لبنان: خطّة أمنية سرية الجميع يعرف تفاصيلها

09 فبراير 2015
خطة تتضمن تحريك ألفَي عسكري لبناني (جوزيف عيد/getty)
+ الخط -
نادت الدولة اللبنانية عبر مكبرات الصوت والإذاعات والتلفزيونات بأنّ الخطة الأمنية ستنطلق في منطقة البقاع (شرقي لبنان)، منتصف هذا الأسبوع. توارى المطلوبون عن الأنظار ولجأ قسم منهم إلى مناطق جردية يصعب على القوى الأمنية الوصول إليها. أما العسكر فلا يزالون في بيروت، يملؤون شاحناتهم بالعتاد اللازم لتنفيذ المداهمات. هكذا، وللمرة الثالثة في أقل من عام، يتم الإعلان عن خطة أمنية للبقاع كثمار لتفاهم سياسي غير مكتمل بين حزب الله وتيار المستقبل. 

يتحكّم التفاهم السياسي بين الحزب والمستقبل بالوضع الأمني وبمجمل الخطط الأمنية التي فرضتها الدولة منذ أشهر على مختلف المناطق اللبنانية. جاء مشروع الخطة الأولى، في أبريل/نيسان 2014، كثمار لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة تمام سلام. تفاهم الطرفان على السياق السياسي في البلد، فأنتج ذلك خطةً أمنيةً في طرابلس (شمالي لبنان، ذات الأغلبية السنية). وتطلّب الأمر السير في خطة مماثلة لمناطق نفوذ حزب الله، فانطلق العمل منذ حينها في البقاع. سارت الخطة المخصصة لهذه المنطقة على دفعات تماشياً مع الظروف السياسية وتلبية لها، فتمّ التمديد لمجلس النواب مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ما استوجب انطلاقة ثانية للخطة حصلت بعد أسابيع. إلا أن الأخيرة فشلت أيضاً لغياب القرار السياسي الجدي، وكان من نتائجها فرار المطلوبين وتنفيذهم لجريمة "بتدعي" في دير الأحمر. 

ومن "الطرائف" التي شهدتها هذه الخطة، حادثة تهريب نوج زعيتر، أحد أبرز تجار المخدرات المطلوبين للقضاء، من مستشفى في البقاع بعد إصابته إثر مداهمة للجيش في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. فتم الأمر من دون أن يكون للقوى الأمنية أي سلطة على الموقوف لديها.

أما المشروع الأمني المطروح اليوم، فيأتي ثمرة الحوار المباشر بين الحزب والمستقبل وأحد مفاعيله، بحسب ما يؤكد مقرّبون من وزير الداخلية المستقبلي، نهاد المشنوق. نجحت خمس جلسات حوارية بين الطرفين بإزالة الصور والأعلام الحزبية من المدن الرئيسية في لبنان، وتأتي الخطوة التالية في الخطة الأمنية للبقاع التي بدأت تفاصيلها تنتشر في الصالونات السياسية، وبالتالي في الإعلام.

يؤكد أحد الضباط الأمنيين لـ "العربي الجديد" أنّ الأجهزة الأمنية المعنية حدّدت عديداً بشرياً من ألفَي عسكري، ألف عنصر من الجيش وألف من قوى الأمن الداخلي (بين درك وأمن عام) لفرض الخطة الأمنية في الشرق. ويضيف المسؤول الأمني أنّ "التنسيق الحاصل بين مختلف الوحدات العسكرية والأمنية أدى إلى وضع خطة عمل ولائحة طويلة من الأهداف والمطلوبين بجرائم مختلفة". فالمطلوب بحسب الدولة اليوم توقيف عشرات المطلوبين الرئيسيين في عمليات قتل وخطف وسرقة واتجار بالمخدرات، في حين يتجاوز عدد المطلوبين الفعليين بحسب مذكرات توقيف قضائية، ألف مطلوب، بينما يصل عدد المذكرات القضائية إلى ثلاثين ألفاً، بحيث صدرت عشرات مذكرات التوقيف بحق بعض المطلوبين.

وبينما يطالب تيار المستقبل بإحكام قبضة الدولة على الوضع في البقاع، وتوقيف المطلوبين أسوة بما حصل في طرابلس، فإنّ أجواء حزب الله متفائلة بسير العملية اليوم ولو أنّ العبرة تبقى في التنفيذ. يقول أحد المطلعين على أجواء الحزب لـ "العربي الجديد" إنّ "قيادة الحزب باتت متهمة بإيواء المجرمين والتغطية عليهم، وهو ما يدعوها إلى التأكيد على وجوب الحدّ من الانفلات الحاصل في البقاع". فيكون الحزب قد وقع بين صورة حماية المطلوبين والمجرمين من جهة، وخطر التصادم مع أهله وأهل العشائر البقاعية في حال رفع الغطاء عن المطلوبين فيهم من جهة ثانية. على هذا الأساس، يمكن تنفيذ الخطة الأمنية ومفاعيلها، بما يتناسب مع مصلحة حزب الله والخطوط الحمراء الاجتماعية التي يمكن أن يتجاوزها في بيئته البقاعية.

المساهمون