يتسبب الظهور المتكرر لأفراد أسرة الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك بين الحين والآخر في قلق وتوتر بين أركان نظام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي. فكلما شارك أحد أفراد أسرة الرئيس المخلوع في مناسبة اجتماعية، تأتي ردود فعل أجهزة النظام والمقربين منه كاشفة لحالة القلق والتوتر تلك.
وبينما تمتنع وسائل إعلام تماماً عن نشر أخبارهم، يرصد مراقبون كتّاباً محسوبين على نظام السيسي يهاجمونهم، ويصبح السؤال المطروح هو "لماذا يخشى نظام السيسي من أبناء مبارك إلى هذا الحد؟". هل يحدث ذلك بسبب تراجع شعبية السيسي إلى حد كبير نتيجة الإجراءات الاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع رهيب في أسعار جميع السلع والخدمات، أم بسبب علاقات قوية تربط مبارك وعائلته بدول في المنطقة لها تأثير سياسي ومالي كبير، أم لوجود أنصار لمبارك لا يزالون موجودين في أجهزة الدولة المختلفة، لا سيما المؤسسة العسكرية؟
وبينما تمتنع وسائل إعلام تماماً عن نشر أخبارهم، يرصد مراقبون كتّاباً محسوبين على نظام السيسي يهاجمونهم، ويصبح السؤال المطروح هو "لماذا يخشى نظام السيسي من أبناء مبارك إلى هذا الحد؟". هل يحدث ذلك بسبب تراجع شعبية السيسي إلى حد كبير نتيجة الإجراءات الاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع رهيب في أسعار جميع السلع والخدمات، أم بسبب علاقات قوية تربط مبارك وعائلته بدول في المنطقة لها تأثير سياسي ومالي كبير، أم لوجود أنصار لمبارك لا يزالون موجودين في أجهزة الدولة المختلفة، لا سيما المؤسسة العسكرية؟
لكن ظهور علاء مبارك بهذا الشكل لم يكن الأول من نوعه لأفراد أسرة المخلوع، إذ سبقته مرات أخرى، كان آخرها ظهوره برفقة شقيقه جمال، في حفل عقد قران لاعب فريق "المقاولون العرب" محمد غريب، نجل المدير الفني السابق لمنتخب مصر الأولمبي لكرة القدم شوقي غريب. حرِص علاء وجمال يومها على التقرب من المشير حسين طنطاوي الذي كان حاضراً هو الآخر للحفل، ومن جانبه تحدث الأخير إلى نجلي الرئيس المخلوع بطريقة فسّرها البعض بأنها حميمية، وتحمل في ما بدا أنه اعتذار عن سجن والدهما إبان فترة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي رأسه طنطاوي بعد ثورة 25 يناير، وهو الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وحالة من السخط بسبب ما اعتبروه هزيمة للثورة.
وبعيداً عن الغضب الذي أثاره ظهور علاء وجمال مبارك بهذا الشكل مع طنطاوي، كان هناك غضب من نوع آخر، وتحديداً في معسكر نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، إذ كتب الصحافي المقرب من السيسي، ياسر رزق، مقالاً مطولاً بعنوان "القلق على مستقبل الحكم... والخطر على ثورة يونيو"، ظهرت من خلاله حالة من القلق على مستقبل حكم السيسي. ورأى الكاتب أن أبناء مبارك قد يشكلون خطراً على السيسي.
وعلى الرغم من أن جمال مبارك كوالده وشقيقه علاء محكوم عليهم بحكم نهائي وباتّ بالسجن في قضية "القصور الرئاسية"، إلا أن رزق لم يخف قلقه من أن يشكل أحد أفراد عائلة مبارك خطراً على حكم السيسي.
كما هاجم رزق فلول نظام مبارك، على الرغم من أن السيسي حاول أكثر من مرة عبْر أذرعه، استمالتهم للاستفادة منهم في إعادة إنتاج نظام الرئيس المخلوع، وترشح بعضهم في انتخابات مجلس النواب الماضية، سواء عبْر أحزاب موالية للنظام الحالي أو في قوائم "في حب مصر" التي تشكلت بمعرفة أجهزة أمنية، والتي تحولت إلى ائتلاف "دعم مصر" صاحب الأغلبية في البرلمان.
