مريم؛ عاملة أجنبية من أثيوبيا تعيش في لبنان منذ نحو العشر سنوات، لا تستطيع العودة إلى ديارها ولا يمكنها حتى زيارة أمها، فجواز سفرها محجوز عند أول كفيل عملت لديه. "حاولت كثيراً الحصول على جواز سفري، وأرسلت العديد من المحامين، إلا أن صاحب العمل قال لي إنني لن أحصل على الجواز حتى بعد موتي"، تقول مريم. وكان من المفترض أن تعمل مريم في مكتب الكفيل، إلا أن خلافاً وقع بينهما حين رفضت أن تذهب للعمل في الملهى الليلي الذي يملكه صاحب المكتب، ما أدى إلى قيامه بكافة أنواع الترهيب تجاهها.
مشكلة مريم يعاني منها عدد كبير من عاملات المنازل في لبنان، اللواتي يحرمن من أبسط حقوقهن في الاحتفاظ بجواز سفرهن. طبعاً هذا ليس التمييز الوحيد بحق هؤلاء العاملات. فبالإضافة إلى الضرب الذي يتعرضن له وحرمانهن من أيام عطلتهن، هناك من يحرمهن أيضاً من رواتبهن. "بقيت خمسة أشهر بلا راتب، كلما سألت صاحبة المنزل الذي أعمل به عن راتبي تعلمني أنها تدخره لي، في النهاية هربت من المنزل"، هذا ما تقوله برتا، وتضيف أنه كان من المستحيل أن تعمل بلا راتب، ولا سيّما أنّ عائلتها تعوّل على مساعدتها لها، وهذا كان دافع مجيئها إلى لبنان.
عنصرية ضد العمال
أما راجا، فتعاني من شكل آخر من التمييز، إذ إنها في الكثير من المرات التي تدخل لتشتري أغراضاً لابنتها الصغيرة من المحال التجارية، تُسأل إن كانت تملك المال، أو يكرر لها أصحاب المتاجر عدة مرات ثمن ما تشتريه. تستغرب راجا هذه التصرفات، وتضيف قائلة: "حين أدفع الثمن المطلوب، ينظر إليّ التاجر باستغراب، أشعر كأنهم يستكثرون عليّ الأغراض وكأنها نعمة لا أستحقها". وتتابع راجا: "أسمع تعليقات كثيرة على ثيابي أيضاً، وكأنه علينا دائماً، نحن عاملات المنازل، أن نلبس الوزرة".
اقرأ أيضاً:الأرقام الدولية لا تعكس واقع الاقتصاد اللبناني
أما حبيب، من السودان، فيعمل كعامل نظافة 18 ساعة يومياً، من الـ 7 صباحاً إلى الثانية فجراً، ولديه استراحة لساعتين. راتبه 750 دولاراً، لا يحظى بضمان ولا تأمين، ويحصل على يوم عطلة واحد في الأسبوع. وهو يعيش مع أربعة أشخاص في منزل يتألف من غرفتين، بدل الإيجار للشخص الواحد 120 دولاراً، ويدفع 200 دولار شهرياً مواصلات من سكنه إلى عمله في وسط البلد. كذلك عليه دفع 900 دولار سنوياً لتجديد إقامته.
وضع عبد الله من بنغلادش لا يختلف كثيراً، فهو يعمل بدوامين؛ الأول من السادسة صباحاً حتى الخامسة من بعد الظهر، والثاني من السابعة مساءً حتى الثانية عشر فجراً، أي 16 ساعة، وراتبه 480 دولاراً، بينما تتكفل الشركة التي يعمل فيها بتجديد إقامته، كما تؤمن له مكاناً للإقامة، حيث يسكن في غرفة واحدة مع خمسة عمال آخرين.
الاستغلال ذاته يتعرّض له العمال السوريون. فعلاء عمل لمدة ثلاثة أشهر في ورشة دهان من دون أن يحصل على أجر، وحين لم يعد بإمكانه الاستمرار في العمل من دون مقابل، هدده صاحب العمل وطرده.
والأمر لا يتوقف عند العمالة الأجنبية، فالتهميش الاقتصادي يطاول كذلك عدداً كبيراً من العمال اللبنانيين، إذ يتم استغلال ارتفاع حدة البطالة لفرض مستويات زهيدة من الرواتب. إذ يتقاضى آلاف العمال اللبنانيين الحد الأدنى للأجر، في حين لا يستفيد أكثر من 50% من العمال من تغطية الضمان الاجتماعي.
لا تجد فرح سلكا، المنسّقة العامة للحركة المناهضة للعنصرية، في هذا الاستغلال أمراً مستجداً، ففي رأيها أن "السوق اللبنانية قائمة على استغلال العمال، لا سيّما الأجانب واللاجئين. والعنف تجاههم ليس محصوراً بشكل معيّن، بل يأتي بصيغ متنوعة، عنف اقتصادي، اجتماعي، ثقافي، إلخ".
