لقاء الحكومة المصرية بأهالي العريش... رقم ساخن و"سيلفي" بلا حلول

08 يوليو 2018
تفاقمت أزمات المواطنين الإنسانية في مدينة العريش (الأناضول)
+ الخط -
انتظر أهالي مدينة العريش في محافظة شمال سيناء، شرقي مصر، اللقاء مع قيادة المحافظة ومندوبي الأمن من الشرطة والجيش، بعد تفاقم الأزمات الإنسانية في المدينة، على إثر العملية العسكرية الشاملة المستمرة منذ خمسة أشهر تقريباً، إلا أنّ نتائج اللقاء الذي حصل الأسبوع الماضي، كانت دون المتوقّع، وأصابت المواطنين بخيبة الأمل، إذ لم يصدر عن اللقاء سوى تخصيص خطّ ساخنٍ للتواصل عبر تطبيق "واتساب"، من دون الاهتمام بأي من أزمات المدينة. وفي التفاصيل، نظّمت محافظة شمال سيناء مؤتمرًا جماهيريًا في المدينة الشبابية بمدينة العريش، بحضور اللواء السيد عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، واللواء أشرف البغدادي، مساعد مدير أمن شمال سيناء، والعميد ممدوح جعفر، رئيس أركان قطاع تأمين شمال سيناء، ومسؤول التنسيق المدني، بالإضافة إلى عدد من القيادات التنفيذية والشعبية والسياسية وممثلي الشباب والمرأة والمشايخ.

وفي حديثه، قال حرحور إنّ "الدولة تعمل بجهود جميع أجهزتها على تحقيق المطالب العادلة للمواطنين في مختلف المحافظات، خصوصاً في محافظة شمال سيناء"، مشيرًا إلى أنّ "المحافظة، وبالتنسيق مع الأجهزة المعنية، قدّمت عدداً من التسهيلات للمواطنين خلال الفترة الماضية"، فيما شدد جعفر على "اهتمام القيادة السياسية المصرية بسيناء"، قائلاً إنّ الدولة "خصّصت مليارات الجنيهات لتنمية وتعمير سيناء"، وأشار إلى أنّ "الوضع الأمني يمثّل عائقًا أمام التنمية، وعمليات التنمية ستجري على أرض سيناء فور تطهيرها من الإرهاب".

وتعقيباً على ذلك، قال مسؤول حكومي في محافظة شمال سيناء لـ"العربي الجديد" إن "اللقاء كان روتينياً، ولا يحمل أي رسالة تتعلّق بحلّ أزمات المواطنين، كما كان يتوقّع أهالي العريش. فالحاضرون من الشخصيات الأمنية والحكومية ليس لديهم صلاحيات كافية لاتخاذ قرارات مصيرية تتعلّق بحياة المواطنين، وبالرغم من معرفتهم الدقيقة بأزمات السكان كافة، إلا أنّهم وعدوا بنقلها إلى القيادات العليا، وهذا غير منطقي، بسبب أن قيادة عمليات الجيش المصري على دراية واسعة بمآلات الوضع الإنساني في سيناء".

وأضاف المسؤول الحكومي، الذي رفض الكشف عن اسمه، أنّ "اللواء عبد الفتاح حرحور حاول أن ينهي فترة عمله كمحافظ شمال سيناء بعد خمس سنوات من الخدمة فيه، بالخروج بإنجاز أمام المواطنين، خصوصاً أن فترة قيادته المحافظة شهدت أسوأ الأحداث والوقائع، وتحوّلت من محافظة هادئة ومستقرة إلى محافظة متدهورة الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية بشكل لم يمر على المحافظة على الإطلاق من قبل. إلا أنّ القيادة الأمنية لم تحقّق له رغبته، وأصرّت على بقاء الوضع الحالي على ما هو عليه الآن". وبذلك سيسلّم حرحور قيادة المحافظة إلى اللواء ممدوح النحاس، وفقاً للتسريبات المتداولة حالياً، وسط سخط عشرات آلاف المواطنين من الوضع السيئ الذي تشهده المحافظة.

