لقاح كورونا: هل أصبح المنطق السائد "أنا ومن بعدي الطوفان"؟

30 يوليو 2020
لقاح كورونا -جنوب أفريقيا(لوكا سولا/فرانس برس)
+ الخط -

أصبح السباق، في عالم لقاحات "كوفيد-19"، معركة ضارية يأكل فيها القوي الضعيف. هذا هو الخوف الذي ينتاب الآن مؤسسات الصحة العالمية التي تخطط لشراء اللقاحات بالجملة وتوزيعها توزيعاً عادلاً على مختلف أرجاء العالم.

وقد أصاب الفزع هذه المؤسسات وهي ترى أنّ بعض الدول الغنية، قرّرت السير وراء مصلحتها الذاتية، فأبرمت صفقات مع شركات الأدوية للحصول على ملايين الجرعات من اللّقاحات المبشّرة لمواطنيها.

ويقول الخبراء إنّ هذه الصفقات تقوّض الحملة العالمية. وفي بعض هذه الصفقات اتفقت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي مع شركات مثل "فايزر" و"بيونتيك"، و"استرا زينيكا" و"مودرنا".

وقال سيث بيركلي، الرئيس التنفيذي لتحالف "جافي" الذي يشارك في قيادة خطة مسماة "كوفاكس"، تهدف إلى تأمين الحصول السريع على لقاحات "كوفيد-19" وتوزيعها على نحو عادل على مستوى العالم.

وقالت شركة "فايزر"، هذا الأسبوع، إنها تجري محادثات متزامنة مع الاتحاد الأوروبي وعدد من دوله الأعضاء، حول تزويدها باللّقاح المحتمل الذي تعمل الشركة على إنتاجه.

وفي أحدث حركة انقضاض في هذه المعركة، أعلنت بريطانيا اتفاقاً، يوم الأربعاء، لضمان الحصول على إمدادات مبكّرة من لقاحات "كوفيد-19" من شركتي "غلاكسو سميثكلاين" و"سانوفي".

وتقول منظمة "أطباء بلا حدود" الخيرية العالمية، إنّ ذلك سيغذي "الإقبال العالمي على تخزين اللّقاحات من جانب الدول الغنية"، ويغذّي أيضاً "تياراً خطيراً للتمسك بالمصلحة الوطنية في اللقاحات".

ومبعث الخوف أنّ إمدادات اللقاح وتوزيعها في الجائحة الحالية، ستكرّر صدى ما حدث مع وباء إنفلونزا "إتش.1.إن.1"، في 2009-2010 عندما اشترت الدول الغنية إمدادات اللقاح المتاحة، لتعجز الدول الفقيرة في البداية عن الحصول عليه.

وفي الوباء السابق، اتضح أنّ إنفلونزا "إتش.1.إن.1" مرض أخفّ، واختفى الوباء في نهاية الأمر، لذا كان أثر اختلالات توزيع اللقاح على الإصابات والوفيات محدوداً.

غير أنّ خبراء الصحة يقولون إنّ "كوفيد-19" خطر أكبر بكثير، وترك قطاعات كبيرة من سكان العالم، معرّضة للإصابة لن يلحق الضرر بها وحدها فقط، بل سيطيل أمد الجائحة وأمد ما يمكن أن تسببه من أضرار.

وقال جيل سميث، الرئيس السابق للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والرئيس التنفيذي لحملة "وان كامبين" الخيرية، الرامية إلى إنهاء الفقر والأمراض التي يمكن الوقاية منها: "ثمة خطر أنّ بعض الدول تفعل بالضبط ما كنا نخشاه، وهو أن تقول: اللهم نفسي".

كوفيد-19
التحديثات الحية

 "أنا مهموم"

أبدت أكثر من 75 دولة من الدول الأكثر ثراءً من غيرها، من بينها بريطانيا اهتمامها بخطة "كوفاكس" التي تشارك في إدارتها منظمة الصحة العالمية، والتحالف من أجل ابتكارات مواجهة الوباء، لتنضم بذلك إلى 90 من الدول الفقيرة التي تدعمها التبرعات.

غير أنّ التحالف يقول إنّ الولايات المتحدة والصين وروسيا لم تُظهر اهتماماً بـ"كوفاكس".

