لماذا تراجع ترامب عن ضرب إيران؟

27 يونيو 2019
+ الخط -
ما حدث عقب إسقاط إيران طائرة تجسس أميركية، يجعلني أملك المزيد من الشجاعة، لأؤكد المقولة الشهيرة بحق نوايا أميركا تجاه العرب، "المتغطي بأميركا عريان". وربما أن بعض الخليجيين باتوا يشعرون الآن ببرودة الغطاء الأميركي الخفيف الذي سيبقى بالنوعية الرديئة والرخيصة نفسها حتى لو شُنّت هذه الحرب المنتظرة على إيران، بعد أن خذلهم، دونالد ترامب، حين تراجع صاغراً عن تهديداته بشأن توجيه ضربة انتقامية وموجعة للأخيرة.
الغريب أن ترامب أصبح لديه فجأة قلب رئيف ورحيم، لو خرج علينا بهذا الكلام الغريب رئيس أميركي غيره، لكنّا صدقناه على مضض، أما ترامب هذا، يقول بأنه ألغى العملية العسكرية ضد إيران خوفا منه على أرواح البشر الأبرياء، على الرغم من أن هؤلاء الأبرياء سيكونون عسكريين أصلا! لَهْ يا ترامب، هذه ستكون كذبة القرن، أميركا التي قتلت ملايين المسلمين والبشر في أفغانستان والعراقْ وليبيا وسورية واليمن، وتغاضت عن ذبح وحرق وإبادة مسلمي إقليم أراكان المسلم في بورما، وذهبت إلى هناك لتُنشئ علاقات دبلوماسية وتجارية معها! لا يمكن أن يكون رئيس إدارتها المتعجرف الحالي يمتلك قلباً رحيماً تجاه المسلمين أو تجاه أي بشري آخر.
لكن، وبموضوعية شديدة، فترامب خذل دولة الإحتلال الصهيوني، وهو الذي يحرص بين حين وآخر على أن يؤكد لِكُل من العالم وحركة القوميين البيض التي يتزعم روحها، أنه يحرص على تأكيد عنصريته البيضاء تجاه كل البشر، العرب والملونين، حتى تجاه أحباب قلبه اليهود.
وهناك شيء غاية في الغرابة، يتمثل في السؤال: كيف تخلّى ترامب المتعجرف عن كنز من تقنيات التجسّس لعدوه اللدود إيران، طوله عشرون مترا وبارتفاع أربعة أمتار بهذه السهولة؟
لا أملك الإجابة، ولكن سياسة كل من ترامب والولايات المتحدة الثابتة تجاه إيران، هي أن تُبقيها متفوقة عسكريا على العرب، طالما أرادت أمرين، حياة رغيدة منعّمة بالسلام والإستقرار والتطور لدولة الكيان الصهيوني، ورغبتها بامتصاص مزيد من أموال الخليج ونفطه، وإلا كيف سكت ترامب والكونغرس ووزارة دفاعه عن وقوع كنز بهذا الحجم والخطورة بيد إيران؟ شيء لا يقبله عقل، ولو وقعت هذه الطائرة المتطورة بيدٍ أخرى غير يد إيران، لكانت الحسابات قد اختلفت، ولربما أُشعِل أتون الحرب.
أما دولة الكيان الصهيوني، فهي دوما تستطيع استخدام ورقة إيران المتفوقة عسكريا وإداريا على العرب، وغالبا ما تستفيد منها خير استفادة من خلال سطوة وسيطرة لوبياتها داخل الإدارات الأميركية المختلفة، وستبقى مستفيدة إلى أبعد حد كيفما كانت النتيجة، ومهما بلغت التوترات بين إيران وأميركا أو العرب، أو مهما بلغت التفاهمات والتعاهدات بين هذه الأطراف، والخاسر الأوحد دائما هم العرب وشعوبهم ومقدراتها.
BB0E1626-EC3F-46CE-91BA-116FA9609C27
BB0E1626-EC3F-46CE-91BA-116FA9609C27
بشار طافش (الأردن)
بشار طافش (الأردن)