يتشارك الأطفال والكبار في لبنان، مآسي الحروب والنزاعات المُسلحة على حد سواء، فلا يشفع للأطفال صغر سنهم عن لعب مُختلف الأدوار خلال هذه النزاعات، إذ حمل هؤلاء الأطفال السلاح وكانوا مقاتلين وضحايا.
ظهر بعضهم مسلحا في مدينة طرابلس شمالي البلاد، خلال الاشتباكات المسلحة بين منطقتي "باب التبانة" و"جبل محسن"، وبحسب أهالي المدينة فقد تجاوز الأطفال (ذكوراً وإناثاً) دور الاستعراض الإعلامي من خلال إطلاق النار في الهواء أو باتجاه "منطقة العدو"، نحو لعب دور عسكري خلال جولات الاشتباكات.
كما سقط بعض الأطفال أثناء القتال في صفوف "حزب الله"، ومنهم الطفل مشهور شمس الدين الذي قضى في أبريل/نيسان الماضي، واكتفى "الحزب" يومها بنفي مقتل شمس الدين في سورية، بل "في حادث أثناء قيامه بواجبه الجهادي في جنوبي لبنان"، دون الإشارة إلى صغر سنه. علماً أن الدورات العسكرية التي يجريها الحزب لأطفاله تبدأ في عمر مُبكر قبل أن يتدرج هؤلاء في أجهزة الحزب العسكرية، من خلال دورات مُتخصصة تُغطي مُختلف مجالات عمل هذه الأجهزة.
أما الأطفال السوريون والفلسطينيون الذين هربوا من الموت في سورية، فلم ينجوا من الرصاص الطائش والمباشر، ومنهم الطفل الفلسطيني النازح من سورية إلى لبنان، منير الحزينة، والذي قتله رصاص طائش خلال تشييع أحد مقاتلي "حزب الله"، بينما كان يلعب في حديقة عامة قرب ضاحية بيروت الجنوبية، في يونيو/حزيران 2015.
وليس الموت خلال النزاعات قدراً للأطفال، بحسب ناشطين وجمعيات حقوقية، هذا ما ترجمته بعض هذه الجمعيات من خلال مشروع "مسارات الديمقراطية وتمكين الشباب في لبنان" الذي نفذته "حركة السلام الدائم" مع جمعية "فكرة"، بالتعاون مع "صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية".
وتم خلال المشروع تدريب 90 شاباً (مجلس الشباب) من مختلف المناطق اللبنانية على مجموعة مهارات في العلاقات العامة والإعلام والتخطيط، بهدف "تعزيز مشاركة الشباب في الحياة العامة".
وتبنّى المجلس بعد انتهاء التدريب؛ مكافحة ظاهرة "استغلال الأطفال في النزاعات المُسلحة في لبنان". وأكد رئيس حركة السلام الدائم، فادي أبي علام، في المؤتمر الصحافي "استفادة الشباب من الخبرات التي راكموها خلال الدورات للتسويق للقضية بشكل صحيح وعملي، بهدف الوصول إلى الغاية المنشودة".
وفي هذا السياق، قرر الشباب توجيه دعوات إلى النواب اللبنانيين لحثهم على إقرار "البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة" الذي وقعته 159 دولة، وبينها لبنان، في فبراير/شباط 2002، دون أن يصادق البرلمان اللبناني عليه.
وأشارت الأمين العامة لـ"المجلس الأعلى للطفولة" التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية، ريتا كرم، إلى تبني "المجلس لقضية منع مشاركة الأطفال في النزاعات المُسلحة". وأعلنت خلال المؤتمر الصحافي عن "التحضير لمؤتمر يعقد في أبريل/نيسان المقبل لمكافحة ظاهرة التجنيد الإلكتروني للأطفال".
كما حذّرت من خطورة تجنيد الأطفال، وهو ما يترجمه خضوع 12 طفلاً لبنانياً للمُحاكمة أمام القضاء العسكري بتُهم تتعلق بالإرهاب".
|