للأمن الغذائي لجانه المهملة

20 نوفمبر 2016
الإنتاج الزراعي أول ضحايا الاقتصاد الحرّ (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -
مصطلح "لجنة" في السودان، كان معناه طواف مجموعة من أهل الدراية التابعين للمركز الإداري على القرى والنجوع لتقدير إنتاج الذرة، لا لتحديد الضرائب فحسب، بل للاطمئنان على حال المواطن واستقراره، وقدرة بيئته على مدّه بحاجاته الغذائية.

عام 1976، جرت، وفق دراسات ارتكزت على حقائق علمية، التوصية بعدم ممارسة الزراعة شمال الدائرة الأرضية رقم 13، مع توفير الغذاء الكافي لسكان تلك المناطق. لكنّ التوصية لم تذكر آلية التنفيذ.

هي صورة مما نطلق عليه في أيامنا هذه عبارة الأمن الغذائي. نؤكد أنّه مفهوم سوداني المنبت بالرغم من نشأته إبان حكم الأجنبي للبلاد. لم يطلع كثيرون على هذه الصورة، مثلما بات البعض يربط المفهوم بالمجاعات والفجوات الغذائية منذ العام 1983 حين بدأت بوادر المجاعة في دارفور وكردفان، واندفعت على إثرها موجات النزوح البيئي الكاسح على المدن، والمناطق ذات الثراء البيئي، فاختلط السياسي بالاقتصادي بالبيئي، وسمح الأمر بالتدخل الأجنبي.

عندما أعلنت سياسة الاقتصاد الحر كان من أول ضحاياها الإنتاج الزراعي بأنواعه: المطري، والمروي، والتقليدي، والآلي. وبات على مواطن الريف أن يواجه قسوة الطبيعة التي تهدد إنتاجه الزراعي وأمنه الغذائي، وأن يواجه الفقراء وصغار المنتجين تضخماً عالياً يمتص في شراهة مداخيلهم المحدودة.

يؤكد الخبير مهدي بشير أنّ سياسة بناء المخزون الاستراتيجي المعمول بها عُرضة لتقلبات السوق المحلي، وربما العالمي. والمعالجة تكمن في ابتداع سياسة زراعية لتأمين الغذاء تشمل شروطاً تعاقدية مجزية مع مزارعين مقتدرين لتوفير حجم الاستهلاك المطلوب لولايات الفجوة الغذائية، مع العمل على تذليل صعوبات التمويل والترحيل والتأمين ودرء الآفات، وتوفير الضمانات اللازمة.

فالأمن الغذائي كما يؤكد المهندس الزراعي، عمار بشير، "يتحقق عندما يتمتع البشر جميعاً في كلّ الأوقات بفرص للحصول على أغذية كافية وسليمة تلبي حاجاتهم وتناسب أذواقهم الغذائية. ولا يمكن إسناد هذه المهمة إلى جهة واحدة في الدولة. فالمسؤولية تضامنية ومشتركة بين الحكومات الوطنية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع وهيئاته التطوعية، المحلية منها والأجنبية، على حدٍّ سواء. وهو يمثل حزمة متكاملة من البنود المترابطة والمتشعبة والمتداخلة التي تضطلع أكثر من جهة في تنفيذها، أي أنّه برنامج حاضر مشترك، ويقتسم تبعاته الجميع بلا استثناء.

التمتع بالأمن الغذائي يعتمد على ثلاثة أعمدة رئيسية هي توافر الأغذية، والقدرة على الحصول عليها، واستهلاكها.

*متخصص في شؤون البيئة

المساهمون