تتعرض اللغة العربية الفصحي لحالة من الإنهاك والإهمال في مدارس وجامعات وصحف وقنوات التليفزيون بشكل لا مثيل له عبر تاريخها كله، ولعل الحوار بين شباب العرب على مواقع التواصل الاجتماعي بما يطلق عليه لغة "الفرانكو آراب"(كتابة كلمات عربية بحروف لاتينية) ليس سوى أحد تجليات أزمة اللغة، والتي تتضح أكثر في الأخطاء الفادحة والمتكررة من وسائل إعلامية معروفة، وإعلاميين مشهورين.
ومن المفارقات المدهشة أن محتوى الإنترنت باللغة العربية لم يتجاوز 3% فقط على الرغم من أن عدد مستخدمي الإنترنت في الوطن العربي تجاوز الـ 140 مليون مستخدم!
الأجيال الجديدة رهينة المحبسين؛ سوق العمل التي جعلت من إتقان اللغة الأجنبية شرطاً للمرتب المرتفع والتوظيف السريع من جهة، ومخاوف الأهل من عدم الاستجابة لمتغيرات العصر ومتطلباته، وإن كان على حساب اللغة الأم من جهة أخرى.
"غربة اللغة العربية" في بلادها ليست نتيجة سلوك فردي لمدرس أو لمدرسة أصابها استثناء الإهمال وانعدام الرقابة أو الاغتراب عن لغة القرآن، ولكنها تراكم لمواقف متخاذلة ومنسحقة تجاه لغات العالم المتقدم علميّاً وتكنولوجيّاً مما أدى إلى نشوء أنماط تعليمية داخل الدولة الواحدة.
النموذج المصري
ولعل النموذج المصري هو الأكثر وضوحاً، فالحالة المصرية التعليمية تتضمن تعليماً أميركياً وفرنسياً وألمانياً وكندياً وإيرلندياً وحتى تركياً وغيره من أنماط التعليم، التي تجمع كلها على اعتبار أن تعليم اللغة العربية أمر فرعي لا علاقة له بسوق العمل أو هوية تلك المدارس .
وإذا كان إقبال أصحاب العمل على خريجي الإنجليزية، نظراً، لحاجتهم للتعامل مع مؤسسات أجنبية هو السبب المباشر لذلك، فإن اللغات الأجنبية باعتبارها مظهراً مجتمعيّاً يدلل على الرقي، كان له دور في إهمال اللغة والتعالي على استخدامها في المجتمعات الراقية، وهو امتداد لتقاليد الطبقات الأرستقراطية التي كانت تحيط بالحاكم المحتل وتتحدث لغته وتفخر بها باعتبارها رمز السيادة على الشعب الذي احتلت بلاده.
لكن الجديد هنا أن أغلب المحلات والشركات الكبري في مصر تطلق تحت أسماء لا تنتمي إلى اللغة، وهو ما خلق حاجزاً بين الشعوب ولغتها العربية، وجعل منها لغة من الدرجة الثانية مجتمعيّاً، ولغة بلا جدوى تجاريّاً ولغة غريبة وغير معتادة بالنسبة للأجيال الجديدة!
لغة "الفرانكو آراب"
ولعل من أبرز مظاهر ضياع اللغة العربية، لغة "الفرانكو آراب" والتي يستخدمها الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يوضحه " أحمد سعيد" 18 عاماً، وهو طالب سوري مقيم في القاهرة: يعتبرني أصدقائي غير مساير للموضة بسبب عدم استخدامي لغة الفرانكو، سواء على فيسبوك أو على واتس أب أو حتى في رسائل الهاتف المحمول العادية، مشيراً إلى أن الأمر بالنسبة لزملائي مرتبط بالوجاهة الاجتماعية ليس إلا.
ويبرر "سعيد" رفضه استخدام لغة الفرانكو في الكتابة إلى معلومة قالتها له إحدى مدرسات اللغة العربية في مدرسته عندما لاحظت انتشار استخدام الكتابة بهذه اللغة بين تلاميذ الفصل؛ حيث فاجأتهم: هل تعلمون أنكم لستم أول من استخدم لغة الفرانكو في التاريخ. وأضافت، لقد استخدمها أجدادكم في الأندلس بعد سقوطها عام 1492م، بعد أن تم إجبارهم على كتابة العربية بحروف إسبانية في محاولة للقضاء على اللغة العربية والقضاء على كل ما هو مرتبط بلغة القرآن.
فيما تقول "شهيرة عبد الدايم" محاسبة وأم لطفلين(تلاميذ في مدارس أمريكية في المرحلتين الابتدائية والإعدادية): أنا مقتنعة تماماً بأنه لابد لنا من أن نوفر فرصاً لأبنائنا نحو حياة أفضل، والواقع يقول، إن مستوى التعليم يؤثر على المستقبل بشكل كبير.
