يصلُ مواطن إلى مبنى الضريبة على القيمة المضافة التابع لوزارة الماليّة في بيروت. يُعلمه الشرطي الموجود على مدخل المبنى بأنّه مقفل. يستغرب المواطن، فهناك عدد من الموظفّين في الداخل وأمام المبنى. يسأل ماذا هنالك، ليستدرك "إضراب ؟".
يبدو الغضب واضحاً على وجوه موظّفي الإدارات العامّة. كُلّما ضحك أحدهم، اعترض آخر. "لا مجال للضحك. هذه حقوقنا، ولن يسلبوها"، يقول موظّف لزميله أمام مبنى وزارة الصناعة في منطقة العدليّة في بيروت. يزداد عدد الموظفين المتظاهرين مع الوقت، مرددين العبارة عينها: "بعد ثلاث سنوات من الوعود، أعطونا زيادة على ساعات العمل بدل زيادة الرواتب".
ترافق الاعتصام مع إضرابات في الإدارات العامّة. تحوّل الاعتصام لاحقاً إلى تظاهرة جابت شوارع منطقة العدليّة، والمتحف. عبرت التظاهرة أمام وزارات الصناعة والعدل والشؤون الاجتماعيّة والصحة والمالية، ومقرّ المديريّة العامة -الأمن العام وإدارة الجامعة اللبنانيّة الرسميّة.
سجّل المشاركون اعتراضهم على مشروع سلسلة الرتب والرواتب بالصيغة الواردة في تقرير اللجان النيابيّة، لأنّها تخريبيّة وغير منصفة بحقّهم كما يعتبرون.
رفعوا لافتات ترفض زيادة ساعات العمل، وتطالب برفع الغطاء عن الموظفين الفاسدين، وتدافع عن كرامة الموظف، بعد "الإهانات بحقّه في جلسة مجلس النواب الأخيرة"، بحسب تعبيرهم.
تقول رلى، وهي موظفة بنظام السّاعة في وزارة الماليّة، إنّ "مشاركتها في التظاهرات هي لإثبات حقّها في سلسلة الرتب والرواتب". تتحدّث الأخيرة عن أن الأجر الذي تتقاضاه كموظّفة بالساعة لا يكفي بدلَ نقلٍ لها.
وتعتبر أن "رفع ساعات العمل سيتسبّب بالتفكك الأسريّ، إذ إنّ الموظف لن يستطيع تمضية وقت كافٍ مع عائلته، ما سيتسبّب بمشاكل عائليّة، عدا عن أنّه سيتسبّب بعدم الاستقرار الوظيفيّ".
يعتبر بسام، وهو موظف في وزارة الماليّة، أنّ "ما حصل في جلسة مجلس النواب الأخيرة هو مسرحيّة". يرفض "التهجّم الذي حصل في الجلسة على الموظفين وإهانتهم"، ويقول: "لن نقبل بالإهانة ولن نسكت عنها. من يتّهمنا بالفساد عليه أن يرفع الغطاء عن الفاسدين. القوى السياسيّة هي من أفسدت الإدارات". ويضيف: "الموظف الإداريّ هو الأكثر ظلماً وغبناً في القطاع العامّ".
من جهته، يسأل علي إن كان "الهدر سيتوقّف بزيادة ساعات العمل للموظفين". يعتبر الأخير أنّ زيادة ساعات الدوام سيتسبّب في "خسارة الموظفين لوظائف أخرى عمدوا إليها ليُحسّنوا دخلهم بسبب الدخل الزهيد الذي يتلقّونه في الإدارات". كما يعتبر أنّ "الراتب الذي يتقاضاه الموظفون لا يكفي للعيش بكرامة، ولا يضمن شيخوخة كريمة بعد التقاعد من العمل".
من جهته، أعلن رئيس رابطة موظفي الإدارات العامة، محمود حيدر، يوم الحادي والعشرين من أيّار/مايو يوماً للموظف. وقال خلال الاعتصام: "لن نقبل أن يكون الموظفون مكسَرَ عصا لأحد". ودعا الموظفين إلى أن يستمرّوا بالتحرّكات المطلبيّة يداً واحدة للوصول إلى الحقوق، رافضاً زيادة ساعات العمل، ومؤكداً على الحقّ بالمفعول الرجعي لسلسلة الرتب والرواتب.
إلى ذلك، توقّفت حركة الملاحة الجويّة في مطار بيروت الدوليّ لساعتين، للمطالبة بالإسراع بإقرار السلسلة.
وكان مجلس النواب اللبناني، قد ناقش سلسلة الرتب والرواتب المحالة إليه من الحكومة، وأدخل تعديلات عليها من دون إقرارها، مكتفياً بإقرار زيادة على ساعات العمل في القطاع، ورفع عدد من الضرائب، من دون زيادة الرواتب. ويتهم الموظفون في القطاع العام الدولة بالمماطلة، كون عمليّة التفاوض مع الحكومة ومجلس النواب والكتل السياسيّة الأساسيّة مستمرة منذ نهاية عام 2011.