وقال مصدر في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، إنّ المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد التي تقود المحادثات مع شركات الأدوية، نصحت أعضاء الاتحاد بعدم شراء لقاحات لـ"كوفيد-19" من طريق "كوفاكس".

وقال توماس بوليكي، مدير برنامج الصحة العالمي في مجلس العلاقات الخارجية: "أنا مهموم. ما يحدث بعدد قليل من الدول التي تجمع إمدادات اللّقاح ينافس الصفقات متعددة الأطراف".

وأضاف أنّ القدرة على تصنيع اللقاح محدودة، ولا يمكن زيادتها إلا بقدر ضئيل.

ويقدّر الخبراء أنّ بإمكان العالم أن يأمل في تصنيع حوالي ملياري جرعة من لقاحات فعالة لـ"كوفيد-19" بنهاية العام المقبل، إذا ثبتت فعالية عدد من اللّقاحات المرشّحة للنجاح والتي دخلت مراحل الاختبار الأخيرة.

وتهدف مبادرة "كوفاكس" إلى توزيع جرعات على ما لا يقل عن 20% من سكان الدول المشاركة فيها.

 عامان آخران؟

غير أن بيركلي رئيس تحالف "جافي"، قال إنه إذا اختطفت الدول المهتمة بمصلحتها الخاصة هذه الكمية، لتحصين جميع سكانها بدلاً من تقاسمها مع بقية الدول وحماية الناس الأكثر عرضة للخطر أولاً، فلن يمكن السيطرة على الجائحة.

وأضاف: "إذا كنت تحاول تحصين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالكامل على سبيل المثال، بجرعتين من اللقاح، فسيتعيّن عليك الحصول على نحو 1.7 مليار جرعة. وإذا كان هذا هو العدد المتاح من الجرعات، فلن يبقى الكثير للآخرين".

وقال بيركلي إنه حتى إذا حصلت 30 أو 40 دولة على اللقاح وظلّت أكثر من 150 دولة بلا لقاح "فسينتشر الوباء بلا كابح".

وتابع: "هذا الفيروس... يتحرك بسرعة البرق. ولذا سينتهي بك الحال في وضع لا يمكنك فيه العودة إلى الوضع الطبيعي. ولن تتمكن من تسيير التجارة والسياحة والسفر، ما لم تتمكن من إبطاء الجائحة كلها".

 

(رويترز)

ذات صلة

الصورة
محمد الفايد (Getty)

اقتصاد

مسيرة مليئة بالطموح والتحدي والجدل والانتقام أيضاً من الخصوم.. من "حمّال" على أرصفة ميناء الإسكندرية شمال مصر إلى أحد أثرياء بريطانيا والعالم، إذ لم تكن صفقاته وحدها التي لفتت الانتباه على مدار سنوات طويلة، وإنما أيضا علاقاته.
الصورة

مجتمع

تعاني جزيرة قبرص طفرة من فيروس كورونا السنوري "تسببت بمقتل 300 ألف قط منذ يناير/كانون الثاني"، فيما يحضّ مدافعون عن الحيوانات بينهم دينوس أيوماميتيس الحكومة على التحرّك لوقف تفشي الوباء الذي قد يمتد إلى لبنان وفلسطين وتركيا، بحسب خبراء.
الصورة
ما قصة ضريبة الأثرياء التي تراجعت الحكومة البريطانية عن إلغائها؟

اقتصاد

أسقط وزير المالية البريطاني كواسي كوارتنينغ، يوم الإثنين، خطته بشكل مفاجئ لإلغاء أعلى معدل لضريبة الدخل في إطار "ميزانيته المصغرة" التي أعلنها في 23 سبتمبر/أيلول والتي أدت إلى هبوط الجنيه الإسترليني وسببت أزمة في السندات الحكومية في الأسواق المالية.
الصورة
سينما السيارات في العراق (المكتب الإعلامي لشركة السينما العراقية)

منوعات

كلّ ما عليك فعله، هو إطفاء أضواء سيارتك، والبقاء فيها، ومتابعة أحداث فيلمك المفضّل عبر شاشة عرض عملاقة خارجية، تمّ تثبيتها بشكل مناسب. هذه صالة الهواء الطلق لعرض الأفلام، التي افتُتحت في بغداد أخيراً.