وتضيف موضحة: أنا أعمل في أحد البنوك الاستثمارية المعروفة، ومن شروط الالتحاق في الوظائف في البنك أن يكون المتقدم خريج إحدى الجامعات الدولية، مثل الجامعة الأميركية أو الألمانية، حيث تكون فرصته في الفوز بالوظيفة أعلى من خريج الجامعات المصرية، مشيرة إلى أن المسؤولين عن التوظيف في البنك لا يعقدون اختباراً في اللغة العربية في نفس الوقت.
وتستطرد متسائلة: هذا هو الواقع، فلماذا لا أوفر لأطفالي الفرص الملائمة لأخذ مكانة اجتماعية راقية في المجتمع؟ مشيرة إلى أن هناك تأثيراً سلبيّاً على لغة أطفالها العربية، ولكنها لا ترى أن هذا شيء مؤثر على الإطلاق.
حماة اللغة
وفي مواجهة ذلك التراكم الرهيب من الاستهداف، يحاول عدد من المؤسسات الأهلية في مصر وبعض المبادرات الشبابية على مواقع التواصل الاجتماعي الحفاظ على لغة القرآن عبر تجارب رائدة لإحياء وحماية لغة الضاد من الضياع.
تقول "أميرة علي جمعة"، مؤسس مبادرة إحياء (مبادرة أهلية غير حكومية): إن من أكثر الأسباب التي أدت إلى ضياع اللغة العربية هو انتشار المدارس الخاصة والمدارس الدولية، والتي أهملت تدريس اللغة العربية واعتبرتها اللغة الثانية، وليست اللغة الأم، وركزت اهتمامها كله على تدريس اللغة الأجنبية.
وتضيف: للأسف كانت النتيجة؛ طلاب لا يعرفون شيئاً عن لغتهم الأساسية وفي نفس الوقت لا يتحدثون الإنجليزية بطلاقة، مشيرة إلى أن الجيل الجديد وخصوصاً بدءاً من مواليد التسعينات تجد أن لغتهم العربية ركيكة ويكتبون بأخطاء لغوية واضحة.
وترفض "أميرة" تحميل أولياء الأمور وحدهم مسؤولية تدهور حال أبنائهم في تلقي اللغة العربية، مشيرة إلى أن الأهل يحاولون مراعاة متطلبات سوق العمل والتي تجعل من إتقان اللغة الأجنبية شرطاً للتوظيف في الوظائف الجيدة، وهم في هذا يحاولون توفير فرص مناسبة لأبنائهم لخوض المستقبل، وهم مستعدون له.
وترى "أميرة" أن وزارة التربية والتعليم عليها دور كبير في تعزيز ودعم اللغة العربية، وذلك من خلال القرارات التي تتخذها بهذا الصدد، مشيرة إلى أن قراراً اتخذته وزارة التعليم في مصر عام 2006 بإلزام المدارس الدولية بضرورة تدريس كل من اللغة العربية والتربية الدينية والدراسات الاجتماعية في منهاجها الأجنبية بعدما وجدت أن هناك إهمالاً في تدريس اللغة العربية أثر على إتقان الطلاب للغة كتابة وتحدثاً.
وعن تجربة إحياء تقول أميرة: بسبب إيماني كأم وكمصرية وعربية بأهمية اللغة العربية، وأنها الحامل للهوية والقيم والثقافة، وبعد أن شاهدت التراجع الذي وصلت له بسبب انتشار المدارس الدولية، وكجزء من المسؤولية المجتمعية تجاه المجتمع أنشأت هذا المركز، الذي يحمل شعار "تدريب.. إتقان.. إبداع" لإحياء اللغة العربية عند الأطفال من سن 6 سنوات إلى 9 سنوات بهدف ترغيب الأطفال في القراءة والكتابة باللغة العربية.
وتشير إلى "أن التصاق أبنائنا بوسائل التكنولوجيا الحديثة، مثل الهاتف المحمول والحواسب المتعددة الأحجام والأشكال، أدت إلى تراجع الكثير من الأساسيات في حياتنا، وأولها الاهتمام باللغة العربية، مضيفة أن المركز معني، أيضاً، بالفنون والموسيقى، مثل الرسم، والتلوين على الزجاج وإعادة التدوير وتعليم مهارات العزف على البيانو والكمان وغيرها.
وحول إقبال أولياء الأمور على فكرة إحياء اللغة العربية ومدى تجاوبهم معها، تقول أميرة: 90% من الأمهات يرون أهمية وضرورة الحماية والحفاظ على اللغة العربية ويرونها بالفعل مهددة، لكن 30% فقط هم من يقررون اتخاذ خطوة إيجابية وبذل الجهد في سبيل الحفاظ عليها.
