لحوم الفقير..الفلافل تغزو مطاعم العراقيين

23 مايو 2015
مطعم في العاصمة بغداد (فرانس برس)
+ الخط -
يقف الحاج عادل عبد الله (61 عاماً) في سوق الشيخ عمر وسط العاصمة بغداد، أمام مطعمه الصغير، لعمل وجبات الفلافل، التي شهدت انتشاراً واسعاً في السنوات الأخيرة، دفعت العاملين بها إلى التفكير في تشكيل نقابة خاصة بهم.
لم تكن وجبات الفلافل تحظى بهذا القدر من الانتشار من قبل، وتعود إلى نهايات السبعينيات من القرن الماضي، بعد وصول أولى طلائع المواطنين المصريين إلى العراق مع الشركات الاستثمارية للعمل في البلاد.
لكن بعد ارتفاع معدلات الفقر وارتفاع الأعباء المعيشية في ظل التردي الاقتصادي للبلاد خلال السنوات الأخيرة، اضطر الكثير من العراقيين إلى تغيير عاداتهم اليومية في الطعام والملبس والسكن والمواصلات، وكل ما يتعلق بالإنفاق.
وتشير البيانات الصادرة عن وزارة التخطيط العراقية، إلى بلوغ نسبة الفقر في العراق نحو 30%، بينما تقدرها مصادر غير رسمية بنحو 40% بما يعادل 10 ملايين شخص، وذلك بسبب موجة النزوح التي شهدها العراق مؤخراً وتعطل 40% من طاقات العراق.
الحاج عبدالله قال، في مقابلة مع مراسل "العربي الجديد"، إن باعة ومطاعم الفلافل أصبحت من المظاهر الجديدة بالعراق، فقبل سنوات ليست ببعيدة، لم يكن العراقي يعلم فائدة لـ "الحمص" وهي السلعة الأساسية في عمل الفلافل، غير الطبخ مع اللحوم، لكنها تحولت اليوم إلى "لحوم الفقير اليومية"، حيث باتت من الوجبات الرئيسية في الإفطار والعشاء. ويضيف "أعمل بهذه المهنة منذ عدة سنوات، وهي بسيطة ولا تحتاج الكثير من الاحترافية، ولكنها تقتضي النظافة والأمانة، لكسب الزبائن وسعة الرزق".
ويبدأ الحاج عبد الله العمل في الساعة الرابعة من الفجر، حيث تبدأ الحركة التجارية في بغداد في وقت مبكر، مشيرا إلى أنه يعمل معه في المطعم 4 عمال يقومون بإعداد الوجبات وتقديمها للزبون، ويليها قدح شاي أو عصائر حسب الزبون، ولكن الاكثر يطلب في الغالب الشاي العراقي الذي يكون بطعم الهيل.
ويقول إن "أصحاب المحال العاملة في إعداد وجبات سريعة في بغداد وخاصة الفلافل، فاق الآلاف، لذا نفكر في عمل جمعية أو نقابة تجمعنا باسم باعة الفلافل".
حسين غانم، وهو أحد العاملين في مطعم شعبي صغير في سوق الشيخ عمر وسط بغداد، يقول لـ "العربي الجديد"، إن قيمة وجبة الإفطار لا تتعدى 2000 دينار (1.6 دولار).

وعن ساعات العمل يوضح غانم "العمل يبدأ من الرابعة فجراً ونبقى إلى الخامسة مساء، لأننا نعد وجبات على شكل أكياس من الفلافل الجاهزة لغرض بيعها على زبائننا الذين يتناولونها في العشاء".
ويقول عضو الغرف التجارية العراقية، نشوان الدليمي، لـ "العربي الجديد" إن المطاعم الشعبية تعتبر واحدة من الموارد الاقتصادية المهمة الداعمة للحركة التجارية وتعتبر من المهن الصغيرة، وتساعد في توفير الكثير من فرص العمل لمحتاجيها.
وأضاف الدليمي أن هناك مطاعم توفر فرص عمل لعشرات العاملين، ولدينا في بغداد بحدود 3 آلاف مطعم شعبي صغير، منها بنحو 20 مطعما كبيرا من الدرجة الأولى تقدم مختلف أصناف الطعام.
وبحسب مصدر مسؤول في وزارة التخطيط، فإن الظروف الحالية التي يشهدها العراق، أدت إلى ترك أعداد كبيرة من المواطنين أعمالهم.
وأصبح اقتصاد العراق على حافة الانهيار، بسبب الفساد المالي الذي أهدر عشرات مليارات الدولارات على مدار السنوات الماضية، فضلا عن مواجهة البلاد عجزا ماليا بسبب تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وكلفة الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، الذي سيطر على مساحات واسعة غرب وشمال البلاد.
ووفق البيانات الرسمية فإن الموازنة العراقية للعام الحالي 2015، تبلغ نحو 105 مليارات دولار، مسجلة عجزا بنحو 21 مليار دولار.
وبحسب تقارير للجنة المالية في مجلس النواب العراقي، فإن حجم الهدر المالي الذي تم خلال فترة حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي خلال نحو 9 أعوام ماضية، بلغ 109 مليارات دولار تم توجيهها لمشاريع أقرّتها الحكومة، وتبين أنها وهمية، وأغلبها تم منحها لأقربائه وأصدقائه.
وقال المسؤول في وزارة التخطيط إن هناك تقليصا في الإنفاق، لكن الحكومة ما تزال حريصة على خفض نسبة الفقر، وتوفير العيش الكريم للمواطن العراقي.
وكانت تقارير دولية، قد أشارت إلى أن الحكومة َالعراقية تفتقر إلى قواعد بيانات عن دخل مواطنيها، وأن هناك فوارق كبيرة بين طبقات الشعب، فالبعض يصل دخلهم إلى عشرة ملايين دينار شهرياً (8.3 آلاف دولار)، والبعض منهم معدومو الدخل، ما يتطلب إصلاحاً جذرياً.
المساهمون