20 نوفمبر 2024
لغة عربية جديدة حيال إسرائيل
ترى أصوات إعلامية فلسطينية أن بعض الدول العربية (وتقصد تحديدًا مصر والأردن والسعودية والبحرين والإمارات) لم تعد في الآونة الأخيرة تنظر إلى العلاقة مع دولة الاحتلال الإسرائيلية كما في عقدي الخمسينيات والستينيات، بصورة أكثر حدّة وربما تحريمًا، أو على أنها فعل مُنكر، وإنما تحوّلت تلك النظرة إلى "تصوّر واقعي أكثر براغماتية". لكن هذه الأصوات تؤكّد، في الوقت عينه، أن هذه البراغماتية ما تزال في الإطار الإجمالي لردة الفعل والموقف العربي، ولم تخرج عن سياق ما تسمى "الممانعة".
وبموجب ما كتب أحد هذه الأصوات، أخيرًا، انتقل العرب من تحريم العلاقة مع إسرائيل إلى إبداء الاستعداد لإعادة دمجها في النظام الإقليمي والسياسي لمنطقة الشرق الأوسط، وتطبيع العلاقات معها، ولكن بشرط واضح، هو إزالة آثار حرب 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية. ومن دون ذلك، يمكن لدول عربية صغيرة إجراء اتصالاتٍ من تحت الطاولة غير علنية مع إسرائيل، غير أن هذه الدول لا تجرؤ حتى على إعلان هذه الاتصالات، كما لو أنها فعل مُحرّم من قبيل الدنس أو الفاحشة التي يجب التستر عليها، وعدم التفاخر بإقامتها.
هل يكفي هذا التوصيف المُسبق الأدلجة لما يجري الآن على محور العلاقات بين الدول العربية السالفة ودولة الاحتلال، كي يتسبب بالعزاء، أو حتى ببعضه بالنسبة للفلسطينيين، ولا سيما في مقابل ما تقوله إسرائيل وزعماؤها بهذا الصدد؟
قد لا يجوز لنا أن نجيب عن هذا التساؤل قبل أن تتضح الصورة الكاملة بشأن ما يمكن أن يحيل إليه واقع انتقال العرب من تحريم العلاقة مع إسرائيل إلى إبداء الاستعداد لدمجها في الإقليم، من تأثير مباشر على مستقبل القضية الفلسطينية. مع هذا، لا بُدّ من ملاحظة أن هذا الانتقال، ولو على المستوى التفكيريّ، تأدّى عنه إلى الآن ظهور بوادر لغة جديدة لدى الضاربين بسيف أولئك العرب، تُستخدم فيها مُصطلحاتٌ تنمّ عن التفاف على جميع وقائع الظلم والبشاعة وانعدام العدالة التي شهدتها القضية الفلسطينية منذ نشوئها قبل أكثر من قرن، وليس بسبب حرب 1967.
وللتدليل على هذا من الفترة الأخيرة فقط، نبدأ بلجوء وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في أثناء دورة الجمعية العامة في الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الفائت، إلى الاستعاضة عن مصطلح القضية الفلسطينية بعبارة "النزاع الإسرائيلي - العربي".
وسُرعان ما تطورت هذه العبارة في سياق أحد مقالات الرأي ضمن صحيفة الحياة (10/10/2017) إلى عبارة "الموضوع الفلسطيني - الإسرائيلي"، الذي حوّل فيه "المتطرّفون في الطرفين ويحوّلون النزاع إلى مجرّد ساحة مفتوحة للقتل والقتال، للعدوان وردّ العدوان... وهنا، لا يُقَرُّ بوجود حياة تفيض عن الحرب، حياةٍ تنطوي على تداخل يطاول جوانب عدّة في مجالات العمل والدراسة والاستشفاء والمأكل والمشرب والحبّ".