التعليم الأجنبي
وفي دراسة أعدتها الباحثة التربوية، دكتورة بثينة عبد الرؤوف، بعنوان "مخاطر التعليم الأجنبي على هويتنا الثقافية وقيم المواطنة والانتماء" ظاهرة انتشار المدارس الأجنبية/الدولية في مصر" تقول: إن نموذج التعليم الأميركي يعد أكثر النماذج انتشاراً في مصر، مشيرة إلى أن المقررات التي يتم تدريسها في المواد العلميّة كالرياضيات والكيمياء والفيزياء، تشمل مواضيع بسيطة مقارنةً بما يدرسه طلاّب الثانوية العامة المصريّة، وإن كانت أكثر تطوراً.
وتضيف: أما مواد الثقافة القومية، فهي غير أساسية لطلاب هذه المدراس، ولا يتم الالتزام بتدريس المنهج كاملاً، خصوصاً في المرحلة التي تسبق الثانوية العامة، وفي هذه المرحلة يستطيع الطالب الالتحاق بالجامعة من دون أن يؤدي امتحان اللغة العربية والدين، لكنه لا يُمنَح الدرجة الجامعية إلا بعد الامتحان فيهما، أي أنه حرّ في اختيار الوقت المناسب له للتقدم إليهما.
وتستكمل، أما إذا التحق بالجامعة الأميركية أو أي جامعة أجنبية أخرى، فلا يكون ملزماً بالامتحان في هذه المواد، وتعتبر الباحثة أنّ مثل هذا النوع من التعليم يُخرج كفاءات لا تناسب الحاجات المحلية.
وتعرض الباحثة عدداً من القصص التي تدرس في المدارس الأميركية في مادة اللغة الإنجليزية، وذلك من أجل التعرّف على القيم المتضمَّنة، خصوصاً في مرحلة التعليم الأساسي وإلى جانب القيم الإيجابية: الثقة بالنفس، الإصرار على النجاح، عدم الاستسلام للواقع، حب العلم والمعرفة والعمل، التسامح والتعاون، التعلم الذاتي والتفكير الناقد، قبول الآخر، الشجاعة في التعبير عن الرأي، العمل الجماعي وغيرها. كما تظهر العديد من القيم السلبية على رأسها قيمة الولاء والانتماء للولايات المتحدة "البلد الأكثر تقدماً وحريّة ورفاهيّة".
أما القيم الجماعية فجاءت محدودة، مع عدم التعرّض للقيم الأخلاقيّة والدينيّة والعائليّة، ففي إحدى القصص تقدّم الشخصية العربية بطريقة سلبية، على لسان جَمَل يقول، إنّ العرب "يتحاورون كثيراً ولا يتفقون على شيء"، ومن ثمّ تقدم الشخصية العربية على أنها غير قادرة على اتخاذ قرار، بل تحتاج، دوماً، إلى من يقودها، ولو كانت مجموعة من الجِمال، وفي قصة أخرى، تذكر البطلة أنها سافرت إلى العديد من الدول منها "إسرائيل" ومصر، كما تدعو إلى التعاطف مع اليهود وحقّهم في إقامة وطن لهم.
تأثير الإعلام
وعلى جانب آخر يعتبر كثير من المهتمين بالحفاظ على اللغة العربية أن وسائل الإعلام تلعب دوراً مؤثراً في الحفاظ أو ضياع اللغة العربية، وهو ما دفع مجمع اللغة العربية، في القاهرة برئاسة، الشيخ الأزهري د. حسن الشافعي، إلى إصدار تقرير، حصلت مراسلة "العربي الجديد" على نسخة منه، أحصى فيه مخالفات الصحف في استخدام اللغة العربية مثل؛ استخدام اللهجات العامية في نشرات الأخبار، أو نشر إعلانات بلغات أجنبية أو لهجات عامية أو خليط بينها.
وفي هذ السياق خصص المجمع جائزة قيمتها 70 ألف دولار أميركي لأفضل عمل إعلامي لخدمة اللغة العربية، وأخرى بنفس القيمة لأفضل تطبيق ذكي لتعلم العربية، وأخرى مثلها لأفضل مبادرة في استعمال شبكات التواصل الاجتماعي لنشر العربية.
يذكر أن تقارير دولية أشارت إلى أن نسبة المحتوى العربي على الإنترنت لا تتجاوز الـ 3% ، بالرغم من أن وصول عدد مستخدمي الإنترنت في الوطن العربي إلى 135 مليون، يستخدم أكثر من 71 مليون منهم الإعلام الاجتماعي بحسب "تقرير العالم العربي على الإنترنت 2014" والذي نشرته كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية.
مبادرة "اكتب صح"
"اكتب صح" هي مبادرة شابة تسعى إلى الحفاظ على اللغة العربية، ولكن على طريقتها الخاصة، حيث أطلق الصحافي، حسام مصطفى إبراهيم، منذ ما يقرب من عام، صفحته على فيسبوك لمراقبة آداء الكتاب والإعلاميين، فيما يخص اللغة العربية وإلقاء الضوء عليها لتصحيحها من خلال طريقة غير تقليدية.
