لبنان: سجالات "تشريع الضرورة" لتمرير الوقت

22 ابريل 2015
المسيحيون يعارضون عودة التشريع قبل انتخاب الرئيس (حسين بيضون)
+ الخط -
بعد أسابيع من التوتر الكلامي والصراع الإعلامي بين حزب الله وتيار المستقبل، على خلفية "عاصفة الحزم" والقمة العربية والحرب في سورية، وجد المسؤولون اللبنانيون ما يملأ فراغ حياتهم السياسية ويعيد اهتماماتهم إلى الساحة الداخلية. ينطلق سجال سياسي محلي جديد تحت عنوان "تشريع الضرورة"، أو عودة مجلس النواب إلى الالتئام ومباشرة عمله في تشريع القوانين أو تعديلها. ويتّخذ التشريع صفة "الضرورة" لدفع الكتل المسيحية إلى المشاركة في الجلسات وإضفاء الميثاقية (الطائفية) على الجلسات، باعتبار أنّ الممثلين المسيحيين يرفضون التشريع في ظل شغور منصب رئاسة الجمهورية (منذ مايو/أيار 2014). فمن المقرر أن يدعو رئيس مجلس النواب، نبيه بري، لجلسة تشريعية في النصف الأول مطلع الشهر المقبل. وتشير مصادر بري إلى أنّ الأخير يطرح مجموعة من البنود التي يصفها بالملحّة، وهي تتعلق بمشاريع مالية وأخرى بتثبيت الإفادات الممنوحة للطالب العام الماضي (بفعل إضراب الأساتذة وإلغاء الامتحانات الرسمية لعام 2013 ــ 2014).

إقرأ أيضاً:الحريري يردّ على نصر الله: المشروع الإيراني سيسقط

سارعت القوى المسيحية إلى رفض المشاركة في أي تشريع لا يشمل ملفي إقرار الموازنة العامة وقانون الانتخابات النيابية، أو واحداً منهما على الأقل. هذا ما تؤكده أوساط حزبي الكتائب والقوات اللبنانية، في حين لا يزال قرار تكتل التغيير والإصلاح (برئاسة النائب ميشال عون) معلّقاً بانتظار جدول الأعمال، بحسب ما قال النائب سيمون أبي رميا. تتوافق القوى المسيحية على هذا القرار، إلا أنّ التجارب السابقة غير مشجعة على الالتزام بمواقف مماثلة، فهو ما حصل خلال الجلسة التشريعية الأخيرة، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يوم كسرت القوات اللبنانية القرار المسيحي الموحد بمقاطعة جلسة التمديد لمجلس النواب (أقرّ التمديد حتى 20 يونيو/حزيران 2017) فأضفت على جلسة البرلمان الميثاقية اللازمة لتمرير قانون التمديد.

إقرأ أيضاً: نصرالله والحريري والأدوار العابرة للحدود

ما يفتح باب السجال، أن هيئة مكتب مجلس النواب، وضعت على جدول أعمال الجلسة التشريعيّة، ستة مشاريع من دون ذكر المشروعين الأكثر إلحاحاً، أي مشروعي الموازنة والقانون الانتخابي. إلا أنّ أوساط بري تؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ "خطوة رئيس المجلس تهدف إلى إعادة تحريك البرلمان وعمله، والمطلوب خطوة أولى بغية وضع المجلس على السكة الصحيحة". ومن هنا يبرز الاختلاف في وجهات النظر بين الكتل، في كون المسيحيين أولاً لا يريدون التشريع في ظل الشغور الرئاسي، وثانياً في التمكن من التوافق على مشروع واضح للموازنة. حتى أنّ النقاش النيابي والسياسي حول الموازنة صعب وقد يكون مهدّداً بالتعثر، باعتبار أنّه سيشهد نقاشاً آخر حول تضمين الموازنة مشروع سلسلة الرتب والرواتب، وهو ملف عالق منذ أربع سنوات. وفي هذا الإطار، أكد وزير العمل، سجعان قزي، بعد جلسة مجلس الوزراء يوم الثلاثاء "الاتفاق على تحييد سلسلة الرتب والرواتب من نقاشات الموازنة، التي ستتم مناقشتها في جلسة وزارية مخصصة لذلك"، أي أنّ الحكومة مجتمعة ذللت عقبة السلسلة، أو ربما أجّلتها إلى ما بعد الانتهاء من نقاشات الموازنة، بسبب عدم التوافق عليها. كما أنّ إقرار مشروع الموازنة يتطلب تسوية الملفات المالية العالقة منذ عشر سنوات، باعتبار أنّ الموازنة غائبة عن الدولة اللبنانية منذ عام 2005، وهو عنوان سجالي أيضاً، إذ يرى فريق 8 آذار، أن رئيس الحكومة الأسبق، فؤاد السنيورة، الذي يتهمه هذا الفريق بالفساد، يُريد تبرئة مرحلته في الحكم من خلال هذه الخطوة.

يشير هذا الواقع إلى أنه يتم الهروب من الوقوع في جمود الأزمات على المستويات السياسية والتشريعية والميثاقية، تحت عنوان متابعة شؤون الناس والدولة. يمكن ان تبقى هذه المتابعة صورية أو شكلية، باعتبار أنّ ملفات مماثلة لم تحلّ في عهود حكومات الوحدة والوطنية والتفاهمات العربية (التفاهم السوري السعودي بين أعوام 2009 و2011)، فكيف الحال في عزّ الحروب العربية؟
المساهمون