حرص البيت الأبيض على إحاطة زيارة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أمس الأربعاء، بمظاهر الود والتكريم، وتبدّى ذلك في صيغة وخطاب الترحيب ومدة المحادثات التي تخللها غداء العمل مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وهي ترتيبات تقتضيها الدبلوماسية الشخصية التي يعتمدها ترامب في علاقاته الخارجية. الرئيس الفسطيني ردّ بالمثل خلال كلمته في البيت الأبيض وفي خطابه خلال حفل الاستقبال الذي جرى له مساء أمس.
لكن هذه الأجواء على أهميتها لا تحجب وسع الفجوة في مقاربة الجانبين لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والتي يتعذر ردمها، إذا بقي الرئيس ترامب عند تصوّره للمشكلة وكيفية تسويتها. فهو يرى على ما يبدو أن العقدة ناشئة عن خلاف حول آليات وشروط صفقة مطلوبة؛ في حين يراها الجانب الفلسطيني أنها ناجمة عن خلاف أساسي حول تحديد موضوع الصفقة والالتزام بالعمل لترجمته. والفارق شاسع بين النظرتين.
وقد كان هذا التباين الرئيسي واضحاً منذ بداية اللقاء. الرئيس ترامب، بقيت كلمته الترحيبية في حدود التعبير عن حسن النوايا والرغبات الطيبة "كوسيط ومسهّل وحَكَم" في المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، ونأى تماماً عن ذكر صيغة حل الدولتين، ولو بالتلميح.
كذلك فعل المتحدث الرسمي في البيت الأبيض، شون سبايسر، في مؤتمره اليومي، حيث خلت أجوبته على ثلاث أسئلة عن اللقاء، من أي إشارة إلى الدولة الفلسطينية.
وكما جرت العادة مع الرؤساء السابقين، حرص ترامب على ترديد المعزوفة المعتمدة منذ اتفاق أوسلو بأنه "لا يقوى على فرض حلّ". وقد ثبت عدم جدوى هذه المعزوفة، لأنها ترجمة للدور الذي أرادت إسرائيل من الإدارات الأميركية المتعاقبة أن تلعبه، والذي يضمن لها شراء الوقت وقضم الأرض.
ترامب لا يشذ عن القاعدة طالما تبنى ذات النغمة. صحيح أنه عرض نفسه كحَكَم، لكنه دور بلا قواعد تحكمه، طالما أن غاية اللعبة غير متفق عليها. كما أنه واضح في عدم الالتزام بحل الدولتين، إذ قال لدى استقباله لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو في مارس/ آذار الماضي، إنه يبارك ما يتفق عليه الجانبان، "سواء دولة أو دولتين"، علماً بأن دولة واحدة تعني بقاء الاحتلال.
ويعتقد ترامب أنه لا ضرورة للتمسك بحل الدولتين، لأنه "يمكن ابتداع صيغة أخرى"، وفق ما نُسب لمصدر داخلي. المهم التوصل إلى اتفاق "لأننا نريد تحقيق السلام"، كما قال في كلمته، بصرف النظر عن الصيغة المؤدية إلى ذلك. تغييب الصفة السيادية الفلسطينية لهذا السلام يجعل من وعود وطروحات الرئيس ترامب نسخة عن الموروث المحكوم بنفس النتائج.
في المقابل، بدا الرئيس عباس وكأنه كان سبّاقاً إلى التحذير الضمني من هذا المسار، حين بدأ كلمته في البيت الأبيض بالتأكيد على أن "الهدف الاستراتيجي لنا يتمثل في صيغة الدولتين بحيث تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية".
وضوح مقابل غموض عللته الإدارة بأنه يعكس الرغبة في ترك الأمور الأساسية لجولات التفاوض التي لا ترغب في "استباقها". لكنه في حقيقته يعكس موقف الإدارة غير الملتزم بخيار الدولتين، والذي اتسم خلال المحادثات التي تكتم الجانبان بخصوص محتوياتها "بمطالبة الجانب الفلسطيني بالتزامات أمنية كثيرة"، وفق ما تردد.
وما يعزز مثل هذه التسريبات أن جماعات إسرائيل في الكونغرس ومطابخ الرأي قاموا بشبه حملة ضاغطة عشية الزيارة لقطع الطريق على أي انفتاح محتمل من جانب البيت الأبيض نحو الرئيس عباس. في مجلس الشيوخ، جرى تحرك بصورة طرح مشروع قانون لوقف المساعدات للسلطة الفلسطينية إن لم تتوقف هذه الأخيرة عن دفع رواتب شهرية لعائلات الشهداء.
كما عقدت ندوات ونشرت مقالات كان المبعوث الخاص الأسبق للمفاوضات وشبه الناطق بالموقف الإسرائيلي، دانيس روسن، من أبرز المشاركين فيها، والتي عملت على ترويج أطروحة أن العرب الآن بحاجة لأميركا وبدأوا الانفتاح على إسرائيل، وبالتالي فإن المطلوب الآن تعزيز هذا التحول "بدلاً من الانشغال بحل لقضية معقدة مع الفلسطينيين عمرها 70 سنة".
لكن بالرغم من ذلك، حازت الزيارة على اهتمام ملحوظ، خاصة في وسائل الإعلام؛ وذلك بقطع النظر عن نتائجها التي بدت التوقعات ضعيفة بشأنها. لكن طالما بقيت واشنطن تتذرع بعدم القدرة على فرض حل وبأن دورها مقتصر على الوساطة فقط، طالما بقي دورها محكوماً بذات النهاية. والحديث عن مهارات ترامب في عقد الصفقات لا يغير في الأمر شيئاً بالرغم من حسن استقباله للرئيس عباس، وربما رغبته في تحقيق إنجاز من وزن حل الصراع الفلسطيني مع إسرائيل.