والمتابع للصفحة والذي وصل عدد معجبيها إلى ما يرنو من 25 ألف متابع، سيجد أنها بجانب تركيزها على الأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية الشائعة، تقوم بإلقاء الضوء على تاريخ اللغة العربية ونشأة آدابها وطرح قضايا لغوية للنقاش.
ومن أطرف الأخطاء التي التقطتها الصفحة ما بثته قناة الحياة المصرية في تاريخ 26 يناير 2015 لمنشور يحمل صوراً لأفراد من الشرطة المصرية، أسفلها شعار لوزارة الداخلية يليه عنوان "الشرطة..ضرع الوطن" بدلاً من "درع الوطن" .. وهو ما تناقلته وسائل الإعلام الاجتماعي بالسخرية من هذا الخطأ اللغوي الفادح.
خطأ آخر رصدته الصفحة مذيلاً بسؤال: "ما الخطأ الفادح في هذا العنوان؟" وهو لأحد كتاب المقالات في موقع "البوابة نيوز "يحمل عنوان" من أعمالكم سلط عليكم" صدق الله العظيم!
وهو ما دفع إحدى المتابعات للصفحة بالتعليق بقولها ساخرة: "إنهم يدعون لدين جديد".
وفي تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية والذي يوافق 18 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، هناك 422 مليون شخص يتحدثون العربية، هم سكان الوطن العربي، ويحتاج إلى استعمالها أكثر من مليار ونصف المليار من المسلمين.
وأوضحت يونيسكو في تقريرها، أن اللغة العربية أثرت في كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي كالتركية والفارسية والكردية والأوردية والماليزية والإندونيسية والألبانية وبعض اللغات الأفريقية مثل الهاوسا والسواحيلية.
مستقبل اللغة العربية
وعن مستقبل اللغة العربية في ظل هذه التحديات المتزايدة والتي تهدد بضياعها، يقول د. عبد الله رمضان، أستاذ الأدب والنقد في جامعة المدينة العالمية في ماليزيا لـ"العربي الجديد": اللغة العربية مهما أصاب أهلها من ضعف ستظل حية لارتباطها بالقرآن الكريم، وكذلك لتراثها الثري جدّاً، ولرقيها ونضجها، غير أن الانكماش الحاصل الآن مرتبط في الأساس بالتراجع الحضاري للعرب، فكم عز أقوام بعز لغات، كما قال حافظ إبراهيم، والمنتج الحضاري على تنوعه يحمل اللغة ضمناً، فإننا، مثلاً، إذا أنتجنا وأسهمنا في التطور الحضاري للإنسانية تجوب منتجاتنا العالم بأسمائها التي سميناها بها، وإذا كتبنا في العلوم، مثلاً، تبقى مصطلحاتنا حاضرة لدى الأمم الأخرى بمسمياتها، ولنا في شواهد التاريخ الكثير، ففي وقت من الأوقات عندما كانت أوروبا ترتع في الجهل والظلام كانت العلوم العربية تقتحم العالم وتجوب الآفاق، وحتى الآن ما زالت بقايا من تلك المصطلحات حاضرة في العلوم. الشاهد أن المنتج الحضاري يحمل اللغة ويسهم في نشرها، فضلاً عن القوة الناعمة للأمم المتحضرة التي تجعلها قبلة للأمم الأخرى، مما ينعكس على انتشار لغتها ونموها وثرائها.
ويضيف: الحاصل الآن أن هناك إهمالاً كبيراً للغة العربية من الدول العربية نفسها، مما يستدعي وقفة جادة لضبط البوصلة على النحو الذي ينتصف لها، فالاهتمام بتعليم العربية وإصدار القوانين الداعمة لذلك واحترامها والتحدث بها، مما يمثل ضرورة كبرى، الأمر يقع على عاتق جهات عدة، الجهات الرسمية، والمجتمعية، والأفراد كذلك.
ويؤكد: لا ينتفي التطور الحضاري والمعرفي مع اللغة القومية، أو لو كانت العلوم والمعارف بها، فكثير من الدول التي لها لغات قومية ليست في نضج العربية ولا سهولتها، قياساً بهذه اللغات، تعتز بهويتها ولغتها وهي متطورة جدّاً، كاليابان والصين، وأخيراً تركيا.
ويختتم حديثه: يظل الأمل قائماً وحاضراً في العديد من المبادرات الأهلية والشبابية التي تحاول جاهدة إحياء العربية في حياة الناس، وكذلك جهود أكاديميين متميزين، كان لهم دور كبير في إصدار العديد من المطبوعات تهتم باللغة العربية المعاصرة وتطويع ما يمكن تطويعه مما شاع على الألسنة للقواعد الأصيلة ورده إلى الفصاحة، ولو على نحو من الأنحاء، ونذكر هنا معجم اللغة العربية المعاصرة، للدكتور أحمد مختار عمر رحمه الله.
