وكان أمين عام حزب الله حسن نصر الله، الذي ظهر شخصياً في مجمّع سيد الشهداء في الضاحية ليل الإثنين ــ الثلاثاء، قد أكّد أنّ "لا شيء سيحول بيننا وبين حسيننا"، في إشارة إلى ثقته بالإجراءات الأمنيّة التي ينفّذها عناصر الحزب في الضاحية والبقاع.
تفتيش وانتشار مسلح
وتنوّعت الإجراءات الأمنيّة التي نفّذها عناصر الحزب، بين الحواجز الثابتة التي أقاموها ليلاً عند مداخل الضاحية وبلدات البقاع، على بعد عشرات الأمتار عن حواجز الجيش اللبناني، الذي ترك عناصره التدقيق في السيارات والمارة لحواجز الحزب. كما أصدرت مديرية قوى الأمن الداخلي بياناً أعلنت فيه إقفال مداخل الضاحية، يوم أمس، تزامناً مع إحياء مراسم عاشوراء، فتجاور انتشار عناصر الدرك مع انتشار عناصر حزب الله.
ودقّق عناصر الحزب في هويّات المارة، وأوقفوا عشرات السوريين، من عمّال بناء وتوصيل منزلي، للتدقيق في هويّاتهم قبل إطلاقهم. كما انتشر عناصر متأهبون قرب سيارات دفع رباعي، بزجاج داكن (عادة ما تحوي أسلحة)، بين الحواجز.
واقتصر الظهور العلنيّ المسلّح عند مداخل الحسينيّات والمجمّعات التي يحيي حزب الله فيها مراسم "عاشوراء"، كمجمّع "سيد الشهداء" في قلب الضاحية، حيث انتشر عشرات العناصر بلباس موحّد، مسلحين بالرشاشات الخفيفة، قرب قواطع حديديّة ضخمة، استحدثها حزب الله في محيط مؤسّساته، بعد موجة السيّارات المفخّخة التي ضربت الضاحية خلال العام الحالي.
وتولّى عناصر مدنيون تفتيش الداخلين مرّتين عند حاجزين منفصلين، وعند المدخل الرئيسي، خضع جميع الزوار لجهاز كشف المعادن قبل الدخول إلى المجمّع الذي قطعت أجهزة تشويش إرسال الهواتف داخله.
ومع دخول الضاحية في يوم المسيرة أمس، تضاعفت إجراءات التدقيق، وتمّ تعميم قرار "منع تجول الأجانب كافة في الضاحية الجنوبية لبيروت لمدة 24 ساعة حتى انتهاء المراسم بعد ظهر الثلاثاء"(أمس). وعمدت المحال التجاريّة والمؤسّسات إلى صرف العمّال الأجانب، تفادياً لتوقيفهم على الحواجز الحزبيّة.
وتساهم البلديات المحليّة في إضفاء بعض الشرعية الرسميّة على إجراءات الحزب، من خلال تعميم بعض البلديات في البقاع الشمالي لقرار "حظر التجوّل للإخوة السوريين بالتزامن مع إحياء مراسم عاشوراء".
وكانت مؤسّسات حقوقيّة مثل "هيومن رايتس ووتش"، حذّرت في تقرير أصدرته في أكتوبر/تشرين الأول الماضي من "فرض 45 بلدية لبنانية حظر التجول على المواطنين السوريين، وهو ما يخالف القانون ويسهم في إيجاد مناخ من التمييز ضدهم".
حركة أمل والعراضات المسلحة
وفي مقابل إجراءات الأمن الذاتي الاحترافيّة، التي نفّذها حزب الله، انتشر العشرات من مسلحي "حركة أمل"، التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، في الأحياء السكنيّة في بيروت وصيدا والبقاع. وتسلّح هؤلاء بالرشّاشات الخفيفة والمتوسّطة في ما يشبه عراضات مسلّحة، أثارت حفيظة أهالي المناطق المجاورة للحسينيات. كما عمد عناصر الحركة إلى الانتشار داخل الجامعة اللبنانيّة (الرسمية) في منطقة الحدث، جنوب بيروت، وقطعوا بعض الطرق على بعد مئات الأمتار من مقري البرلمان والسراي الحكومي في بيروت.
وتجاوز حزب الله في ذكرى "عاشوراء"، جميع الدعوات التي أطلقها مسؤولوه لانتشار الأجهزة الأمنيّة الرسميّة في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، ليتولّى بنجاح حماية جمهوره ومناطق نفوذه بشكل ذاتي، وهو ما يترك جملة تساؤلات في بال "باقي اللبنانيين"، عن قدرة الدولة على حمايتهم، وعلى بسط سلطتها على أرضها.