اعترض رئيس المجلس الأعلى لجماعة مدرسي حوزة قم الدينية وعضو لجنة صيانة الدستور في إيران، محمد يزدي، على لقاء جمع أحد أبرز رجال الدين ومراجع التقليد موسى شبيري، بالرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي.
وبعث يزدي برسالة ممتعضة لشبيري، حملت انتقاداً حاد اللهجة، وهو ما تسبب باعتراضات كبيرة طاولت يزدي نفسه، باعتبار أنه أهان أحد أبرز شخصيات الحوزة الدينية.
وتساءل يزدي في رسالته عن سبب اللقاء، كون الرئيس الأسبق يخضع لقرار قضائي يمنع تصويره إعلامياً أو تغطية أي أخبار تتعلق به على خلفية مواقفه المؤيدة لزعماء الحركة الخضراء، القابعين تحت الإقامة الجبرية إثر احتجاجات عام 2009.
وذكر رئيس المجلس الأعلى لجماعة مدرسي حوزة قم الدينية لشبيري، بلهجة متعجبة، أن هذا الأخير لا يجد فرصة للقاء أعضاء الهيئة الرئاسية التدريسية في الحوزة، لكنه يستطيع الذهاب لزيارة منزل خاتمي في طهران.
وطلب يزدي من شبيري أن يراعي حرمة المرجعية، وأن يحترم النظام الإسلامي، معترضاً على نشر صور اللقاء الذي جمع هاتين الشخصيتين البارزتين.
واعتبر أن "اللقاء تسبب بامتعاض رجال الدين في الحوزة"، ودعا إلى "عدم تكراره".
وجاءت ردود الفعل الرافضة لهذا الموقف باعتبار أنه "يمثل تطاولاً على مرجع تقليد يحمل صفة آية الله العظمى"، وتكررت على لسان شخصيات إصلاحية ومحافظة على حد سواء، إلى جانب صدور انتقادات بحق يزدي من طرف رجال دين.
وذكر النائب الإصلاحي إلياس حضرتي، في تغريدة على "تويتر"، أن رسالة يزدي "حملت مبرراً واهياً"، وأكد ضرورة الوقوف بوجه إهانة شخصيات كشبيري، معتبراً أن "مراجع التقليد في المذهب الشيعي لا تقيدهم المؤسسات السياسية والاقتصادية، ويخضعون لأمر الله وحسب، ولطالما لجأ إليهم المظلومون".
أما نائب رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي مطهري فقال إن "تصريحات يزدي تحمل تهديداً وتؤدي لإضعاف مكانة ودور المؤسسة الدينية والحوزة"، متسائلا عن سبب استغراب حصول لقاء بين مرجع تقليد له شأنه مع شخص كان مسؤولا في السابق، ولعب دورا في الثورة، مخاطبا يزدي بالقول "هل تعرف شؤون المرجعية واهتماماتها أكثر من مراجع التقليد أنفسهم؟"، وأكد هو الآخر على "انفصال المؤسسة الدينية عن بقية المؤسسات، إذ لا تحكمها توجهات التيارات السياسية"، بحسب رأيه.
من جهته، أصدر مسيح بروجردي، حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني، وهو أيضا أحد رجال الدين المقيمين في قم، بيانا انتقد فيه بشدة موقف يزدي، قائلا إنه كان مضطرا لإصدار هذا الموقف، لأن "العلاقة بين الطالب والأستاذ في الحوزات الدينية قد تؤدي أحيانا لتحليلات خاطئة، ولمواقف غير متزنة، قد تتسبب بمشكلات للحوزة ولرجال الدين على حد سواء"، في إشارة منه إلى المكانة الدينية لكل من يزدي وشبيري.
ووصلت ردود الأفعال إلى جماعة مدرسي حوزة قم نفسها. وبحسب موقع "انتخاب" الإلكتروني، فقد استقال أحد أعضائها من منصبه، وهو آية الله محمد عندليب همداني، رافضا أن يبقى عضوا في الجماعة.
يذكر أن آية الله محمد يزدي شخصية محافظة داعمة للرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، وخاصة خلال انتخابات 2009، التي أعقبتها احتجاجات خرج فيها أنصار المنافس الإصلاحي لهذا الأخير مير حسين موسوي تشكيكا بنزاهة العملية الانتخابية.
كذلك كان يزدي رئيسا للسلطة القضائية، وتولى رئاسة مجلس خبراء القيادة لفترة، وهي المؤسسة المعنية باختيار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية والإشراف على عمله.
أما الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي فهو يدفع ثمن دعمه التحركات الإصلاحية، كما دعم خلال الانتخابات الأخيرة الرئيس حسن روحاني، ووجه العديد من الرسائل التي نشرتها مواقع محددة تابعة له، ولم تغطها أي مواقع إيرانية أخرى، بسبب القرار القضائي الذي يمنع التركيز عليه.