ولتكون هذه المجهودات مؤثرة يجب وجود دعم رسمي من الحكومات، ودعم إعلامي وفني وإبداعي، والإكثار من الفعاليات، وقبل كل شيء القضاء على الأمية والجهل وتوفير مناخ للحرية والإبداع.
ومن المفارقات المدهشة أن محتوى الإنترنت باللغة العربية لم يتجاوز 3% فقط على الرغم من أن عدد مستخدمي الإنترنت في الوطن العربي تجاوز الـ 140 مليون مستخدم!
الأجيال الجديدة رهينة المحبسين؛ سوق العمل التي جعلت من إتقان اللغة الأجنبية شرطاً للمرتب المرتفع والتوظيف السريع من جهة، ومخاوف الأهل من عدم الاستجابة لمتغيرات العصر ومتطلباته، وإن كان على حساب اللغة الأم من جهة أخرى.
"غربة اللغة العربية" في بلادها ليست نتيجة سلوك فردي لمدرس أو لمدرسة أصابها استثناء الإهمال وانعدام الرقابة أو الاغتراب عن لغة القرآن، ولكنها تراكم لمواقف متخاذلة ومنسحقة تجاه لغات العالم المتقدم علميّاً وتكنولوجيّاً مما أدى إلى نشوء أنماط تعليمية داخل الدولة الواحدة.
النموذج المصري
ولعل النموذج المصري هو الأكثر وضوحاً، فالحالة المصرية التعليمية تتضمن تعليماً أميركياً وفرنسياً وألمانياً وكندياً وإيرلندياً وحتى تركياً وغيره من أنماط التعليم، التي تجمع كلها على اعتبار أن تعليم اللغة العربية أمر فرعي لا علاقة له بسوق العمل أو هوية تلك المدارس .
وإذا كان إقبال أصحاب العمل على خريجي الإنجليزية، نظراً، لحاجتهم للتعامل مع مؤسسات أجنبية هو السبب المباشر لذلك، فإن اللغات الأجنبية باعتبارها مظهراً مجتمعيّاً يدلل على الرقي، كان له دور في إهمال اللغة والتعالي على استخدامها في المجتمعات الراقية، وهو امتداد لتقاليد الطبقات الأرستقراطية التي كانت تحيط بالحاكم المحتل وتتحدث لغته وتفخر بها باعتبارها رمز السيادة على الشعب الذي احتلت بلاده.
لكن الجديد هنا أن أغلب المحلات والشركات الكبري في مصر تطلق تحت أسماء لا تنتمي إلى اللغة، وهو ما خلق حاجزاً بين الشعوب ولغتها العربية، وجعل منها لغة من الدرجة الثانية مجتمعيّاً، ولغة بلا جدوى تجاريّاً ولغة غريبة وغير معتادة بالنسبة للأجيال الجديدة!
لغة "الفرانكو آراب"
ولعل من أبرز مظاهر ضياع اللغة العربية، لغة "الفرانكو آراب" والتي يستخدمها الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يوضحه " أحمد سعيد" 18 عاماً، وهو طالب سوري مقيم في القاهرة: يعتبرني أصدقائي غير مساير للموضة بسبب عدم استخدامي لغة الفرانكو، سواء على فيسبوك أو على واتس أب أو حتى في رسائل الهاتف المحمول العادية، مشيراً إلى أن الأمر بالنسبة لزملائي مرتبط بالوجاهة الاجتماعية ليس إلا.
ويبرر "سعيد" رفضه استخدام لغة الفرانكو في الكتابة إلى معلومة قالتها له إحدى مدرسات اللغة العربية في مدرسته عندما لاحظت انتشار استخدام الكتابة بهذه اللغة بين تلاميذ الفصل؛ حيث فاجأتهم: هل تعلمون أنكم لستم أول من استخدم لغة الفرانكو في التاريخ. وأضافت، لقد استخدمها أجدادكم في الأندلس بعد سقوطها عام 1492م، بعد أن تم إجبارهم على كتابة العربية بحروف إسبانية في محاولة للقضاء على اللغة العربية والقضاء على كل ما هو مرتبط بلغة القرآن.
فيما تقول "شهيرة عبد الدايم" محاسبة وأم لطفلين(تلاميذ في مدارس أمريكية في المرحلتين الابتدائية والإعدادية): أنا مقتنعة تماماً بأنه لابد لنا من أن نوفر فرصاً لأبنائنا نحو حياة أفضل، والواقع يقول، إن مستوى التعليم يؤثر على المستقبل بشكل كبير.
وتضيف موضحة: أنا أعمل في أحد البنوك الاستثمارية المعروفة، ومن شروط الالتحاق في الوظائف في البنك أن يكون المتقدم خريج إحدى الجامعات الدولية، مثل الجامعة الأميركية أو الألمانية، حيث تكون فرصته في الفوز بالوظيفة أعلى من خريج الجامعات المصرية، مشيرة إلى أن المسؤولين عن التوظيف في البنك لا يعقدون اختباراً في اللغة العربية في نفس الوقت.
