في خطوةٍ مفاجئة وفريدة من نوعها، قام يوفنتوس بدفع 90 مليون يورو للتعاقد مع لاعب جديد في مركاتو الصيف وقبل انطلاق الموسم الجديد، هذا اللاعب هو نجم نابولي والمنتخب الأرجنتيني غونزالو إيغوايين.
هي خطوة صادمة للجميع تقريباً بشقّيها، الأول: المبلغ المدفوع من فريق مثل يوفنتوس، والثاني: اللاعب الذي دُفع به هذا المبلغ. لا يوفنتوس معتاد على دفع مثل هذه الأرقام بأي لاعب، ولا إيغوايين يستحق هذا المبلغ.
هذا ما ذهب إليه الجميع تقريباً، صحافة وجماهير. يوفنتوس الذي اعتاد شراء اللاعبين الصغار أو المغمورين وحتى "العجائز" بأسعارٍ متدنية وشبه مجانية! ليصنع منهم نجوماً لاحقاً تتصارع الأندية الكبرى للحصول على خدماتها.
هذا من جهة، أما من الجهة الأخرى، فغونزالو إيغوايين نفسه لا يستحق مثل هذا المبلغ كلاعب. على الرغم مما قدّمه الموسم الماضي مع نابولي، لكن 90 مليون يورو وراتبا شهرياً بقيمة 7 ملايين يورو ونصف، هو رقم كبير بعض الشيء على "بيبيتا"، الذي بهذه الصفقة، أصبح ثالث أغلى لاعب في العالم، وصاحب أغلى صفقة في تاريخ الدوري الإيطالي كلّه.
لكن ما السبب وراء هذه الصفقة من إدارة يوفنتوس! وما الذي "قد" يجعلها الصفقة الأفضل هذا الموسم على الإطلاق؟ فبالتأكيد إدارة يوفنتوس على علم بقيمة غونزالو الحقيقية في سوق اللاعبين، لكن نقاط عديدة يمكن أن توضّح هذه الصفقة.
النقطة الأولى هي أن يوفنتوس فريق قوي ومتكامل، وقام بتعاقدات خلال فترة الصيف ممتازة، بعضها سدّ الثغرات الموجودة في صفوف الفريق، وبعضها أضاف قيمة ونوعية وقوة للفريق. لكن ما كان ينقص يوفنتوس "فقط" هو غونزالو إيغوايين. لماذا؟ لأنه لعب في الدوري الإيطالي، مع أقوى منافسي اليوفي، وكان سبب قوّة هذا المنافس. وأثبت نفسه كلاعب قوي قادر على تحمّل ضغط وأسلوب الدوري الإيطالي، ونجح بتسجيل عدد من الأهداف قلّ نظيره في الكالتشو. وخلال تواجده مع ناديه السابق أظهر "غرينتا" ملحوظة، الصفة التي تُعتبر أساساً وضرورة عند لاعبي الكالتشو. لهذا، كان إيغوايين بمثابة القطعة التي تنقص اللوحة، لتصبح مشهداً كاملاً و"جميلاً".
أما النقطة الثانية، أن نابولي كان الفريق الأقوى والوحيد القادر على منافسة أو "إزعاج" يوفنتوس في الدوري الإيطالي، وبما أن إيغوايين كان نقطة قوة "البارتينوبيي" دون منازع، فبهذه الصفقة، لا يكون يوفنتوس قد قوّى صفوفه بأحد أفضل اللاعبين الآن فقط، لكنه أيضاً أضعف أقوى وأبرز منافسيه في الكالتشو!
أما النقطة الثالثة، التي تحتاج لبعض الخيال.. لنتخيّل إذا تمكّن ماسيميليانو أليغري من الاستفادة من هذه التعاقدات الممتازة لهذا الموسم، وعلى رأسهم طبعاً إيغوايين، فيوفنتوس سيتمكّن من حسم الدوري في مراحل مبكرة جداً، خاصة مع غياب التعاقدات القويّة لباقي الأندية حتى اللحظة، أي بما معناه غياب المنافسة، بهذا، يوفنتوس مع هذ الفريق ودكة البدلاء هذه سيتمكّن من المنافسة في دوري الأبطال بقوّة، ومقارنة بالأسماء وقوّة الفريق الذي خسر نهائي برلين أمام برشلونة، هذا الفريق قادر على الوصول مجدّداً للنهائي، والفوز باللقب حتى!
إن حدث وتمكّن اليوفي من فعلها هذا الموسم، فإيطاليا ستستعيد مقعدها الأوروبي الرابع، ما يعني أن ثلاثة أندية إيطالية ستصل وتلعب في دوري الأبطال دون عناء الأدوار التمهيدية، ما يعني حصول هذه الأندية على الأموال، ما يعني بداية عودة القوّة والهيبة للدوري الإيطالي.
نعم تحتاج لبعض الخيال لكنها قد تحدث. ربما لو ذهب إيغوايين لفريقٍ آخر وبقيمة أقل بكثير ما كانت لتكون صفقة ذات أهمية.. فإيغوايين قد يجلس على الدكّة في أندية مثل بايرن ميونخ أو برشلونة مثلاً!
هو بالتأكيد ليس "سوبر مان"، وقد لا ينجح مع النادي أو لا ينسجم مع اللاعبين وهذا يحدث! لكن إن حصل ووُفّق إيغوايين مع يوفنتوس، فسيكون لأثر صفقته هذه أثر الفراشة، الذي لا يشعر به أحد، لكنّه يتسبّب بزلازل في أماكن أخرى من الكرة الأرضية، وبهذا، تكون صفقته هذه التي شغلت الإعلام والجماهير، هي الصفقة الأبرز والأقوى هذا الموسم.
لمتابعة الكاتبة
شفاء مراد