أنتَجت هجمات باريس المأساوية ردود فعل إعلامية واسعة عالمياً. فقد تلونت معالم أكثر من دولة بألوان العلم الفرنسي، من الخليج وحتى أميركا الجنوبية، مروراً بأميركا الشمالية وأوروبا بطبيعة الحال. وضجّت وسائل التواصل الاجتماعي باستنكار الحدث، والتعاطف مع الضحايا، وهذا طبيعي في مقاربة أحداث من هذا النوع، والحجم، فقد أدت الهجمات إلى مقتل 132 شخصاً على الأقل وإصابة 352، في الهجمات التي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" مسؤوليته عنها.
التضامن طبيعي وضروري، لكنّ اللافت في ردود الأفعال أنها تضمنت "اعتذاريات عربية" عن الحدث. حتى كتب روائي سعودي عبر تويتر "نعتذر للعالم عما يحدثه سفهاؤنا من دمار حضاري، وسفك للدماء باسم ديننا الذي شوّه حتى لم نعد نحن المسلمين نعرفه، فلكم الاعتذار العميق". وهناك من رفض هذه الاعتذاريات، واعتبرها مسيئة، وتتضمن اعترافاً ضمنياً بمسؤولية عن حدث لا يصح نسبته للعرب أو المسلمين.
في تقرير لهيئة "يوروبول"، وهي وكالة إنقاذ القانون في الاتحاد الأوروبي، صدر العام الماضي، أشار إلى أن الغالبية العظمى من الهجمات الإرهابية في أوروبا ارتكبت من قبل الجماعات الانفصالية المحلية، حيث كان هناك 152 هجوماً إرهابياً ولم تكن هناك دوافع دينية إلا خلف هجمتين فقط من هذه الهجمات، مقابل 84 عملية إرهابية بسبب المعتقدات العرقية أو القومية أو الرغبات الانفصالية.
ويؤكد الكاتب السعودي فارس الجربوع في حديث لـ"العربي الجديد" أن تقديم الاعتذارات أمر مخجل لما فيه من محاولة للربط بين العمل الإرهابي والإنسان العربي. ويقول الجربوع: "أحداث باريس هي بالتأكيد إرهابية ومؤسفة، ولكن ما نشاهده من مبالغة في التعاطف بين البعض من العرب، حتى وصل بهم الأمر إلى حد تقديم الاعتذار، أمر مخجل أيضاً، لما فيه من محاولة للربط بين العمل الإرهابي والعرب في هذه الأحداث".
ويشير الجربوع إلى أن العربي لا يحتاج إلى أن يثبت إنسانيته عبر تقديم الاعتذار عن الأحداث الإرهابية التي تحدث في العالم. ويضيف "الإرهاب آفة يمثلها أعضاء من جميع جنسيات العالم اجتمعوا على قتل المخالف وكل من لا يُدين لهم بالولاء دون النظر إلى ديانته أو عرقه أو
جنسيته، الاعتذار في مثل هذه الحالات أمر مرفوض، لأنه يضعنا كأمة عربية بدرجة أقل ويجعل دماءنا رخيصة ولا تساوي دماء الآخرين. أتفهّم جداً هذهِ التغطية الكبيرة والحيز من الاهتمام اللذين أتيا كردة فعل طبيعية لهذه الأحداث لما لها من ارتباط مباشر بما قد يتم من خلال المباحثات التي تتم في فيينا وتأثيرها المحتمل على المنطقة، ولا سيما المسألة السورية".
من ناحيته، يرى الكاتب السعودي بدر الإبراهيم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن مثل هذا الحديث يكرّس فهم الصراعات في العالم على أسس دينية، ويرسخ فكرة صراع الحضارات، لأنه يرى الصراع بين ديانات، على أتباعها حل المشكلة دينياً، عبر تغيير مفاهيم دينية معينة، ولا يرى الصراع في العالم سياسياً واقتصادياً على النفوذ والموارد، حتى وإن استخدم بعض أطرافه خطاباً دينياً، لتبرير أفعالهم وأهدافهم السياسية الدنيوية.
وأكد الإبراهيم أن اعتذار كل مسلم عن كل جريمة يتسبب بها مسلم في الغرب أمر مرفوض، وذلك لأنه "يحوّل المسلمين إلى كتلة أيديولوجية واحدة أو حزب سياسي، وهذا الحزب مسؤول عن كل تصرفات المنتمين إليه، وهذا غير صحيح، فلا المسلمون يفكرون مثل بعضهم بعضاً، ولا مواقفهم واحدة، ولا هم يفهمون الإسلام فهماً واحداً، فهناك تفسيرات مختلفة للنص الديني، مثل كل عقيدة أو فكرة، يمكن أن يختلف المنتمون إليها في تفسيرها".
ويضيف: "العنف ضد الأبرياء ليس خاصية إسلامية، أو محصوراً بأفعال مسلمين، كي يتم الاعتذار عنه، بل هو أمر متعلق بسياقات سياسية، وتمارسه أطراف عديدة من خلفيات مختلفة، منها جيوش الدول الغربية، لكن هناك من هو مستلب للدعاية الغربية، ومدمن على جلد الذات، فيتصور خصوصية إسلامية في قضايا العنف، وهو لا يتجاهل فقط العنف الغربي، والسياق الذي أدى لما نراه من جرائم، وإنما يتجاهل أيضاً التغذية الغربية للظاهرة الجهادية ذاتها، إما بتوظيفها ضد الخصوم في مراحل معينة، أو بتهيئة البيئة الملائمة لنموها، كما فعل الاحتلال الأميركي في العراق". ويتابع: "بدلاً من الحديث عن الاعتذار لا بد من مناقشة السياقات السياسية التي أدت لانفجار العنف بأنواعه المختلفة، ومعالجة الظروف السياسية التي شكلت هذه الظاهرة بجدية".
