لبنان... سلطة تحاكم شعباً

21 سبتمبر 2015
محاربة الحراك الشعبي جمعت أطراف السلطة (حسين بيضون)
+ الخط -
لم يسلم أحد في لبنان من محكمة السلطة التي قررت إدانة كل الأطراف المعنية بالحراك المدني في بيروت والمناطق. طاولت الأحكام الصادرة على لسان أقطاب الطبقة السياسية حملات الحراك، أفراداً وجماعات، كما طاولت وسائل الإعلام التي تابعت تطور هذا الحراك وتغطية فعاليته المتنوعة بكل ما أوتيت من أسلحة النقل المباشر والتقارير.

خرج وزير الزراعة أكرم شهيب الذي سلمته الحكومة إدارة أزمة النفايات بعد اعتكاف وزير البيئة، محمد المشنوق، أولاً ليُحمّل الحراك المدني مسؤولية بقاء آلاف أطنان النفايات في الشوارع والساحات العامة مع اقتراب موسم الشتاء. بعده بأيام أخضع رئيس لجنة البيئة النيابية، النائب مروان حمادة، الحراك المدني لمحاكمة مُشابهة، مُعتبراً أن "وقت التنظير قد انتهى وآن الآوان لتطبيق الخطة الحكومية الحائزة على مُباركة الأطراف السياسية كافة". فأخرج حمادة الخطة من إطار النقد البيئي إلى طاولة المُحاصصة السياسية، مع مُشاركة كل الأحزاب السياسية في الجريمة البيئية المُتمثلة في إنشاء المزيد من المطامر على قاعدة "نأخذ من كل رجل قبيلة" لتتوزع مسؤولية صحة المواطن اللبناني المهدورة على الجميع.

ثم خرج من نفس الخط السياسي، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، النائب وليد جنبلاط، ليتهم وسائل الإعلام بـ"المشاركة في تحطيم الدولة من خلال الفوضى المنظمة". وقد سبق حكم محكمة السلطة الذي عبر عنه جنبلاط تطبيق العقوبات بحق الصحافيين ضرباً ولكماً وقمعاً من قبل القوى الأمنية التي اعتدت على الصحافيين خلال تغطية الحراك المدني. وقطعت كابلات البث المُباشر لمنع نقل وقائع فض اعتصام الناشطين داخل مكاتب وزارة البيئة. وفي الضفة المُقابلة سياسياً، لم يكن الحُكم مُخففاً بطبيعة الحال. فحكم رئيس كتلة الوفاء للمقاومة (كتلة حزب الله) على نوايا المُشاركين في الحراك، ووضع نفسه في موقع المُوجه والناقد لهم، فطالهم بتحديد جدول مطالب لبحث إمكانية تأييدهم. يبدو أن أقطاب السلطة في لبنان لم يُدركوا بعد أن شريحة من اللبنانيين قررت مُحاكمتهم ميدانياً في الشوارع والمؤسسات العامة، لكنهم مُتفقون على حُرمة المساس بمُكتسباتهم المالية والسياسية في الدولة اللبنانية.
دلالات