وتستطرد متسائلة: هذا هو الواقع، فلماذا لا أوفر لأطفالي الفرص الملائمة لأخذ مكانة اجتماعية راقية في المجتمع؟ مشيرة إلى أن هناك تأثيراً سلبيّاً على لغة أطفالها العربية، ولكنها لا ترى أن هذا شيء مؤثر على الإطلاق.
حماة اللغة
وفي مواجهة ذلك التراكم الرهيب من الاستهداف، يحاول عدد من المؤسسات الأهلية في مصر وبعض المبادرات الشبابية على مواقع التواصل الاجتماعي الحفاظ على لغة القرآن عبر تجارب رائدة لإحياء وحماية لغة الضاد من الضياع.
تقول "أميرة علي جمعة"، مؤسس مبادرة إحياء (مبادرة أهلية غير حكومية): إن من أكثر الأسباب التي أدت إلى ضياع اللغة العربية هو انتشار المدارس الخاصة والمدارس الدولية، والتي أهملت تدريس اللغة العربية واعتبرتها اللغة الثانية، وليست اللغة الأم، وركزت اهتمامها كله على تدريس اللغة الأجنبية.
وتضيف: للأسف كانت النتيجة؛ طلاب لا يعرفون شيئاً عن لغتهم الأساسية وفي نفس الوقت لا يتحدثون الإنجليزية بطلاقة، مشيرة إلى أن الجيل الجديد وخصوصاً بدءاً من مواليد التسعينات تجد أن لغتهم العربية ركيكة ويكتبون بأخطاء لغوية واضحة.
وترفض "أميرة" تحميل أولياء الأمور وحدهم مسؤولية تدهور حال أبنائهم في تلقي اللغة العربية، مشيرة إلى أن الأهل يحاولون مراعاة متطلبات سوق العمل والتي تجعل من إتقان اللغة الأجنبية شرطاً للتوظيف في الوظائف الجيدة، وهم في هذا يحاولون توفير فرص مناسبة لأبنائهم لخوض المستقبل، وهم مستعدون له.
وترى "أميرة" أن وزارة التربية والتعليم عليها دور كبير في تعزيز ودعم اللغة العربية، وذلك من خلال القرارات التي تتخذها بهذا الصدد، مشيرة إلى أن قراراً اتخذته وزارة التعليم في مصر عام 2006 بإلزام المدارس الدولية بضرورة تدريس كل من اللغة العربية والتربية الدينية والدراسات الاجتماعية في منهاجها الأجنبية بعدما وجدت أن هناك إهمالاً في تدريس اللغة العربية أثر على إتقان الطلاب للغة كتابة وتحدثاً.
وعن تجربة إحياء تقول أميرة: بسبب إيماني كأم وكمصرية وعربية بأهمية اللغة العربية، وأنها الحامل للهوية والقيم والثقافة، وبعد أن شاهدت التراجع الذي وصلت له بسبب انتشار المدارس الدولية، وكجزء من المسؤولية المجتمعية تجاه المجتمع أنشأت هذا المركز، الذي يحمل شعار "تدريب.. إتقان.. إبداع" لإحياء اللغة العربية عند الأطفال من سن 6 سنوات إلى 9 سنوات بهدف ترغيب الأطفال في القراءة والكتابة باللغة العربية.
وتشير إلى "أن التصاق أبنائنا بوسائل التكنولوجيا الحديثة، مثل الهاتف المحمول والحواسب المتعددة الأحجام والأشكال، أدت إلى تراجع الكثير من الأساسيات في حياتنا، وأولها الاهتمام باللغة العربية، مضيفة أن المركز معني، أيضاً، بالفنون والموسيقى، مثل الرسم، والتلوين على الزجاج وإعادة التدوير وتعليم مهارات العزف على البيانو والكمان وغيرها.
وحول إقبال أولياء الأمور على فكرة إحياء اللغة العربية ومدى تجاوبهم معها، تقول أميرة: 90% من الأمهات يرون أهمية وضرورة الحماية والحفاظ على اللغة العربية ويرونها بالفعل مهددة، لكن 30% فقط هم من يقررون اتخاذ خطوة إيجابية وبذل الجهد في سبيل الحفاظ عليها.
التعليم الأجنبي
وفي دراسة أعدتها الباحثة التربوية، دكتورة بثينة عبد الرؤوف، بعنوان "مخاطر التعليم الأجنبي على هويتنا الثقافية وقيم المواطنة والانتماء" ظاهرة انتشار المدارس الأجنبية/الدولية في مصر" تقول: إن نموذج التعليم الأميركي يعد أكثر النماذج انتشاراً في مصر، مشيرة إلى أن المقررات التي يتم تدريسها في المواد العلميّة كالرياضيات والكيمياء والفيزياء، تشمل مواضيع بسيطة مقارنةً بما يدرسه طلاّب الثانوية العامة المصريّة، وإن كانت أكثر تطوراً.
