لبنان مقطّع الأوصال: لا قطارات ولا نقل عام

09 مارس 2015
الازدحام في لبنان يحتّم إعادة إحياء سكك الحديد(أنور عمرو/Getty)
+ الخط -
كانت فريدة العلي تخرج من منزلها الواقع في برج حمود لزيارة أقاربها في ساحة البرج، أو ما يُعرف الآن بـ"ساحة الشهداء" في وسط بيروت. تنتظر في المحطة، شأنها شأن الكثيرين، "كنّا نعرف بأن القطار وصل من صوت الذين يعملون فيه"، هكذا تتذكر فريدة تجربتها مع القطار في لبنان، الذي توقف إبان الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1975.
تقول فريدة: "كنت أستعمل القطار في كل تحركاتي، فقد كانت السكة الداخلية تربط مناطق بيروت، بالإضافة إلى توسعها إلى أغلب المناطق اللبنانية". للوهلة الأولى لا يمكن للجيل "الثلاثيني" تصوّر وجود قطار في لبنان، ولكن صورته ما زالت راسخة في أذهان من جايله.
في لبنان لا توجد قطارات، بل توجد مصلحة للسكك الحديد والنقل المشترك، ومن هنا تبدأ الإشكالية. وبحسب رئيس نقابة "عمال ومستخدمي سكك الحديد في لبنان"، ريمون فليفلي، فإن إعادة إحياء سكك الحديد تعد من الأولويات، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ويقول، لـ"العربي الجديد": "إن ربط القرى والمدن اللبنانية ببعضها عبر سكك الحديد، يساعد في تخفيف الزحمة الخانقة التي تشهدها بيروت، إضافة لتأمين ما لا يقل عن 3 آلاف وظيفة، وهوعدد موظفي سكك الحديد قبل توقيف الرحلات، أما اليوم فيصل عدد الموظفين إلى عشرة فقط، متروكون كمَن يتواجد في مأوى للعجزة، ومحرومون من شتى أنواع الترقيات". وما يزيد من تعقيد الأمور أن خدمة معظمهم ستنتهي في السنوات الثلاث المقبلة، مع تعويض لا يقي من جوع بعد 40 سنة عمل في المصلحة.
وفي ما يتعلق بإمكانية إعادة إحياء السكك الحديدية في لبنان، يقول فليفلي إن هناك مسعى "جديّاً وملموساً" لإعادة إحياء هذا القطاع من قبل الدولة.
في السياق ذاته، يعتبر مدير عام مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك، زياد نصر، أن الإدارة تعي تماماً أهمية إحياء هذا القطاع، لما له من فائدة على كافة الأطر الاقتصادية والاجتماعية، مشيراً إلى وجود خطط جدية في هذا الموضوع، بانتظار التمويل الحكومي أو عبر المانحين. ويقول نصر، لـ"العربي الجديد": "هناك خطط موضوعة لإعادة إحياء مستقبل السكك الحديدية، تشمل الخط الساحلي من الناقورة مروراً ببيروت حتى طرابلس، إضافة إلى خط يربط بيروت بالمناطق الجبلية".
لا تنتهي أزمة قطاع النقل العام في لبنان عند تأجيل إقرار القرارات، إذ يعاني القطاع من مشكلات جمّة. وبحسب رئيس اتحاد النقل البرّي في لبنان، بسام طليس، فإن الفوضى التي تسود القطاع، تكبح محاولات النهوض بالقطاع، ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه "يجب على الحكومة تفعيل رقابتها، حيث يعاني القطاع من غياب التنظيم، وانتشار التزوير في اللوحات العمومية، ناهيك عن دخول غير اللبناني إلى خط المنافسة، إضافة إلى كثرة العرض مقارنة بالطلب، والزحمة الخانقة وأزمة المواقف، فجميعها عوامل تساهم في تردي أوضاع القطاع، وانتشار الفوضى، ما يمنع القيام بإصلاحات حقيقية".
في حين يربط فليفلي إعادة القطارات الى العمل بضرورة القيام بإصلاح شامل للنقل العام في لبنان، مستشهداً بتجربة النهوض بالنقل المشترك في العام 2004 وما تم تحقيقه من أرباح هائلة، حيث وصل عدد مبيعات تذاكر النقل المشترك (الباصات) في ذلك العام الى 12 مليون تذكرة. ليعود الإهمال إلى هذا القطاع ويستمر حتى يومنا هذا.
إذ تملك مصلحة النقل المشترك قرابة 40 باصاً فقط موزعة على المناطق، وتبلغ إيرادات المصلحة قرابة 4 ملايين ليرة يومياً، في حين يسيطر القطاع الخاص على عدد من خطوط النقل، بخدمة تزيد رداءة يوماً بعد يوم. أما حجم الإنفاق الحكومي على القطاع، فلا يتجاوز 13 مليار ليرة سنوياً. ويقول فلفلي: "إن رئيس الحكومة الراحل، رفيق الحريري، أقر في 19 آب/ أغسطس 2004 قراراً يحمل الرقم 27، يقضي بشراء 250 باصاً خلال ثلاث سنوات، ولم ينفذ حتى الساعة".

إقرأ أيضاً: المرأة في الاقتصاد: خطوات إلى الوراء
المساهمون