تواجه صناديق الاستثمار في سندات الدول الناشئة خسائر ضخمة، خلال العام الجاري، بسبب تزايد عدد الدول المفلسة التي عجزت حتى الآن عن خدمة ديونها أو في طريقها للتوقف عن السداد، بسبب ضعف البنية الاقتصادية والمالية، وعودة تفشي كورونا وزيادة عدد الإصابات التي بلغت 27 مليون مصاب، حتى نهاية عطلة الأسبوع الماضي.
وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن صندوق "آشمور أس آي سي أيه في" للاستثمار في الأسواق الناشئة، التابع لمجموعة آشمور البريطانية، خسر نحو 17% من استثماراته خلال الـ 12 شهراً حتى يوليو/تموز الماضي.
وكان الصندوق قد وضع نحو 40% من استثماراته في ثلاث دول تعرضت للإفلاس وهي لبنان والأرجنتين والإكوادور. وصندوق آشمور واحد فقط من الصناديق العالمية التي تكبدت خسائر فادحة في سندات الدين بالدول الأفريقية ودول أميركا الجنوبية الضعيفة اقتصادياً.
وكانت أزمة السندات الأرجنتينية قد ضربت المستثمرين حتى قبل تفشي جائحة كورونا. إذ اضطرت العديد من الصناديق إلى بيع استثماراتها بخسائر فادحة في أسواق المال خلال العام الماضي، وتم بيع بعض السندات التي حان أجلها في بداية سبتمبر/أيلول الماضي بسعر 41 سنتاً للدولار، أي أن السند الذي كانت قيمته 100 دولار بيع بنحو 41 دولارا، كما بيعت سندات يحل أجلها في 2021 بنحو 50 سنتاً للدولار.
بينما توقف لبنان عن تسديد الديون وينتظر مساعدات من الصندوق الدولي والمجتمع الدولي، لمساعدته على تخطي المحنة المالية التي يعيشها منذ منتصف العام الماضي.
ووفقاً لبيانات المعهد الوطني للإحصاء والتعداد في بوينس آيرس، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للأرجنتين في الربع الأول من العام الجاري 25.3 تريليون بيزو (حوالي 327.38 مليار دولار)، في حين بلغ إجمالي الدين الخارجي 274.247 مليار دولار في نهاية مارس. ومع ذلك، انخفض ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 5.4 في المائة في الربع الأول، في أعقاب إجراءات الإغلاق بسبب كوفيد-19 التي عطلت أجزاء من الاقتصاد.
وفي شأن الأرجنتين، أكد خبير اقتصادي أرجنتيني بارز، أنه بالرغم من جهود البلاد لإعادة الهيكلة، فلا تزال مثقلة بأعباء ديون عالية وسط تعثر الاقتصاد العالمي والنمو المحلي، مما يدعو إلى التفكير في آليات التمويل التقليدية.
وقال خورخي مارشيني، أستاذ الاقتصاد بجامعة بوينس آيرس، في تعليقات نقلتها وكالة شينخوا الصينية، إن الأرجنتين اختارت استراتيجية التجارة المحمولة، بحيث تجذب رؤوس المال قصيرة الأجل مع رفع أسعار الفائدة للعملة المحلية واستقرار صرف العملات، وكلفت هذه الاستراتيجية البلاد الكثير.
وأوضح أنه "لم يتم ربط المديونية الخارجية بمسألة إعادة الهيكلة الإنتاجية أو مشاريع البنية التحتية، بل قبل كل شيء تم ربطها بالحركات المالية. ولم يكن مصدر المديونية هو الاستثمار الأجنبي المباشر، وإنما التمويل قصير الأجل. وهذا التدفق الداخلي والخارجي لرأس المال غير مستقر للغاية، وعلى المدى الطويل مكلف للغاية". وأضاف "سيتعين على البلاد وضع سياسات لوقف تكرار هذه الظاهرة".
ووفق مارشيني، فإنه في الوقت الراهن، من الصعب تقدير حجم الدين الخارجي ونسبته المئوية من الناتج المحلي الإجمالي بسبب عوامل عديدة، بما فيها استمرار انخفاض قيمة البيزو، وفجوة التصريف الواسعة، والانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي بسبب وباء كوفيد-19، "الذي قد يصل إلى 10 في المائة بحلول نهاية العام".
وأشار إلى أن "الشيء المهم هو أن الدين الخارجي لم يرتفع، لأن الأرجنتين، في حالة تخلف عن السداد، ليس لديها إمكانية الحصول على ائتمان جديد، ولا يمكنها الوصول إلى سوق رأس المال الدولية. وقرضها من صندوق النقد الدولي قد تم تعليقه".
وذكر مارشيني أنه على الرغم من أن وباء كورونا أدى إلى تدهور التوقعات الاقتصادية للأرجنتين، وأدى كذلك إلى تضخم العجز المالي، إلا أن المفاوضات مع الدائنين حول الديون الخارجية حسنت المشهد المالي للبلاد.
وقال إن "الأهم من ذلك هو أن المفاوضات أدت إلى نوع من إعادة تسوية قضية الديون، مما أدى إلى هيكل سداد أخف بكثير مما كان مخططاً له سابقاً". وأردف أن جانباً إيجابياً آخر هو أن "الأرجنتين لديها دائماً القدرة على تحقيق إيرادات أجنبية من خلال إنتاجها الأساسي".