وتضيف: أما مواد الثقافة القومية، فهي غير أساسية لطلاب هذه المدراس، ولا يتم الالتزام بتدريس المنهج كاملاً، خصوصاً في المرحلة التي تسبق الثانوية العامة، وفي هذه المرحلة يستطيع الطالب الالتحاق بالجامعة من دون أن يؤدي امتحان اللغة العربية والدين، لكنه لا يُمنَح الدرجة الجامعية إلا بعد الامتحان فيهما، أي أنه حرّ في اختيار الوقت المناسب له للتقدم إليهما.
وتستكمل، أما إذا التحق بالجامعة الأميركية أو أي جامعة أجنبية أخرى، فلا يكون ملزماً بالامتحان في هذه المواد، وتعتبر الباحثة أنّ مثل هذا النوع من التعليم يُخرج كفاءات لا تناسب الحاجات المحلية.
وتعرض الباحثة عدداً من القصص التي تدرس في المدارس الأميركية في مادة اللغة الإنجليزية، وذلك من أجل التعرّف على القيم المتضمَّنة، خصوصاً في مرحلة التعليم الأساسي وإلى جانب القيم الإيجابية: الثقة بالنفس، الإصرار على النجاح، عدم الاستسلام للواقع، حب العلم والمعرفة والعمل، التسامح والتعاون، التعلم الذاتي والتفكير الناقد، قبول الآخر، الشجاعة في التعبير عن الرأي، العمل الجماعي وغيرها. كما تظهر العديد من القيم السلبية على رأسها قيمة الولاء والانتماء للولايات المتحدة "البلد الأكثر تقدماً وحريّة ورفاهيّة".
أما القيم الجماعية فجاءت محدودة، مع عدم التعرّض للقيم الأخلاقيّة والدينيّة والعائليّة، ففي إحدى القصص تقدّم الشخصية العربية بطريقة سلبية، على لسان جَمَل يقول، إنّ العرب "يتحاورون كثيراً ولا يتفقون على شيء"، ومن ثمّ تقدم الشخصية العربية على أنها غير قادرة على اتخاذ قرار، بل تحتاج، دوماً، إلى من يقودها، ولو كانت مجموعة من الجِمال، وفي قصة أخرى، تذكر البطلة أنها سافرت إلى العديد من الدول منها "إسرائيل" ومصر، كما تدعو إلى التعاطف مع اليهود وحقّهم في إقامة وطن لهم.
تأثير الإعلام
وعلى جانب آخر يعتبر كثير من المهتمين بالحفاظ على اللغة العربية أن وسائل الإعلام تلعب دوراً مؤثراً في الحفاظ أو ضياع اللغة العربية، وهو ما دفع مجمع اللغة العربية، في القاهرة برئاسة، الشيخ الأزهري د. حسن الشافعي، إلى إصدار تقرير، حصلت مراسلة "العربي الجديد" على نسخة منه، أحصى فيه مخالفات الصحف في استخدام اللغة العربية مثل؛ استخدام اللهجات العامية في نشرات الأخبار، أو نشر إعلانات بلغات أجنبية أو لهجات عامية أو خليط بينها.
وفي هذ السياق خصص المجمع جائزة قيمتها 70 ألف دولار أميركي لأفضل عمل إعلامي لخدمة اللغة العربية، وأخرى بنفس القيمة لأفضل تطبيق ذكي لتعلم العربية، وأخرى مثلها لأفضل مبادرة في استعمال شبكات التواصل الاجتماعي لنشر العربية.
يذكر أن تقارير دولية أشارت إلى أن نسبة المحتوى العربي على الإنترنت لا تتجاوز الـ 3% ، بالرغم من أن وصول عدد مستخدمي الإنترنت في الوطن العربي إلى 135 مليون، يستخدم أكثر من 71 مليون منهم الإعلام الاجتماعي بحسب "تقرير العالم العربي على الإنترنت 2014" والذي نشرته كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية.
مبادرة "اكتب صح"
"اكتب صح" هي مبادرة شابة تسعى إلى الحفاظ على اللغة العربية، ولكن على طريقتها الخاصة، حيث أطلق الصحافي، حسام مصطفى إبراهيم، منذ ما يقرب من عام، صفحته على فيسبوك لمراقبة آداء الكتاب والإعلاميين، فيما يخص اللغة العربية وإلقاء الضوء عليها لتصحيحها من خلال طريقة غير تقليدية.
والمتابع للصفحة والذي وصل عدد معجبيها إلى ما يرنو من 25 ألف متابع، سيجد أنها بجانب تركيزها على الأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية الشائعة، تقوم بإلقاء الضوء على تاريخ اللغة العربية ونشأة آدابها وطرح قضايا لغوية للنقاش.