وترى السلكا أن "هذا العنف الموجّه تجاه العمال، لا يمكن إلا أن تكون نتائجه مأساوية، وهذا ما يبدو واضحاً في مصير العديد من العاملات الأجنبيات اللواتي يعانين في أماكن عملهن، ففي النهاية إن لم تتح لهن الفرصة لترك عملهن، ينتحرن".
اقرأ أيضاً:الاستعباد الوظيفي يطارد العمال العرب
مشكلة مريم يعاني منها عدد كبير من عاملات المنازل في لبنان، اللواتي يحرمن من أبسط حقوقهن في الاحتفاظ بجواز سفرهن. طبعاً هذا ليس التمييز الوحيد بحق هؤلاء العاملات. فبالإضافة إلى الضرب الذي يتعرضن له وحرمانهن من أيام عطلتهن، هناك من يحرمهن أيضاً من رواتبهن. "بقيت خمسة أشهر بلا راتب، كلما سألت صاحبة المنزل الذي أعمل به عن راتبي تعلمني أنها تدخره لي، في النهاية هربت من المنزل"، هذا ما تقوله برتا، وتضيف أنه كان من المستحيل أن تعمل بلا راتب، ولا سيّما أنّ عائلتها تعوّل على مساعدتها لها، وهذا كان دافع مجيئها إلى لبنان.
عنصرية ضد العمال
أما راجا، فتعاني من شكل آخر من التمييز، إذ إنها في الكثير من المرات التي تدخل لتشتري أغراضاً لابنتها الصغيرة من المحال التجارية، تُسأل إن كانت تملك المال، أو يكرر لها أصحاب المتاجر عدة مرات ثمن ما تشتريه. تستغرب راجا هذه التصرفات، وتضيف قائلة: "حين أدفع الثمن المطلوب، ينظر إليّ التاجر باستغراب، أشعر كأنهم يستكثرون عليّ الأغراض وكأنها نعمة لا أستحقها". وتتابع راجا: "أسمع تعليقات كثيرة على ثيابي أيضاً، وكأنه علينا دائماً، نحن عاملات المنازل، أن نلبس الوزرة".
اقرأ أيضاً:الأرقام الدولية لا تعكس واقع الاقتصاد اللبناني
أما حبيب، من السودان، فيعمل كعامل نظافة 18 ساعة يومياً، من الـ 7 صباحاً إلى الثانية فجراً، ولديه استراحة لساعتين. راتبه 750 دولاراً، لا يحظى بضمان ولا تأمين، ويحصل على يوم عطلة واحد في الأسبوع. وهو يعيش مع أربعة أشخاص في منزل يتألف من غرفتين، بدل الإيجار للشخص الواحد 120 دولاراً، ويدفع 200 دولار شهرياً مواصلات من سكنه إلى عمله في وسط البلد. كذلك عليه دفع 900 دولار سنوياً لتجديد إقامته.
وضع عبد الله من بنغلادش لا يختلف كثيراً، فهو يعمل بدوامين؛ الأول من السادسة صباحاً حتى الخامسة من بعد الظهر، والثاني من السابعة مساءً حتى الثانية عشر فجراً، أي 16 ساعة، وراتبه 480 دولاراً، بينما تتكفل الشركة التي يعمل فيها بتجديد إقامته، كما تؤمن له مكاناً للإقامة، حيث يسكن في غرفة واحدة مع خمسة عمال آخرين.
الاستغلال ذاته يتعرّض له العمال السوريون. فعلاء عمل لمدة ثلاثة أشهر في ورشة دهان من دون أن يحصل على أجر، وحين لم يعد بإمكانه الاستمرار في العمل من دون مقابل، هدده صاحب العمل وطرده.
والأمر لا يتوقف عند العمالة الأجنبية، فالتهميش الاقتصادي يطاول كذلك عدداً كبيراً من العمال اللبنانيين، إذ يتم استغلال ارتفاع حدة البطالة لفرض مستويات زهيدة من الرواتب. إذ يتقاضى آلاف العمال اللبنانيين الحد الأدنى للأجر، في حين لا يستفيد أكثر من 50% من العمال من تغطية الضمان الاجتماعي.
لا تجد فرح سلكا، المنسّقة العامة للحركة المناهضة للعنصرية، في هذا الاستغلال أمراً مستجداً، ففي رأيها أن "السوق اللبنانية قائمة على استغلال العمال، لا سيّما الأجانب واللاجئين. والعنف تجاههم ليس محصوراً بشكل معيّن، بل يأتي بصيغ متنوعة، عنف اقتصادي، اجتماعي، ثقافي، إلخ".
وترى السلكا أن "هذا العنف الموجّه تجاه العمال، لا يمكن إلا أن تكون نتائجه مأساوية، وهذا ما يبدو واضحاً في مصير العديد من العاملات الأجنبيات اللواتي يعانين في أماكن عملهن، ففي النهاية إن لم تتح لهن الفرصة لترك عملهن، ينتحرن".
اقرأ أيضاً:الاستعباد الوظيفي يطارد العمال العرب