لن أنتخب

28 مارس 2018
بانتظار "اللعبة" الديمقراطية (جوزيف براك/فرانس برس)
+ الخط -


آسفة حضرات المرشحات والمرشحين اللبنانيين القدماء والجدد لأنني لن أمنح صوتي لأي منكم. ليس اعتراضاً على إجبارنا وفق "القانون" بأن ننتخب أبناء الطائفة لا سمح الله، أو رفضاً لفرصة تجريب ما هو مجرب مرة أخرى، أو عدم إيمان مني والعياذ بالله بأن الجدد من بينكم سيفعلون أكثر مما يقولون، بل لأنني بصراحة مواطنة مطالبها تعجيزية لا يمكن لأي مرشح أو لائحة مرشحين، أو حتى مجلس نيابي بأمه وأبيه أن يحققها لي.

لم يعد عندي الصبر ولا الوقت ربما، حتى أنتظر كي تتحول مقترحاتكم إلى نصوص قانونية نافذة. لم أعد أحتمل فكرة أنكم ستبذلون جهوداً "جبارة" وتؤلفون لجاناً، وتعقدون اجتماعات وتسعون لتأليف توافق سياسي وطائفي بشأن مطالب هي من بديهيات الحياة البشرية. صرت عاجزة عن انتظار مسارٍ تمر عبره المطالب من هالك لمالك ومن زيد لعمرو حتى يتحول من مطلب إلى مرسوم ومشروع قانون، ويدور دورته التشريعية والتنفيذية وإلى آخر المعزوفة، قبل أن يبصر النور. هذا يتطلب سنوات طوالا، ولم يبق من العمر أكثر مما مضى، واليأس منكم وبكم ضارب حتى النخاع.


صبرنا سنين حتى عيل صبرنا، فهل من بينكم من يضمن لنا أن عمل الحكومة لن يتعطل وكذلك مجلس النواب خلال سنواتكم الأربع المقبلة؟ وهل تستطيعون تأكيد عدم تمديد ولاياتكم من دون علم اللبنانيين أو رغبتهم؟

إن خوفي بل قناعتي المرجحة بأن صلاحيتكم ستنتهي قبل الإفراج عن برامجكم، لو سلمنا جدلاً بأنها ستبقى "قضيتكم" التي انتخبتم من أجلها، وأنا مواطنة أرفض توريث الزعامات والمطالب أيضاً.

ربما أعود عن قراري لصالح من لديه وصفة سحرية تحوّل الكلام إلى فعل فوري وسريع. وبما أنني أطلب المستحيل أسألكم: هل منكم من يؤكد لي أن وصولكم إلى مجلس النواب يعني أنكم ستسابقون الزمن لتحقيق مطالب الناس؟ هل سترابطون داخل أو عند أبواب البرلمان "بيتكم الثاني"، وتعتصمون وتضربون عن الطعام ولن تتراجعوا قبل الأخذ ببنود حملاتكم الانتخابية التي لا تحتمل التأجيل؟ هل ستعلنون حالة "طوارئ" سلمية تصلون خلالها الليل بالنهار، وتهبون وقتكم وحياتكم لخلاص الناس والبلد؟

هل أنتم مدركون أن مطالب الناس من أصغرها إلى أعظمها مطالب حياة أو موت، وأن النيابة ليست وجاهة وظهورا إعلاميا، ووجوها "تنط" أمامنا، ترغي وتزبد، تهدد وتتوعد، وفي النهاية تذر كلاماً في الهواء كالمعتاد؟

حالنا تدهور إلى ما دون خط الإنسانية. وبما أن مطالبي تحتاج إلى مجلس نيابي ينتشلنا من القعر ويعيد لنا إنسانيتنا، لن أنتخب.
المساهمون