ومن أطرف الأخطاء التي التقطتها الصفحة ما بثته قناة الحياة المصرية في تاريخ 26 يناير 2015 لمنشور يحمل صوراً لأفراد من الشرطة المصرية، أسفلها شعار لوزارة الداخلية يليه عنوان "الشرطة..ضرع الوطن" بدلاً من "درع الوطن" .. وهو ما تناقلته وسائل الإعلام الاجتماعي بالسخرية من هذا الخطأ اللغوي الفادح.
خطأ آخر رصدته الصفحة مذيلاً بسؤال: "ما الخطأ الفادح في هذا العنوان؟" وهو لأحد كتاب المقالات في موقع "البوابة نيوز "يحمل عنوان" من أعمالكم سلط عليكم" صدق الله العظيم!
وهو ما دفع إحدى المتابعات للصفحة بالتعليق بقولها ساخرة: "إنهم يدعون لدين جديد".
وفي تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية والذي يوافق 18 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، هناك 422 مليون شخص يتحدثون العربية، هم سكان الوطن العربي، ويحتاج إلى استعمالها أكثر من مليار ونصف المليار من المسلمين.
وأوضحت يونيسكو في تقريرها، أن اللغة العربية أثرت في كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي كالتركية والفارسية والكردية والأوردية والماليزية والإندونيسية والألبانية وبعض اللغات الأفريقية مثل الهاوسا والسواحيلية.
مستقبل اللغة العربية
وعن مستقبل اللغة العربية في ظل هذه التحديات المتزايدة والتي تهدد بضياعها، يقول د. عبد الله رمضان، أستاذ الأدب والنقد في جامعة المدينة العالمية في ماليزيا لـ"العربي الجديد": اللغة العربية مهما أصاب أهلها من ضعف ستظل حية لارتباطها بالقرآن الكريم، وكذلك لتراثها الثري جدّاً، ولرقيها ونضجها، غير أن الانكماش الحاصل الآن مرتبط في الأساس بالتراجع الحضاري للعرب، فكم عز أقوام بعز لغات، كما قال حافظ إبراهيم، والمنتج الحضاري على تنوعه يحمل اللغة ضمناً، فإننا، مثلاً، إذا أنتجنا وأسهمنا في التطور الحضاري للإنسانية تجوب منتجاتنا العالم بأسمائها التي سميناها بها، وإذا كتبنا في العلوم، مثلاً، تبقى مصطلحاتنا حاضرة لدى الأمم الأخرى بمسمياتها، ولنا في شواهد التاريخ الكثير، ففي وقت من الأوقات عندما كانت أوروبا ترتع في الجهل والظلام كانت العلوم العربية تقتحم العالم وتجوب الآفاق، وحتى الآن ما زالت بقايا من تلك المصطلحات حاضرة في العلوم. الشاهد أن المنتج الحضاري يحمل اللغة ويسهم في نشرها، فضلاً عن القوة الناعمة للأمم المتحضرة التي تجعلها قبلة للأمم الأخرى، مما ينعكس على انتشار لغتها ونموها وثرائها.
ويضيف: الحاصل الآن أن هناك إهمالاً كبيراً للغة العربية من الدول العربية نفسها، مما يستدعي وقفة جادة لضبط البوصلة على النحو الذي ينتصف لها، فالاهتمام بتعليم العربية وإصدار القوانين الداعمة لذلك واحترامها والتحدث بها، مما يمثل ضرورة كبرى، الأمر يقع على عاتق جهات عدة، الجهات الرسمية، والمجتمعية، والأفراد كذلك.
ويؤكد: لا ينتفي التطور الحضاري والمعرفي مع اللغة القومية، أو لو كانت العلوم والمعارف بها، فكثير من الدول التي لها لغات قومية ليست في نضج العربية ولا سهولتها، قياساً بهذه اللغات، تعتز بهويتها ولغتها وهي متطورة جدّاً، كاليابان والصين، وأخيراً تركيا.
ويختتم حديثه: يظل الأمل قائماً وحاضراً في العديد من المبادرات الأهلية والشبابية التي تحاول جاهدة إحياء العربية في حياة الناس، وكذلك جهود أكاديميين متميزين، كان لهم دور كبير في إصدار العديد من المطبوعات تهتم باللغة العربية المعاصرة وتطويع ما يمكن تطويعه مما شاع على الألسنة للقواعد الأصيلة ورده إلى الفصاحة، ولو على نحو من الأنحاء، ونذكر هنا معجم اللغة العربية المعاصرة، للدكتور أحمد مختار عمر رحمه الله.
ولتكون هذه المجهودات مؤثرة يجب وجود دعم رسمي من الحكومات، ودعم إعلامي وفني وإبداعي، والإكثار من الفعاليات، وقبل كل شيء القضاء على الأمية والجهل وتوفير مناخ للحرية والإبداع.