يقول جورج ميتشل، السناتور السابق والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، في المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية: "انظر إلى ما يفعلون وليس إلى ما يقولون"، وهو شاهد من الداخل.
لكن هذه الأجواء على أهميتها لا تحجب وسع الفجوة في مقاربة الجانبين لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والتي يتعذر ردمها، إذا بقي الرئيس ترامب عند تصوّره للمشكلة وكيفية تسويتها. فهو يرى على ما يبدو أن العقدة ناشئة عن خلاف حول آليات وشروط صفقة مطلوبة؛ في حين يراها الجانب الفلسطيني أنها ناجمة عن خلاف أساسي حول تحديد موضوع الصفقة والالتزام بالعمل لترجمته. والفارق شاسع بين النظرتين.
وقد كان هذا التباين الرئيسي واضحاً منذ بداية اللقاء. الرئيس ترامب، بقيت كلمته الترحيبية في حدود التعبير عن حسن النوايا والرغبات الطيبة "كوسيط ومسهّل وحَكَم" في المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، ونأى تماماً عن ذكر صيغة حل الدولتين، ولو بالتلميح.
كذلك فعل المتحدث الرسمي في البيت الأبيض، شون سبايسر، في مؤتمره اليومي، حيث خلت أجوبته على ثلاث أسئلة عن اللقاء، من أي إشارة إلى الدولة الفلسطينية.
وكما جرت العادة مع الرؤساء السابقين، حرص ترامب على ترديد المعزوفة المعتمدة منذ اتفاق أوسلو بأنه "لا يقوى على فرض حلّ". وقد ثبت عدم جدوى هذه المعزوفة، لأنها ترجمة للدور الذي أرادت إسرائيل من الإدارات الأميركية المتعاقبة أن تلعبه، والذي يضمن لها شراء الوقت وقضم الأرض.
ترامب لا يشذ عن القاعدة طالما تبنى ذات النغمة. صحيح أنه عرض نفسه كحَكَم، لكنه دور بلا قواعد تحكمه، طالما أن غاية اللعبة غير متفق عليها. كما أنه واضح في عدم الالتزام بحل الدولتين، إذ قال لدى استقباله لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو في مارس/ آذار الماضي، إنه يبارك ما يتفق عليه الجانبان، "سواء دولة أو دولتين"، علماً بأن دولة واحدة تعني بقاء الاحتلال.
ويعتقد ترامب أنه لا ضرورة للتمسك بحل الدولتين، لأنه "يمكن ابتداع صيغة أخرى"، وفق ما نُسب لمصدر داخلي. المهم التوصل إلى اتفاق "لأننا نريد تحقيق السلام"، كما قال في كلمته، بصرف النظر عن الصيغة المؤدية إلى ذلك. تغييب الصفة السيادية الفلسطينية لهذا السلام يجعل من وعود وطروحات الرئيس ترامب نسخة عن الموروث المحكوم بنفس النتائج.
في المقابل، بدا الرئيس عباس وكأنه كان سبّاقاً إلى التحذير الضمني من هذا المسار، حين بدأ كلمته في البيت الأبيض بالتأكيد على أن "الهدف الاستراتيجي لنا يتمثل في صيغة الدولتين بحيث تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية".
وضوح مقابل غموض عللته الإدارة بأنه يعكس الرغبة في ترك الأمور الأساسية لجولات التفاوض التي لا ترغب في "استباقها". لكنه في حقيقته يعكس موقف الإدارة غير الملتزم بخيار الدولتين، والذي اتسم خلال المحادثات التي تكتم الجانبان بخصوص محتوياتها "بمطالبة الجانب الفلسطيني بالتزامات أمنية كثيرة"، وفق ما تردد.
وما يعزز مثل هذه التسريبات أن جماعات إسرائيل في الكونغرس ومطابخ الرأي قاموا بشبه حملة ضاغطة عشية الزيارة لقطع الطريق على أي انفتاح محتمل من جانب البيت الأبيض نحو الرئيس عباس. في مجلس الشيوخ، جرى تحرك بصورة طرح مشروع قانون لوقف المساعدات للسلطة الفلسطينية إن لم تتوقف هذه الأخيرة عن دفع رواتب شهرية لعائلات الشهداء.
كما عقدت ندوات ونشرت مقالات كان المبعوث الخاص الأسبق للمفاوضات وشبه الناطق بالموقف الإسرائيلي، دانيس روسن، من أبرز المشاركين فيها، والتي عملت على ترويج أطروحة أن العرب الآن بحاجة لأميركا وبدأوا الانفتاح على إسرائيل، وبالتالي فإن المطلوب الآن تعزيز هذا التحول "بدلاً من الانشغال بحل لقضية معقدة مع الفلسطينيين عمرها 70 سنة".
لكن بالرغم من ذلك، حازت الزيارة على اهتمام ملحوظ، خاصة في وسائل الإعلام؛ وذلك بقطع النظر عن نتائجها التي بدت التوقعات ضعيفة بشأنها. لكن طالما بقيت واشنطن تتذرع بعدم القدرة على فرض حل وبأن دورها مقتصر على الوساطة فقط، طالما بقي دورها محكوماً بذات النهاية. والحديث عن مهارات ترامب في عقد الصفقات لا يغير في الأمر شيئاً بالرغم من حسن استقباله للرئيس عباس، وربما رغبته في تحقيق إنجاز من وزن حل الصراع الفلسطيني مع إسرائيل.
يقول جورج ميتشل، السناتور السابق والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، في المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية: "انظر إلى ما يفعلون وليس إلى ما يقولون"، وهو شاهد من الداخل.