لبنان: قمع الغاضبين فوق ركام بيروت يثير غضباً وحزناً واسعين

09 اغسطس 2020
شهدت بيروت احتجاجاً واسعاً قُمع فوق ركام المدينة (حسين بيضون)
+ الخط -

أسبوع موجع ومزدحم شهدته الساحة اللبنانية، بعد انفجار المرفأ الذي سبّب مجزرة ودماراً هائلاً أصاب العاصمة بيروت، تلاه تخبّط على المستوى السياسي، ومبادرات إنسانية من المواطنين وهيئات الإغاثة، في ظلّ غياب الوجود الرسمي للدولة، وصولاً إلى "سبت المحاسبة" الذي شهد احتجاجاتٍ غاضبة ومسيرة تشييع لضحايا "النكبة"، كما يسميها اللبنانيون، قمعتها السلطات اللبنانية، ما تضمّن اعتداءاتٍ وحشيّة على مواطنين غاضبين، من قبل عناصر أمنية وحزبية.

وعكست مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان الأحداث على الأرض، وبينها الدعوات إلى الاحتجاج عبر وسم #السبت_بكل_الساحات، وتحديداً الدعوات إلى "تعليق المشانق في الساحات" للمسؤولين عن المجزرة، عبر وسم #علّقوا_المشانق_بالساحات، بالإضافة إلى "#سبت_الانتقام".

كذلك غرّد اللبنانيون عبر وسوم #لبنان و#بيروت و#لبنان_ينتفض و#نظام_الأمونيوم  و#بيروت_منكوبة، معبّرين عن حزنهم الشديد لما أصابهم في المجزرة وقبلها من انهيار اقتصادي وقمع ومصادرة للحقوق والحريات من قبل السلطات، في تغريداتٍ لفّها الغضب وتضمّنت تعبيراً جامعاً عن انعدام الأمل بغدٍ أفضل في هذا البلد، فيما تضمّنت أخرى دعوات إلى "تحرير" المؤسسات الرسمية والجمهورية اللبنانية من النظام الحاكم، وتدعو بيروت إلى أن "تقوم من تحت الردم" وتعلن الثورة.

وأثار الانفجار حزناً عميقاً وغضباً واسعاً لدى اللبنانيين، لكنّه أعاد إلى مشهد الانقسام حول الأوجاع في لبنان. وفيما أثار تساؤلاتهم عن سبب تخزين كميات كبيرة من مادة نيترات الأمونيا في المرفأ منذ ست سنوات، من دون أن تحرّك السلطات المعنية ساكناً أو تتخذ أي تدابير حماية خاصة، وجدت السلطات في الانفجار "فرصةً" لما تسمّيه "فكّ الحصار عن لبنان".

وأعلنت وزارة الصحة، السبت، في حصيلة جديدة ارتفاع ضحايا الانفجار، الذي يعدّ من بين الأكبر في التاريخ الحديث، إلى 158 قتيلاً وأكثر من ستة آلاف جريح، فيما بات عدد المفقودين 21 شخصاً. وشرّد الانفجار نحو 300 ألف من سكان بيروت، نحو مئة ألف منهم أطفال، بحسب "فرانس برس". 

وفي الساحات، رفع بعض المحتجين الغاضبين حبال مشانق رمزية، تضمّنت صوراً للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ما يعتبر سابقةً في وسط بيروت، حيث لا تُرفع هذه الشعارات والصور، خوفاً من الاعتداءات. واعتدت عناصر حزبية مؤيدة لحركة أمل وحزب الله، بالفعل، على مواطنين يشاركون في التظاهرات، خلال دخولهم إلى ساحة الاحتجاج وخروجهم منها، في منقطة الرينغ قرب الخندق الغميق.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وشنّ هؤلاء حملةً تحريضيّة على مواقع التواصل، تضمّنت عبارات تشفٍّ بضحايا تفجير بيروت، بل وتمنيات بتفجير المتظاهرين في وسط بيروت. ولجأوا إلى نظرية المؤامرة للتصويب على المتظاهرين، متهمين إياهم تارةً بالعمالة، وتارةً بالوقوف وراء انفجار المرفأ تارةً أخرى، ومروّجين أيضاً لاتهام بأنّهم "مدفوعون لإحراق وثائق تدين الفساد منذ عام 1992 في الوزارات"، وذلك بعدما اقتحم متظاهرون وزارات الخارجية والاقتصاد والبيئة والطاقة، بالإضافة إلى جمعية المصارف.

وكانت مواقع التواصل تغطّي كل الأحداث تلك، من الاقتحامات وما حصل داخل الوزارات، والقمع الأمني للمتظاهرين، والهتافات والشعارات ودعوات المحاسبة، كما التصريحات السياسية التي لم يطّلع عليها المتظاهرون، لكون الاتصال بالإنترنت كان بطيئاً جداً في الساحات. ووثّقت اعتداء عناصر أمنية على المواطنين، وكان بينها إطلاق النار المباشر عليهم، وتوثيق الإصابات بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والرصاص الحيّ.

ولم يسلم الموثّقون من الاعتداءات. فقد طاولت الصحافيين على الأرض اعتداءات بالضرب بالهراوات والرصاص المطاطي، كما الاختناق بالغاز والإصابات بالحجارة.

وفي وسط بيروت، أصيب مصوّر "ميغافون" مكرم الحلبي بالرصاص المطاطي في رجله أمام جامع العمري. وبحسب "سكايز"، استُهدِف فريق newsgate للخدمات الإعلامية والإخبارية، الذي ضمّ كلاً من المصوّرين والتقنيين ستيفانو روحانا وبيار بطرس ورونالد جورجيوفيتش وجورج مارون وسركيس كشيشيان مرتين وبشكل مباشر بقنابل مسيّلة للدموع أمام جامع محمد الأمين. كذلك أُصيب مراسل LBCI إدمون ساسين، ومراسلة "الجديد" ليال بو موسى، ومصور قناة MTV فادي سكاف، بالحجارة.

وليلاً، اعتدى عناصر من الجيش على مراسل "الجزيرة" الإنكليزية تيمور أزهري، والمصوّرة ريتا قبلان، والباحثة في "هيومن رايتس ووتش" آية مجذوب، بالهراوات، خلال فضّهم المتظاهرين بالقوة من منطقة الرينغ في بيروت، خلال توثيقهم للعملية تلك. وفقدت قبلان الوعي نتيجة الضربة، وخسرت هاتفها. فيما أشار أزهري إلى محاولة جندي أخذ هاتفه من دون أن ينجح.

المساهمون