اقرأ أيضاً: المغردون يُحاربون "داعش" والاسلاموفوبيا: "المسلمون ليسوا إرهابيين"
التضامن طبيعي وضروري، لكنّ اللافت في ردود الأفعال أنها تضمنت "اعتذاريات عربية" عن الحدث. حتى كتب روائي سعودي عبر تويتر "نعتذر للعالم عما يحدثه سفهاؤنا من دمار حضاري، وسفك للدماء باسم ديننا الذي شوّه حتى لم نعد نحن المسلمين نعرفه، فلكم الاعتذار العميق". وهناك من رفض هذه الاعتذاريات، واعتبرها مسيئة، وتتضمن اعترافاً ضمنياً بمسؤولية عن حدث لا يصح نسبته للعرب أو المسلمين.
في تقرير لهيئة "يوروبول"، وهي وكالة إنقاذ القانون في الاتحاد الأوروبي، صدر العام الماضي، أشار إلى أن الغالبية العظمى من الهجمات الإرهابية في أوروبا ارتكبت من قبل الجماعات الانفصالية المحلية، حيث كان هناك 152 هجوماً إرهابياً ولم تكن هناك دوافع دينية إلا خلف هجمتين فقط من هذه الهجمات، مقابل 84 عملية إرهابية بسبب المعتقدات العرقية أو القومية أو الرغبات الانفصالية.
ويؤكد الكاتب السعودي فارس الجربوع في حديث لـ"العربي الجديد" أن تقديم الاعتذارات أمر مخجل لما فيه من محاولة للربط بين العمل الإرهابي والإنسان العربي. ويقول الجربوع: "أحداث باريس هي بالتأكيد إرهابية ومؤسفة، ولكن ما نشاهده من مبالغة في التعاطف بين البعض من العرب، حتى وصل بهم الأمر إلى حد تقديم الاعتذار، أمر مخجل أيضاً، لما فيه من محاولة للربط بين العمل الإرهابي والعرب في هذه الأحداث".
ويشير الجربوع إلى أن العربي لا يحتاج إلى أن يثبت إنسانيته عبر تقديم الاعتذار عن الأحداث الإرهابية التي تحدث في العالم. ويضيف "الإرهاب آفة يمثلها أعضاء من جميع جنسيات العالم اجتمعوا على قتل المخالف وكل من لا يُدين لهم بالولاء دون النظر إلى ديانته أو عرقه أو
من ناحيته، يرى الكاتب السعودي بدر الإبراهيم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن مثل هذا الحديث يكرّس فهم الصراعات في العالم على أسس دينية، ويرسخ فكرة صراع الحضارات، لأنه يرى الصراع بين ديانات، على أتباعها حل المشكلة دينياً، عبر تغيير مفاهيم دينية معينة، ولا يرى الصراع في العالم سياسياً واقتصادياً على النفوذ والموارد، حتى وإن استخدم بعض أطرافه خطاباً دينياً، لتبرير أفعالهم وأهدافهم السياسية الدنيوية.
وأكد الإبراهيم أن اعتذار كل مسلم عن كل جريمة يتسبب بها مسلم في الغرب أمر مرفوض، وذلك لأنه "يحوّل المسلمين إلى كتلة أيديولوجية واحدة أو حزب سياسي، وهذا الحزب مسؤول عن كل تصرفات المنتمين إليه، وهذا غير صحيح، فلا المسلمون يفكرون مثل بعضهم بعضاً، ولا مواقفهم واحدة، ولا هم يفهمون الإسلام فهماً واحداً، فهناك تفسيرات مختلفة للنص الديني، مثل كل عقيدة أو فكرة، يمكن أن يختلف المنتمون إليها في تفسيرها".
ويضيف: "العنف ضد الأبرياء ليس خاصية إسلامية، أو محصوراً بأفعال مسلمين، كي يتم الاعتذار عنه، بل هو أمر متعلق بسياقات سياسية، وتمارسه أطراف عديدة من خلفيات مختلفة، منها جيوش الدول الغربية، لكن هناك من هو مستلب للدعاية الغربية، ومدمن على جلد الذات، فيتصور خصوصية إسلامية في قضايا العنف، وهو لا يتجاهل فقط العنف الغربي، والسياق الذي أدى لما نراه من جرائم، وإنما يتجاهل أيضاً التغذية الغربية للظاهرة الجهادية ذاتها، إما بتوظيفها ضد الخصوم في مراحل معينة، أو بتهيئة البيئة الملائمة لنموها، كما فعل الاحتلال الأميركي في العراق". ويتابع: "بدلاً من الحديث عن الاعتذار لا بد من مناقشة السياقات السياسية التي أدت لانفجار العنف بأنواعه المختلفة، ومعالجة الظروف السياسية التي شكلت هذه الظاهرة بجدية".
اقرأ أيضاً: المغردون يُحاربون "داعش" والاسلاموفوبيا: "المسلمون ليسوا إرهابيين"