لغة الكلاكسات وأدب الشاحنات في مصر

04 ديسمبر 2015
زحمة السير في الإسكندرية (Getty)
+ الخط -
تحتفظ الطرق المصرية ببعض الظواهر الخاصة، من بينها طريقة التخاطب التي يتعامل بها سائقو السيارات أصحاب الميول المزاجية الخاصة، وعلى رأسهم قائدو الشاحنات. فالإحساس بالوحدة والرغبة في تسلية النفس دفع بعضهم إلى أن يكونوا موسيقيين مهرة عبر أبواق سياراتهم (الكلاكسات).

في مصر تستطيع أن تسمع عبر "آلة الكلاكس" نغمة مشهورة لأم كلثوم مثل (إنت عمري)، أو (ألف ليلة وليلة)، أو (أمل حياتي) وغيرها. وربما تكون النغمة الصادرة على الوزن الموسيقى لاسم السائق ذاته، أو اسم السيارة، حيث يعمد بعض أصحاب سيارات النقل الثقيل أن يطلقوا أسماء محببة وطريفة على سياراتهم مثل (ست الحسن والجمال) و(المحروسة) و(القوية المفترية)!
أحياناً تكون الكلاكسات المتتابعة والصاخبة وسيلة للضغط على رجال المرور للسماح لهم بالمرور بشكل غير شرعي. وفي بعض الأحيان ينتقم السائق من المروري الذي أعطاه المخالفة بنغمة توحي بالسباب.

في حين يتفق أصحاب مهنة القيادة على الطرق السريعة على تنبيه بعضهم عن طريق الكلاكسات والإشارات، بإصدار نغمات محددة أو إضاءات معينة يكون معناها: (خذ حذرك؛ الطريق مراقب بالرادار)!

أمتع ما في هذا العالم الغريب أن تتقارب العواطف تبعاً لنوعية السيارة، فإذا كنت تركب سيارة ما ومرت عليك سيارة من نفس الماركة واللون والموديل، تجد التحية العالية من كلاكس السيارة المقابلة، حيث تظهر رابطة الأخوة، فكلاهما خرج من رحم مصنع واحد.

أقرأ أيضاً: إعلانات "ماونتن فيو" أو كيف تصنع الطبقية على الهواء


كما تنطلق صيحات الإعجاب والتحية من أبواق السيارات المختلفة إذا مرت عليهم سيارة عالية الجودة غريبة عن الطرقات التي يسيرون عليها، وربما تنطلق صيحات المداعبة إذا كانت السيارة عتيقة للغاية وتكاد تسير بصعوبة، وكأنها تقول لقائدها: (قلبي معاك). وربما حملت الأصوات بعض عبارات الغزل الواضحة أو المداعبة إذا كان من يقود السيارة المقابلة فتاة!
وإذا كنت تسير في شوارع القاهرة – مثلاً- في يوم إقامة مباراة بين الأهلي والزمالك؛ فمن السهل جداً أن تفسر الأصوات بأنها تقول: "بيب بيب.. أهلي"، أو "زمالك"، أو ما شابه.
أما العبارات والكلشيهات المسجوعة التي يكتبها بعض السائقين على سياراتهم فهي عالم خاص، فربما يخاطب السائق بها الناس في الطرقات ويعرفهم بنفسه؛ كأن يكتب على سياراته: (يا ناس يا عسل "فلان" وصل) ذاكراً اسمه. ومنهم من يخبر الناس بمعلومة عن السيارة كأن يقول: (بشويش وبهدوء .. لسه عليها أقساط). ومنهم من يقول مفاخراً: (متبصليش بعين ردية، شوف اللي اندفع فيه).

الخوف من الحسد يدفع بعضهم إلى أن يلطخ سيارته الجديدة بالدم أو يعلق فردة حذاء واحدة في واجهتها وفقاً لتقاليد موروثة، وأيضاً يندفع بعضهم لكتابة شعارات وقائية مثل: (يا ناس يا شر كفاية قر). أو (العين صابتني ورب العرش نجاني). وأحياناً تكون هناك علاقة وطيدة بين السيارة وسائقها تجعله يخاطبها بكل ود؛ كالعبارة التي كتبها صاحب سيارات توزيع صغيرة الحجم (ميني سوزوكي): (ما تزعليش يا أمُّورة.. بكرة تبقي مقطورة)!

أقرأ أيضاً: التحرش الجنسي في مصر.. #مين_السبب
المساهمون