لبنان: تعطيل توقيف "الجندي الصغير في جيش الأسد"

09 يناير 2015
وقوعُ الانفجارين خلال صلاة الجمعة (جوزف عيد/فرانس برس)
+ الخط -
احتلت قضية تفجير مسجدي السلام والتقوى في مدينة طرابلس شمالي لبنان في أغسسطس/آب 2013 حيزاً واسعاً من النقاش السياسي في لبنان، عززه عدد الضحايا المرتفع الذي تجاوز الـ45 قتيلاً إلى جانب أكثر من 800 جريح. أتى التفجير المزدوج في ظل موجة التفجيرات المتلاحقة التي ضربت بلدات البقاع، شرق لبنان، والضاحية الجنوبية لبيروت. وبعكس التفجيرات السابقة التي تبنتها جماعات سورية كـ"جبهة النصرة"، بقيت تفجيرات طرابلس من دون تبنٍ، وإن حملت بصمات النظام السوري بحسب ما أشارت إليه التحقيقات الأولية في حينها، وخصوصاً أنها تزامنت مع اعتراف الوزير السابق، ميشال سماحة، (الموقوف حاليّاً) بنقل متفجرات لصالح النظام السوري ليصار إلى استخدامها في تفجيرات في مناطق شمالية في لبنان.

تعود القضية اليوم إلى النقاش من بوابة سحب مذكرة التوقيف في حق

النائب السابق ورئيس الحزب العربي الديموقراطي (غالبيته من العلويين)، علي عيد، بتهمة "تهريب مطلوبين للعدالة في قضية تفجير المسجدين". استدعى خبر سحب المذكرة توضيحاً سريعاً من وزير العدل اللبناني أشرف ريفي الذي أكد أن "سحب المذكرة الصادرة عن المحكمة العسكرية تدبير روتيني، كون الملف قد أحيل إلى المجلس العدلي، وهو الأمر الذي يسحب صلاحية النظر في هذا الملف من المحكمة العسكرية وينقلها للمحقق العدلي الذي سيباشر جلسات التحقيق قريباً مع المتهمين كافة وضمنهم المدعو علي عيد".

وأشار القيادي في تيار المستقبل، النائب السابق، مصطفى علوش، لـ"العربي الجديد" إلى أن "القرار لا يعني بأي حال من الأحوال عودة علي عيد إلى مدينة طرابلس، فالرجل في وضع صحي صعب وسيقرأ الطرابلسيون عودته في إطار استفزاز مشاعر أبنائها". كما نفت مصادر في تيار المستقبل علاقة القرار بالحوار الدائر بين المستقبل وحزب الله. لكن أوساطاً إسلامية في المدينة أكدت "سريان حالة قلق بين أهالي الموقوفين في منطقة باب التبانة نتيجة فقدان الثقة في تيار المستقبل كممثل للطائفة وللأهالي في طرابلس". ويدعم المصدر الإسلامي قوله بالحديث عن "إعادة تحريك ملفات قضائية لشخصيات إسلامية في المدينة التي يعاني أبناؤها في السجون، وتتراكم ملفات الاعتقال لأبنائها دون محاكمات".

سبق إصدار مذكرة التوقيف الغيابية في حق عيد، استدعاءات متكررة لعيد من قوى الأمن الداخلي، واجهها بالرفض وبمؤتمرات صحفية اتهم فيها "شعبة المعلومات" التابعة لقوى الأمن الداخلي بـ"استهداف حلفاء سورية"، واصفاً نفسه بكونه "جنديّاً صغيراً عند الرئيس بشار الأسد". وحاول عيد استجداء حلفاء النظام السوري في لبنان وعلى رأسهم حزب الله لمساعدته، لكن مصادر سياسية طرابلسية أكدت لـ"العربي الجديد" أن "علاقة عيد بحزب الله كانت سيئة أصلاً وتعقدت بعد تورط سائق عيد بتهريب متهمين بالتفجيرات إلى سورية".

لم يطل عيد ما طال عدداً كبيراً من الأشخاص المتورطين في جولات الاشتباكات بين باب التبانة وجبل محسن. أوقف هؤلاء وبينهم "قادة المحاور" ووسام الصباغ الذي "عمل على احتواء المسلحين بعد اعتقال قادتهم في منطقة التبانة، ويعد من أبرز الذين منعوا الانفجار الكبير في طرابلس" كما تقول مصادر أمنية وسياسيّة طرابلسية. تمت التوقيفات في إطار الخطة الأمنية التي أقرتها الحكومة في مارس/آذار 2014. وقضت الخطة بإزالة المتاريس بين المنطقتين، توقيف المطلوبين، ونشر الجيش. لتنتشر بعد أشهر تسجيلات لهؤلاء من داخل سجن رومية تتهم القيادات السياسية في طرابلس بـ"بيع المقاتلين الذين دافعوا عن التبانة، بعد سقوط الوعود بقضاء أيام قليلة في السجن ثم إطلاق سراحهم.

انتظر هؤلاء مصيراً كمصير المطلوب شادي المولوي الذي أسهمت التدخلات السياسية في إطلاق سراحه بعد توقيف قصير بتهمة "نقل الأموال والسلاح إلى سورية". 

وفي وقت تستمر طرابلس في استقبال المعزّين بالرئيس الراحل، عمر كرامي، ساهم تطمين ريفي في الإجابة عن بعض التساؤلات التي ارتفعت في شوارع المدينة على شكل رسائل نصية تداولها الطرابلسيون بشأن عودة علي عيد، تقول إن "علي عيد سيعود إلى طرابلس بينما أبناؤنا في السجون"، وهو ما كان يُمكن أن يُعيد طرابلس إلى مراحل التوتر الأمني التي عاشتها منذ أحداث السابع من مايو/أيار 2008.

وينتمي علي عيد إلى الطائفة العلوية ويرأس الحزب "العربي الديموقراطي" الموالي للنظام السوري علناً. وشارك حزبه في جولات القتال المتعددة التي نشبت بين منطقتي جبل محسن (ذات الأغلبية العلوية) وباب التبانة (ذات الأغلبية السنية). فعززت هذه العوامل من حالة الاحتقان التي رافقت إصدار المذكرة في حق عيد، الذي توارى سريعاً عن الأنظار. وتؤكد مصادر متقاطعة أنه انتقل من منزل العائلة في عكار شمال لبنان إلى الداخل السوري حيث يقيم، حاليّاً، تحت حماية النظام السوري.

المساهمون