العالم في زمن كورونا مختلف تماماً عن كلّ ما قد سبق. حالة الطوارئ تشبه أحياناً ما تشهده الدول في الحروب الأهلية أو الخارجية، فالمواطنون محكومون بالتوجيهات الحكومية، ومن يخالفها يعاقَب. لكنّ المختلف هو الاستهداف من عدو خفي، لا يشبه الصواريخ والرصاص والقذائف مما نهرع إلى الملاجئ للاختباء منه. هو عدو يعيش بيننا، ويجعلنا نخاف حتى من أقرب المقربين إلينا، ونحترس. والآمال كبيرة يومياً بانتهاء الوباء، والقدرة على التوصل إلى لقاح لمكافحته، وبأعداد المتعافين المتزايدة، تقابل كلّ هذا خيبات يومية أيضاً في أعداد المصابين والضحايا وتشديد إجراءات الإقفال.
على الصعيد الإيجابي، ارتفع عدد المتعافين، اليوم السبت، إلى أكثر من 9 ملايين حول العالم، من أصل نحو 16 مليون مصاب. كذلك، أعلن معهد عموم الهند للعلوم الطبية، أنّه أعطى الجرعة الأولى من لقاح تجريبي لكورونا أمس الجمعة. واللقاح المرشح "كوفاكسين" هو من بين ما يقرب من عشرين في مرحلة التجارب البشرية في جميع أنحاء العالم. كذلك، فإنّ معهد عموم الهند هو من بين 12 موقعاً اختارها المجلس الهندي للأبحاث الطبية لإجراء التجارب السريرية على مرحلتين لـ"كوفاكسين".
على المقلب الآخر، قال رئيس حكومة ولاية سكسونيا الألمانية، ميكائيل كرتشمر، إنّ الموجة الثانية من وباء كورونا "موجودة هنا بالفعل. إنّها تحدث بالفعل كلّ يوم. لدينا مجموعات جديدة يومياً من الإصابات، والتي قد تزداد أعدادها للغاية". وقال معهد "روبرت كوخ" الألماني لمكافحة الأمراض إنّ تزايد عدد الإصابات يومياً "مقلق للغاية وسنواصل مراقبته عن كثب، ولذا يتعين تفادي المزيد من تفاقم الوضع". وكان المعهد رصد ارتفاعاً كبيراً في الإصابات الجديدة اليومية، من نحو 500 إلى أكثر من 800 خلال الأسبوع الماضي.
وفي الجارة إيطاليا، قال الخبير الوبائي البارز، روبيرتو بوريوني، إنّ "الإيطاليين تمكنوا بفضل الجهود الفائقة، من الخروج من كابوس الموت الذي سببه فيروس كورونا الجديد، لكنّ الفيروس ما زال منتشراً وجاهزاً للبدء مرة أخرى، كما حدث في إسبانيا، إذ لا يختلف المناخ وأسلوب الحياة كثيراً عنا".
من جهتها، قالت ناطقة باسم الفرع الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية إنّ "ارتفاع عدد الإصابات مجدداً في بعض الدول بعد تخفيف إجراءات التباعد يشكل بالتأكيد مصدر قلق". ودعت المنظمة الدول الأوروبية إلى البقاء مستعدة للتحرك ورفع القيود "بحذر" وحتى إعادة فرضها إذا اقتضى الأمر. وعززت دول عدة في المنطقة إجراءات مراقبة المسافرين. واقترحت ألمانيا على المسافرين الخضوع لفحص مجاني عند عودتهم إلى البلاد. أما في فرنسا حيث يشهد انتشار الفيروس "ارتفاعاً واضحاً" بحسب السلطات الصحية، فقد فرض على المسافرين من 16 بلداً من بينها الولايات المتحدة والجزائر، الخضوع لفحص. وأوصى رئيس الوزراء جان كاستيكس الفرنسيين "بتجنب" التوجه إلى كاتالونيا بشمال شرق إسبانيا حيث أمرت الحكومة أمس الأول الجمعة بإغلاق الملاهي والحانات ليلاً مع ارتفاع عدد الإصابات.
وليست أوروبا وحدها في ذلك، إذ إنّ الولايات المتحدة أيضاً، أعلنت في خبر يمكن أن يقرأ من ناحيتين سياسية وصحية، أنّ الطلاب الأجانب المتقدمين للحصول على تأشيرة دراسية لن يتمكنوا من دخول البلاد إذا كانت حصصهم التعليمية تتم فقط عبر الإنترنت، وهو ما قد تكون عليه الحال في العديد من الجامعات بسبب الفيروس. ويبدو أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تتبع خطاً متشدداً ضد الهجرة السرية وعلقت منح العديد من التأشيرات في سياق كورونا، تستغل الجائحة لتطبيق سياستها. وبحسب معهد التعليم الدولي تخطّى عدد الطلاب الأجانب في العام الدراسي 2018-2019 في الولايات المتحدة، مليون طالب.
في البرازيل، أعلن رئيس بلدية ساو باولو، برونو كوفاس، عن إرجاء كرنفال أكبر مدينة في البلاد إلى أجل غير مسمى بسبب الفيروس، في حين تدرس ريو دي جانيرو هذا الاحتمال. وقال: "كلّ مدارس السامبا وفرق بلوكوس (عروض في الشارع) في الكرنفال تدرك أنّه يستحيل تنظيم الكرنفال في فبراير/ شباط المقبل". وأضاف كوفاس أنّ الموعد الجديد للكرنفال لم يحدد بعد لكن "قد يكون في نهاية مايو/ أيار أو مطلع يوليو/ تموز 2021".
في لبنان، تعود البلاد بدءاً من يوم الإثنين، لإقفال عدد من المنشآت والنشاطات، لمدة أسبوع كامل، من بينها الحانات والنوادي الليلية، والحفلات الشاطئية والأعراس ومراسم العزاء، وذلك بعد تسجيل أرقام إصابات كبيرة يومياً في الأسبوعين الأخيرين.