قبل ذلك، وفي تناول للدروس التي على العرب استخلاصها من حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973، كتب إعلامي ومثقف سعودي في "الشرق الأوسط" (7/10/2017) أنه بعد تلك الحرب لم تخُض إسرائيل حربًا توسعية، وكانت نهاية حلم "إسرائيل الكبرى". وجزم بأن "حروب إسرائيل التالية كلها كانت دفاعية ضد منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، ثم ضد حزب الله الإيراني". واستنكف الكاتب عن ذكر الحروب الإسرائيلية المُتسلسلة على قطاع غزة، بما يجيز لنا أن نتساءل فيما إذا كان يعتبرها مجرّد "عمليات عسكرية" بموجب القاموس الإسرائيلي، بحيث تنطبق عليها ليس صفة الدفاعية فحسب وإنما أيضًا الشرعية القانونية الدولية؟
كل هذا غيض من فيض لغة جديدة، أدّعي أنها باتت تشكل جزءًا من عملية التعاطي مع دولة الاحتلال. وأوْلى بنا حيالها أن نهتم بإعادة المعنى الحقيقي إلى المُصطلحات، على غرار بعضها المذكور آنفًا، من طريق رفض نزعها من معايير مبدئية، يتعين أن توجّه العرب قبل غيرهم في تعاملهم مع دولة الاحتلال وسياستها إزاء الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
وبموجب ما كتب أحد هذه الأصوات، أخيرًا، انتقل العرب من تحريم العلاقة مع إسرائيل إلى إبداء الاستعداد لإعادة دمجها في النظام الإقليمي والسياسي لمنطقة الشرق الأوسط، وتطبيع العلاقات معها، ولكن بشرط واضح، هو إزالة آثار حرب 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية. ومن دون ذلك، يمكن لدول عربية صغيرة إجراء اتصالاتٍ من تحت الطاولة غير علنية مع إسرائيل، غير أن هذه الدول لا تجرؤ حتى على إعلان هذه الاتصالات، كما لو أنها فعل مُحرّم من قبيل الدنس أو الفاحشة التي يجب التستر عليها، وعدم التفاخر بإقامتها.
هل يكفي هذا التوصيف المُسبق الأدلجة لما يجري الآن على محور العلاقات بين الدول العربية السالفة ودولة الاحتلال، كي يتسبب بالعزاء، أو حتى ببعضه بالنسبة للفلسطينيين، ولا سيما في مقابل ما تقوله إسرائيل وزعماؤها بهذا الصدد؟
قد لا يجوز لنا أن نجيب عن هذا التساؤل قبل أن تتضح الصورة الكاملة بشأن ما يمكن أن يحيل إليه واقع انتقال العرب من تحريم العلاقة مع إسرائيل إلى إبداء الاستعداد لدمجها في الإقليم، من تأثير مباشر على مستقبل القضية الفلسطينية. مع هذا، لا بُدّ من ملاحظة أن هذا الانتقال، ولو على المستوى التفكيريّ، تأدّى عنه إلى الآن ظهور بوادر لغة جديدة لدى الضاربين بسيف أولئك العرب، تُستخدم فيها مُصطلحاتٌ تنمّ عن التفاف على جميع وقائع الظلم والبشاعة وانعدام العدالة التي شهدتها القضية الفلسطينية منذ نشوئها قبل أكثر من قرن، وليس بسبب حرب 1967.
وللتدليل على هذا من الفترة الأخيرة فقط، نبدأ بلجوء وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في أثناء دورة الجمعية العامة في الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الفائت، إلى الاستعاضة عن مصطلح القضية الفلسطينية بعبارة "النزاع الإسرائيلي - العربي".
وسُرعان ما تطورت هذه العبارة في سياق أحد مقالات الرأي ضمن صحيفة الحياة (10/10/2017) إلى عبارة "الموضوع الفلسطيني - الإسرائيلي"، الذي حوّل فيه "المتطرّفون في الطرفين ويحوّلون النزاع إلى مجرّد ساحة مفتوحة للقتل والقتال، للعدوان وردّ العدوان... وهنا، لا يُقَرُّ بوجود حياة تفيض عن الحرب، حياةٍ تنطوي على تداخل يطاول جوانب عدّة في مجالات العمل والدراسة والاستشفاء والمأكل والمشرب والحبّ".
قبل ذلك، وفي تناول للدروس التي على العرب استخلاصها من حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973، كتب إعلامي ومثقف سعودي في "الشرق الأوسط" (7/10/2017) أنه بعد تلك الحرب لم تخُض إسرائيل حربًا توسعية، وكانت نهاية حلم "إسرائيل الكبرى". وجزم بأن "حروب إسرائيل التالية كلها كانت دفاعية ضد منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، ثم ضد حزب الله الإيراني". واستنكف الكاتب عن ذكر الحروب الإسرائيلية المُتسلسلة على قطاع غزة، بما يجيز لنا أن نتساءل فيما إذا كان يعتبرها مجرّد "عمليات عسكرية" بموجب القاموس الإسرائيلي، بحيث تنطبق عليها ليس صفة الدفاعية فحسب وإنما أيضًا الشرعية القانونية الدولية؟
كل هذا غيض من فيض لغة جديدة، أدّعي أنها باتت تشكل جزءًا من عملية التعاطي مع دولة الاحتلال. وأوْلى بنا حيالها أن نهتم بإعادة المعنى الحقيقي إلى المُصطلحات، على غرار بعضها المذكور آنفًا، من طريق رفض نزعها من معايير مبدئية، يتعين أن توجّه العرب قبل غيرهم في تعاملهم مع دولة الاحتلال وسياستها إزاء الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.