وقال رزق في مقاله "لا بد أن يعي الجميع أن الحزب الوطني في عنفوانه مع أمانة سياساته، لم يستطع أن يجمع أكثر من 5 في المائة في أي انتخابات جرت في عهده، ومن ثم لا فضل لبقايا بقاياه في حشد الجماهير ونزولها إلى اللجان في أي انتخابات أعقبت ثورة 30 يونيو. بل في الانتخابات الرئاسية الأخيرة تحديداً، لا يستطيع أحد سواء من الكتل البرلمانية أو من رؤوس العائلات أو عواقل القبائل الادعاء بأنهم وراء نزول الجماهير بكثافة للتصويت في الانتخابات، فشخص الرئيس السيسي وما يمثله للناخبين من إنجاز وأمل كان هو الدافع لاحتشاد المواطنين أمام اللجان بهذه الأعداد الهائلة".
ولا يمكن فصل هذا الهجوم عن القلق الذي يثيره الظهور المتكرر لنجلي الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك، علاء وجمال، لدى الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، وهو ما يفسره البعض بأنه محاولة للتواجد على الساحة السياسية مرة أخرى، على الرغم من عدم التطرق لأي أمور سياسية أو اقتصادية.
إلا أن مصادر مقربة من أسرة مبارك رفضت الكشف عن هويتها تقول، في حديث مع "العربي الجديد"، إن ظهور أسرة مبارك بهذا الشكل المتكرر وفي مناسبات عدة أغلبها يكون وسط الناس، هدفه ليس العودة للمشهد السياسي أو الترشح للانتخابات الرئاسية في وقت قريب، ولكن الهدف منه استراتيجي على المدى الطويل، إذ يقومون باستعادة الشعبية رويداً رويداً، على حد قولهم.
وبحسب مراقبين أيضاً، فإن جمال وعلاء لا يحق لأي منهما الترشح إلى انتخابات الرئاسة المقبلة، لاتهامهما في قضية مخلّة بالشرف، ويحظر عليهما مباشرة حقوقهما السياسية إلا بعد مرور نحو 6 سنوات، وتقديم طلب برد الاعتبار.
مع العلم أن مصادر خاصة كانت قد كشفت عن تلقِّي علاء وجمال مبارك رسائل من نظام السيسي بضرورة وقْف أي تحركات والظهور المتكرر في مناسبات عدة، باعتبارها مغازلة للشعب في وقت تراجعت شعبية السيسي.
وزار علاء مبارك في العام الماضي منطقة إمبابة الشعبية، وقضى نحو ساعتين في مطعم "البرنس" الشهير، تناول خلالهما العشاء، ثم انتقل إلى مقهى مجاور للعب الطاولة، وسط احتفاء من مواطنين طلبوا التقاط الصور معه. وفي فبراير/ شباط من العام الماضي وقبل أيام من ذكرى خلع والده، ظهر علاء في مطعم بمنطقة السيدة زينب الشعبية، وهو يتناول الطعام مع أصدقائه من دون حراسة.
جمال مبارك حرص أيضاً على الظهور في العديد من المناسبات بصحبة زوجته خديجة الجمال وابنته فريدة، إذ زار الثلاثة منطقة الأهرامات بالجيزة، برفقة حارس أمن وحيد، كما اصطحب جمال مبارك ابنته في مايو/ أيار من العام 2016، في ثالث أيام العرض العالمي الخاص بالنجم الأميركي مايكل جاكسون في أحد المولات بالقاهرة الجديدة. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني ظهر الشقيقان مبارك في عزاء الفنان الراحل محمود عبد العزيز بمسجد الشرطة بمدينة 6 أكتوبر.
ويلفت عز إلى أن السيسي تراجعت شعبيته بشكل كبير ويتخوّف من أي ظهور لشخصيات عامة تنازعه مكانته كرئيس جهورية، وهو الحال بالنسبة للمرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق والرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة، وغيرهما من الشخصيات التي حاولت الترشح للانتخابات. وعلى الرغم من أن جمال وعلاء محرومان من حقوقهما السياسية، يرى عز أن هذا لا يكفي للسيسي، وهذه هي شخصيته التي ظهرت في مناسبات عدة، فهو لا يقبل إلا أن يكون الشخصية المحورية في كل شيء، ويتدخل بما هو أقل من منصب رئيس الجمهورية، وتنتج عنه أخطاء كبيرة تؤثر سلباً على صورته.