نفذت لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري، زيارة معدة سلفاً، الثلاثاء، إلى ثلاثة من أقسام الشرطة سيئة السمعة في مجال تعذيب المحتجزين، برئاسة البرلماني علاء عابد (ضابط الشرطة السابق المتورط في وقائع تعذيب)، رفقة عدد من قيادات وزارة الداخلية، في إطار الزيارات الشكلية لبعض مقار الاحتجاز.
وبدأت اللجنة بزيارة قسم شرطة الوراق، والاستماع إلى حديث مأمور القسم، العميد محمد فوزي، عن "أوضاع المحتجزين الجيدة، وكيفية الاهتمام بتغذيتهم، ورعايتهم الصحية"، ما دفع عابد إلى القول إنه سيخاطب وزارة الداخلية لزيادة مخصصات بند الأكل للمحتجزين.
وعن أعداد المحتجزين، قال مأمور القسم إنه يحتوي على 10 أماكن لاحتجاز الرجال، بإجمالي 175 محتجزاً، مقابل مكان وحيد لاحتجاز السيدات، وغرفة تسمى "انتظار" لمن يُحتجز لمدة 12 ساعة، تمهيداً لعرضه على المباحث الجنائية أو النيابة العامة.
وأحضر مأمور القسم عدداً من المحتجزات المجهزات مسبقاً، للحديث عن حسن المعاملة، ووجود "تكييف هواء" بمكان احتجاز السيدات، ولقائهن بذويهم بشكل يومي، فيما قال متهم في واقعة قتل: إنه "محتجز داخل قسم الشرطة منذ 17 شهراً (بما يخالف الدستور)، ويلقى معاملة جيدة، وسعيد داخل القسم، ولا يريد مغادرته!".
وأضاف المتهم، والذي لم يكشف عن اسمه، أنه يوجد مع 14 محتجزاً آخرين بمقر الاحتجاز، ولا أحد منهم ينام واقفاً مثل أقسام أخرى، بينما قال آخر (متهم في قضية مخدرات)، إن "الأكل داخل القسم جيد، وجميع المحتجزين في راحة".
وانتقلت اللجنة النيابية إلى قسم شرطة إمبابة، أحد أشهر أقسام التعذيب في مصر، لتستمع إلى رواية محتجزة متهمة في قضية مخدرات، وادعائها بتلقي معاملة حسنة من القائمين على القسم، لتلتقط البرلمانية مارغريت عازر، طرف الحديث منها، قائلة إن "قسم إمبابة 5 نجوم" على حد قولها.
وأشاد أعضاء اللجنة بقسم شرطة العمرانية، الواقع في شارع الأهرام بمحافظة الجيزة، وأداء الضباط المسؤولين عنه، بعد قراءة الفاتحة على روح الملازم أحمد عز الدين، والذي قُتل من جراء تفجير عبوة ناسفة زُرعت بجوار القسم، في 9 ديسمبر/ كانون الأول 2016.
وقال عابد، على هامش الزيارة، إن "الانضباط والمعاملة الحسنة التي رصدتها اللجنة لأقسام الشرطة يؤكدان كذب الادعاءات التي ساقها تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش"، والذي وصفه بـ"المُسيس"، لإغفاله دور الشرطة والنيابية في مجال حقوق الإنسان، والاكتفاء بترديد عبارات "التعذيب والإخفاء القسري للمعارضين".
وأضاف عابد أن "البرلمان أمامه مهمة صعبة، تتمثل في إقرار تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، ووضع شروط لمُدد الحبس الاحتياطي، منعاً للتكدس داخل أماكن الاحتجاز الذي يُكلف وزارة الداخلية مبالغ كبيرة لتوفير المأكل أو الانتقال"، زاعماً أن المخالفات داخل جهاز الشرطة "فردية"، وليست ممنهجة.
واختتم رئيس اللجنة حديثه لبعض مأموري الأقسام، قائلاً: "إننا أمام ضباط مُعبرين عن الثورة، فحقوق الإنسان تبدأ من قسم الشرطة. مش عاوزين أي مواطن ييجي القسم ويخرج زعلان، لأن الكلمة بتفرق كتير معاه. الشرطة جهاز وطني، ولا بد أن يكون له ظهير شعبي من خلال حسن المعاملة".
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قد نشرت في السادس من سبتمبر/ أيلول الجاري، تقريراً عن تحوّل تعذيب المعتقلين في مقار الاحتجاز والسجون في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى "أمر روتيني"، موضحة أنه منذ الانقلاب العسكري منتصف عام 2013 "جرى توقيف 60 ألف شخص على الأقل، وإنشاء 19 سجناً جديداً".