وقد أظهر المواطنون سخطهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات التي تلت اللقاء الذي كانوا ينتظرونه منذ أسابيع عدة، وتوقعوا أن يشهد قرارات تتعلّق بالحياة الاقتصادية والأمنية والتعليمية، في ظلّ توقف الدراسة منذ بدء العملية العسكرية، وكذلك منع حركة المواطنين من وإلى المحافظة إلا بتنسيق مسبق، عدا عن ضعف الحركة الشرائية للمواطنين في ظلّ توقف عشرات المهن المرتبطة بفتح محطات الوقود، وتسهيل الحركة أمام الصيادين والمزارعين.

يشار إلى أنّ المواطنين كانوا ينتظرون قرارات مشابهة لتلك التي اتخذت في اللقاء الجماهيري الذي عقدته قيادة الجيش المصري بمدينة بئر العبد المجاورة، التي شملت تسهيلات للحصار المفروض على المدينة التي تمثّل جزءاً مهماً من محافظة شمال سيناء. إلا أنّ ما جرى عقب اللقاء الإيجابي في بئر العبد بحق العميد أركان حرب شريف جودة العرايشي، نائب رئيس أركان قطاع تأمين شمال سيناء، بنقله من عمله إلى وظيفة مستشار عسكري في المنطقة العسكرية بدمياط، قد يكون ألقى بظلاله على ابتعاد القادة المشاركين في لقاء العريش عن اتخاذ قرارات لمصلحة المواطنين.

ولم تتمكّن القيادات الحاضرة في اللقاء الذي استمرّ خمس ساعات متواصلة، إلا من اتخاذ قرار واحد تمثّل بتخصيص خط ساخن للمواطنين من أجل طرح مشاكلهم، رغم أنّ العميد ممدوح جعفر تحدّث عن الأزمات التي تخصّ المواطنين قبل طرحها من قبل المواطنين أنفسهم. وأعلن جعفر عن تخصيص رقم هاتف للتواصل عبر خدمتي "واتساب" و"فيسبوك" من خلال مجموعة يطلق عليها اسم "محبي سيناء"، وذلك لطرح الرؤى والأفكار ومناقشة المطالب والمقترحات كافة، فيما غابت القرارات عن أزمات سيناء ككل، والعريش على وجه الخصوص.

إلى ذلك، قال أحد وجهاء مدينة العريش لـ"العربي الجديد" إن مطالب المواطنين المشاركين في اللقاء تركّزت على فتح محطات الوقود أمام السيارات وفتح طرق السفر بدون تنسيق، مع اتخاذ الإجراءات الأمنية كافة، وتحقيق الإجراءات الأمنية على الكمائن ومعديات العبور على قناة السويس، والإفراج عن المعتقلين من أبناء سيناء من غير المتورطين في أعمال إرهابية أو قضايا جنائية، وصرف الإعانات والتعويضات المقررة، وعودة الدراسة في المدارس والجامعات والمعاهد العليا المتوقفة منذ بدء العملية العسكرية الشاملة.

وأضاف أنّ "اللقاء كان دون المتوقّع، فالمواطنون وضعوا آمالاً عريضة على هذا اللقاء، على أمل أن يحقق إنجازاً في الأمور الحياتية كحد أدنى، خصوصاً في ما يتعلّق بحركة المواطنين من وإلى المحافظة، والتخفيف من حدة الحصار المفروض على المحافظة منذ خمسة أشهر، إلا أنّ ذلك كله ذهب أدراج الرياح، مع تخصيص رقم لتلقي الشكاوى من المواطنين، في حال توفرت شبكة الاتصالات والإنترنت بالعريش، عدا عن توجه بعض المنتفعين لأخذ صور السيلفي مع القيادات الحاضرة، وكأن شيئاً لم يكن!".

المساهمون