين نمط حياتهم ليثبتوا هذه الفرضيّة، ويحاولون التخلّص من فكرة الخوف وكذلك الخسارة عبر إحداث تغيير كبير. ويلفت نيمكو إلى أنّ ثمّة أشخاصاً يتعرّضون إلى نقد لاذع فيسعون بالتالي إلى إثبات أنفسهم من خلال تغييرات جذرية، علماً أنّ توجّه علم النفس يميل إلى تشجيع الناس على الثناء بدلاً من الانتقاد.




جليل (41 عاماً) من سكّان لندن يقرّ لـ"العربي الجديد" بالتغيير الجذري المفاجئ الذي أتى به. يخبر: "قرّرت أن أتوقّف عن القمار (الميسر) بعد أكثر من عشرة أعوام من هدر أموالي التي كنت أجهد لتحصيلها في خلال ساعات عمل طويلة يومياً. أمّا الخسارة فلم تكن تتطلب أكثر من دقائق على طاولة القمار". يضيف جليل: "وكنت كلّما خسرت مبلغاً كبيراً من المال أقسم بأنّني لن أعود مجدداً إلى القمار، لكنّني سرعان ما كنت أجد نفسي على طاولته مرّة أخرى كما لو كنت مدمناً المخدّرات. بالتالي، كنت كلّما عدت إلى المنزل أخجل من النظر في عيون أطفالي وأخاف عليهم من الانجراف في مثل نمط الحياة هذا إن علموا أنّ والدهم مقامر. وفي يوم قرّرت حسم أمري، اتّصلت بجهات متخصصة وطلبت منها المساعدة، فأُدرج اسمي على قائمة الممنوعين من دخول الكازينوهات ومراكز القمار الأخرى في البلاد لمدّة عشرة أعوام. كان الأمر صعباً لكنّني سعيد باتخاذ قراري ذلك".
دلالات