لماذا لا يتضامنون مع العراق؟

05 يوليو 2016
فجع العراق ليس خبراً (فرانس برس)
+ الخط -
لم يكُن الإعلام العالمي مشغولاً بالتغطية، ولا "تريند" موقع "تويتر" العالميّ غاصّاً بوسوم عن الضحايا، أو الصلاة للعراق. لا صفحات وأغلفة خُصّصت للتفجير الإرهابي الذي ضرب كرادة، وسط بغداد، صباح الأحد الماضي، وراح ضحيّته أكثر من 200 قتيل وجريح. 
صور الأمّهات المُتّشحات بالسواد، والرجال الباكين... صور المباني المحروقة، صور الأطفال، صور الضحايا... كُلّها لم تصل إلى صفحات الجرائد الأولى أمس. لم تنتشر الصلوات والشموع على مواقع التواصل. وكأنّ حياة 200 عراقي، بتفجير إرهابي، تبنّاه "داعش"، لا ترقى للصلاة والحزن كما الضحايا في الجزء الآخر من الكرة الأرضيّة.
بات العالم "مخدّراً" إثر العنف في العراق. لا ينتشر الخبر مع صور مفجعة ومؤثرة على الصفحات الأولى للصحف، ويلقى اهتماماً وتعاطفاً دولياً ضعيفاً. أكثر من 200 ضحية في تفجير كرارة وسط بغداد، لم يهزّوا العالم بوسوم وصور متعاطفة. ليس في الأمر مبالغة. فالتمييز بين حيوات الضحايا بات أكثر من واضحة، خصوصاً مع اجتماع عنصرين من التي "يحتاجها" الغرب للتضامن: عدد كبير من الضحايا، وإرهاب داعشيّ. اقتصرت الأنباء على التغطية الخبرية العادية، لتجتمع العناوين على طريقة وكالات الأنباء: "هجوم في بغداد يخلف أكثر من 220 قتيلا" في الصحف الفرنسية، البريطانية، والأميركيّة. واكتفت صفحة تزويد الأخبار الرسميّة من "فيسبوك" بنشر خبر واحد عن تفجيرات العراق، بينما لم تُطلق خدمة التحقق من السلامة هذه المرّة أيضاً.
وبهذا، تعترف صحيفة "واشنطن بوست" الأميركيّة، عبر تقرير نُشر على موقعها أمس بعنوان "أكثر اعتداءات داعش دموية في أيام هو الأقل أهميّة بالنسبة للعالم". وكتبت الصحيفة: "أولاً في تركيا.. حصل اعتداء مطار "أتاتورك"، واحد من أكثر المطارات زحمةً، الذي قُتل فيه 45 شخصاً، فانهار العالم يتساءل عن أمن مطارات الدول الغربية، بينما تساءل المذيعون الأميركيون إن كان ممكناً أن يحصل ذلك يوم الرابع من يوليو (أمس، عيد الاستقلال الأميركي). ثم جاء اعتداء داكا، فتح مسلّحون النار في الحي الدبلوماسي للعاصمة البنغلاديشيّة، واحتجزوا رهائن وقتلوا حوالى 20 شخصاً، أغلبهم من الإيطاليين واليابانيين. رأى العالم هُنا أنّ "الأجانب" مُستهدفون في أيّ مكان في العالم".
وتضيف الصحيفة: "والأحد، حصل تفجير بغداد في حيّ مزدحم مليء بالمحلات التجارية، قتل الكثيرون وبينهم أطفال. لكنّ الغرب لن يتضامن مع هذا الاعتداء كما تفاعل مع الحدثين السابقين". لتؤكد "واشنطن بوست" أنّ الغرب بات "مخدّراً" حيال العنف في بغداد منذ سنوات لليوم. فالتفجيرات لا تُطلق وسوماً على "تويتر"، أو صور "بروفايل" بعلم العراق على "فيسبوك"، أو حتى أغلفةً في الصحف العالميّة، وتلقى تعاطفاً عالمياً ضعيفاً".

العراقيون على مواقع التواصل كانوا صوت بلدهم الحزين فقط. غضب من فساد الحكومة وإجراءاتها الأمنيّة انتشر، فأطلقوا وسم "#كاشف_الزاهي" للتعبير عن استيائهم من الخطط الأمنية التي تعتمدها الحكومة العراقية في تأمين مناطقهم، عادّين الحكومة المتهم الأول في مقتل العراقيين؛ بإصرارها على استخدام جهاز كشف للمتفجرات، أثبت فشله، كما اعترفت بريطانيا، البلد المصنع للجهاز، أن لا نفع منه وأنه لا يمت بعلاقة في كشف المتفجرات. واتهم عراقيون الحكومةَ بالفساد والبحث عن المنافع الشخصية على حساب أرواح المواطنين.
وأطلق مغردون عرب وسم "#شهداء_العراق"، فأدانوا التفجيرات ونعوا من سقط في تفجير كرادة، لكنّ الوسم لم يكُن الأكثر تداولاً. في لبنان والأردن فقط، بدا الاهتمام قريباً إلى العراق. فوصل وسم "#من_لبنان_متضامن_مع_العراق" إلى الأكثر تداولاً واستمرّ يوم أمس، بينما غرّد أردنيون على وسم "#PrayForIraq" (نصلّي من أجل العراق) الذي احتلّ الأكثر تداولاً في البلاد أيضاً.