لبنان بلد العجائب

13 سبتمبر 2017
50 جامعة خاصة في لبنان (جوزيف براك/ فرانس برس)
+ الخط -
بلغ عدد الجامعات الخاصة في لبنان قرابة الخمسين جامعة ومعهدا عاليا، وهو رقم قياسي بالعلاقة مع عدد السكان الذي لا يتجاوز الستة ملايين ونصف المليون إذا ما أضفنا إليهم اللاجئين الفلسطينيين والسوريين والعراقيين، أما المساحة الجغرافية فلا تتعدى الـ 10.452 كلم مربعا فقط. لكن العدد الذي قدمناه سابقاً وهو رقم الخمسين جامعة ومعهدا عاليا يملك كل منها من الفروع ما يتراوح بين الفرع الواحد وهو نادر للجامعة الأميركية، وحوالي الستين فرعاً وهو للجامعة اللبنانية، وهي المؤسسة الرسمية الوحيدة للتعليم العالي الممَّولة من الدولة اللبنانية. وبين الرقمين الأعلى والأدنى هناك مؤسسات تملك ما بين ثلاثة وخمسة فروع أو أكثر.

لكن انتشار الجامعة اللبنانية واستقطابها العدد الأكبر من الطلاب لا يعبِّر عن هيمنة على قطاع التعليم العالي، إذ إن عدد طلابها بلغ في العقود السابقة ما نسبته حوالي 62 في المائة من العدد الإجمالي للطلاب الجامعيين، لكنه استقر مؤخراً على نسبة تتجاوز الـ30 في المائة بقليل من مجموع عدد طلاب التعليم العالي، بينما توزعت نسبة الـ 70 في المائة على باقي المؤسسات الخاصة.

وانتشار الفروع الواسع لا يعبر عن سياسة أكاديمية وتنموية مدروسة، بل يخضع في غالب الأحيان لاعتبارات سياسية وطائفية ومناطقية، إذ تتدخل جهة ما (غالباً ما تكون ذات صبغة سياسية طائفية) مع الوزير المختص ورئاسة الجامعة فينشأ فرع هنا أو هناك دون أي اعتبار لحاجة المنطقة وأهمية وجود هذا الاختصاص فيها. مع ذلك فهذه الجامعة تملك أكبر عدد من الأساتذة حَمَلة الدكتوراة وأوسع مروحة من التخصصات الأكاديمية على مستويي الدراسات التطبيقية أو النظرية.

أما الجامعات والمعاهد الخاصة فموزعة بتفاوت على المناطق والطوائف والمذاهب، والحصة الرئيسية هي من نصيب العاصمة والضواحي القريبة التي تدخل في نطاق محافظة الجبل، يليها الشمال ثم الجنوب فالبقاع. وحول تبعية المؤسسات للطوائف، تمتلك الطائفة المارونية والكاثوليكية بمختلف رهبانياتها أكبر عدد من الجامعات ثم تأتي باقي الطوائف لاسيما السنّة والشيعة والأرثوذكس بنسب متفاوتة.

ومنذ نهاية الحرب شاعت عملية تأسيس الجامعات لدى الطوائف والقوى السياسية، والموجة الأكبر حصلت على تراخيص أواسط التسعينيات، علماً أن عدداً لا يستهان بها باشرت التدريس قبل الحصول على التراخيص من مجلس التعليم العالي والمديرية العامة للتعليم العالي فوزارة التربية يليه أخيراً صدور مرسوم الموافقة من مجلس الوزراء. مع ذلك، يجب أن يسجل للطائفة الإنجيلية أو البروتستانت ملكية أهم مؤسستين للتعليم العالي (الأميركية والأميركية اللبنانية) والموجهة لنخبة النخبة والأغلى أقساطاً بين الجامعات.

الجديد الذي شهدته العقود الأخيرة يتمثل في محورين أحدهما دخول شيعي واسع على خط التعليم العالي وتأسيس جامعات وفروع جامعية، ومبادرة عدد من المتمولين لتأسيس جامعات لها فروع عدة واجتذابهم أعداداً لا يستهان بها من طلاب لبنان، بالنظر إلى الأقساط المقبولة التي يحصلون عليها، علماً أنها ومعظم الطافي على السطح لا تملك الشروط البشرية والمادية لإقامة جامعات، أو لممارسة وظائفها البحثية والمجتمعية.

*أستاذ جامعي
المساهمون