لهذه الأسباب تعثرت "عاصفة الجنوب" في درعا

02 يوليو 2015
تدور المعارك بين "جيش الفتح" و"لواء شهداء اليرموك" (الأناضول)
+ الخط -
يتواصل اللغط المرافق لمعركة "عاصفة الجنوب" في محافظة درعا، مع التذبذب الذي يعتريها بين مدٍّ وجزرٍ وتداخل عوامل عدة، داخلية وخارجية في سير المعركة. وعلى الرغم من اتفاق الفصائل المعارضة، يوم الاثنين، على إعادة إطلاق المعركة بزخم جديد، إلا أن النتائج ظلّت محدودة، مع تحقيق تقدم محدود في حي المنشية بدرعا البلد، حيث سيطر مقاتلو المعارضة على حاجز النجيب، ودمّروا مقرّ العمليات الخاصة بقوات النظام في الحيّ، من دون أن يتمكنوا من طردها بسبب قوة تحصيناتها، وفق ما أفادت مصادر عسكرية لـ"العربي الجديد".

وحاولت قوات المعارضة خلال الفترة الماضية زيادة حدة قصفها لتجمعات النظام، سواء في درعا البلد أو البانوراما والمناطق الأخرى في درعا المحطة. وأوقعت المعارضة خسائر كبيرة بالفعل في قوات النظام، من خلال استخدامها لصاروخ جديد تم تطويره محلياً، أطلقت عليه اسم "العاصفة"، ويتجاوز وزنه المائة كيلوغرام.

مع ذلك، لم تتمكن الفصائل من استغلال القصف بتقدّمٍ على الأرض، وظلّت عرضة لقصف طيران النظام الحربي والمروحي الذي يحلّق بكثافة في مجمل سماء المحافظة. وتمكّن حتى الآن من شلّ قدرة المقاتلين على القيام بهجوم كبير مركّز، موقعاً خسائر كبيرة في صفوف مقاتلي المعارضة والمدنيين.

وأفاد ضابط في أحد ألوية الجيش الحر المشاركة في المعركة، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "كتائب المعارضة تتبع سياسة جديدة يتم من خلالها رفع وتيرة العمليات تدريجياً، خلافاً للمعارك السابقة، وذلك بهدف استنزاف قوات النظام بعد قطع الطريق الوحيد المؤدي إلى المدينة من خربة غزالة، وثم الانقضاض على مواقعها بعد إنهاكها بالحصار والقصف والهجمات الخاطفة".

اقرأ أيضاً: المعارضة تستنزف النظام في درعا والقنيطرة

إلا أن ناشطين شككوا بكون هذه استراتيجية حقيقية أو أنها مجرد ذرائع، لتبرير عجز هذه الكتائب عن إنجاز تقدم خلال الأيام الماضية بسبب الخلافات المستعرة في ما بينها، وبسبب الدور السلبي الذي تؤديه غرفة "الموك" في الأردن، وهي غرفة العمليات الإقليمية والدولية التي تقدم الدعم لمقاتلي المعارضة في الجنوب.

وقال الناشط تامر الرفاعي، لـ"العربي الجديد"، إن "قادة الكتائب ربما يحاولون البحث عن أسباب وذرائع لتبرير فشلهم حتى الآن". وأشاد في الوقت نفسه بـ"تضحيات عناصرها واندفاعهم الشديد في أرض المعركة، لكنه اندفاع لم يحسن القادة توظيفه، بسبب الخلافات التي تعيق التنسيق على الأرض، خصوصاً إزاء معركة بهذا الحجم تتطلب حشد كل الجهود، وأقصى درجات التنسيق على الأرض".

أما الناشطة ساره الحوراني، المقيمة في مدينة درعا، فترى أن "أسباب الفشل تعود إلى سوء التنسيق والتنظيم والاستعداد للمعركة، بالإضافة إلى ضعف التفاهم بين الفصائل". وتضيف، في حوارٍ مع "العربي الجديد"، أن "الفصائل دخلت المعركة وكأن النظام سوف ينسحب خلال ساعات قليلة، بينما هو جهّز نفسه واستعد للمعركة بتعزيزات وحفر أنفاق، ليتنقل بواسطتها جنوده، كما نشر قنّاصة مع رشاشات ثقيلة على الأبنية المرتفعة".
ولفتت الحوراني إلى أن "وجود حوالي 30 ألف مدني في المناطق التي يسيطر عليها النظام، أربك قوات المعارضة وشلّ قدرتها على استخدام الأسلحة الثقيلة كالصواريخ والراجمات والمدافع الثقيلة".

وكان ﻗﺎﺋﺪ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ "ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴّﺔ"، ﺍﻟﻌﻘﻴﺪ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﻨﺎﺑﻠﺴﻲ، قد أكد في تصريحات صحافية، أن "الكتائب المشاركة في العمليات تقوم باستمرار بإعادة تقييم المعركة على الأرض، لتجاوز السلبيات، خصوصاً مع ظهور بعض الأهداف والمفاجآت على الأرض، لجهة متانة تحصينات قوات النظام".

وأضاف أن "حرص الكتائب على حياة المدنيين وﺍﻟﻤﻨﺸﺂﺕ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﻭﺍﻷﻣﻼﻙ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، دفعها إلى التأني في المعركة والحذر الشديد في استخدام الأسلحة الثقيلة". ولفت إلى أن "ما أعاق تقدّم الكتائب هو وجود المدنيين في المدينة وعدم التمكن من ﺇﺧﺮاجهم قبل المعركة، فقوات النظام عمدت إلى منعهم من المغادرة بعد اندلاع المعركة، متخذة منهم دروعاً بشرية".

وفي أجواء هذه الخلافات، وتبعثر الجهود، دارت، أمس الأربعاء، اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين "لواء شهداء اليرموك" و"جيش الفتح" في منطقة حوض اليرموك في درعا، وذلك بعد أن أعلن اللواء بدء معركة لفك الحصار عن منطقة الحوض الذي تفرضه فصائل "جيش الفتح"، ودعا أهالي المنطقة لمساندته.

وكان اللواء، المُتهم بمبايعة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أبدى رغبته في المشاركة بمعركة "عاصفة الجنوب" ضد قوات النظام، إلا أن بقية الفصائل رفضت هذه المشاركة. ورأى متابعون أن "معركة درعا ليست بالسهولة التي ربما يكون البعض قد روّج لها، ما جعل التوقعات عالية بإحراز نتائج سريعة على غرار المعارك السابقة مع النظام والتي كانت تتم غالباً في الأرياف". وكشفوا أن "النظام أعدّ نفسه جيداً للمعركة، وحصّن جميع مواقعه بشكل منيع جداً، لأن سقوط المدينة يحرمه من الحدود مع الأردن ومع فلسطين المحتلة، ويمنح قوات المعارضة عمقاً كبيراً في أية معركة مقبلة تنطلق من الجنوب باتجاه دمشق".

اقرأ أيضاً: قصف على درعا و"جيش الإسلام" يعدم 18 من "داعش"

المساهمون