وقال الباحثون إن البشر الذين كانوا يصطادون ويتغذون على لحوم الحيوانات، كان عليهم أن يبذلوا جهدًا أكبر في عملية المضغ من أولئك الذين اعتمدوا على غذاء أكثر ليونة، كالحبوب والأجبان.
وأفاد ديفيد كاتز، باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة "كالغاري"، أن قوة العظام والعضلات في إنسان المجتمعات الزراعية، كانت تتراجع عند عدم الضغط على الفك، وأضاف: "يتضح تأثير حقبة الزراعة بشكل واضح، على مناطق الجمجمة التي تتعرض للإجهاد خلال المضغ، حيث ينخفض الضغط عليها كلما كانت النظم الغذائية تعتمد على غذاء أكثر ليونة بشكل عام".
ولاحظ علماء الآثار منذ وقت طويل أن جماجم البشر بدأت بالتقلص عبر التاريخ، إلا أن قياس هذا التغير لم يكن ممكنًا إلا بعد رسم خرائط لجماجم تعود لحقبة المجتمعات الزراعية، ومقارنتها بأخرى تعود لحقبة الصيادين الذين اعتمدوا على الحيوانات والنباتات في وجباتهم الغذائية منذ حوالي 10000 سنة، وفقًا لصحيفة "ديلي ميل".
ودرس الباحثون أكثر من 1000 جمجمة وفك، يعودون للمجتمعات ما قبل الصناعية في جميع أنحاء العالم، وينتمون لكلتا مجموعتي الصيادين والمزارعين، فوجدوا أن العضلة الصدغية (إحدى عضلات المضغ الرئيسية) تقلصت وتغيرت مع الزمن بتغير نوع الغذاء، مما أدى إلى جعل الفك العلوي أقصر، والفك السفلي أصغر.
ويؤكد الدكتور كاتز أن اختلاف شكل الفك باختلاف الغذاء، مجرد مثال على التطور البيولوجي الذي أدى إلى تغيير كامل شكل الوجه عند البشر، ويضيف: "لوحظت أكبر التغيرات في شكل الجمجمة لدى المجموعات التي كانت تستهلك منتجات الألبان، مما يشير إلى أن تأثير الحقبة الزراعية يزداد حتى بين المزارعين كلما زادت ليونة الغذاء".
وقالت الأستاذة المساعدة في جامعة بوفالو، نورين فون كرامون-توباديل إن نتائج التغيرات في الأنظمة الغذائية صغيرة ولكنها متسقة. وأضافت: "لا يمكن المبالغة بالقول إن آثار الانتقال إلى الزراعة كبيرة في بيولوجيا الإنسان الحديث، إلا أن مجموعة البيانات العالمية التي اعتمدت على نهج تحليلي متطور، وضحت العلاقة بين شكل الجمجمة التشريحي، ومضغ الأغذية اللينة".
وأشارت دراسة سابقة أجرتها جامعة "كامبريدج"، إلى أن الهياكل العظمية البشرية أصبحت أخف وزنًا، وأكثر هشاشة بعد اكتشاف الزراعة، بسبب تحول الإنسان من البحث عن الفرائس إلى تناول منتجات الألبان، حيث كانت كتلة العظام بين الصيادين أعلى بنسبة 20 بالمئة، والتي تعادل ما سيفقده الإنسان العادي بعد 3 أشهر من انعدام الوزن في الفضاء، وفقًا لأحدث ما نشر في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم.
(العربي الجديد)