لبنان: "ليلة السفراء" تفشل في صياغة البيان الوزاري

14 مارس 2014
باسيل وخليل في الجلسة الحكوميّة (دالاتي ونهرا)
+ الخط -

عاد منسوب التفاؤل في إقرار البيان الوزاري الحكومي لحكومة الرئيس تمام إلى الانخفاض. فبعد ليلة ماراثونية لم يبقَ سفير غربي في لبنان إلا وتدخل فيها، للضغط من أجل الوصول إلى اتفاق حول البيان الوزاري للحكومة الجديدة، رُفعت جلسة الحكومة إلى اليوم الجمعة، عسى أن تصل المفاوضات إلى حلّ مقبول لدى جميع الأطراف.

وفي المعلومات المتوافرة، فإن الرئيس تمام سلام أصرّ على الوصول إلى صيغة مقبولة في جلسة مساء الخميس، محذّراً من أن عدم الاتفاق على صيغة سيدفعه إلى تقديم استقالته. لكن تدخّلاً حازماً من سفير إحدى الدول الكبرى، دفع بسلام لعدم الاستقالة ليلاً، واعطاء المساعي فرصة إضافيّة.

وأفادت مصادر مجلس الوزراء لـ"العربي الجديد"، بأن اختلافاً وقع في صفوف قوى 14 آذار، حول الصيغة التي طرحها وزير المال علي حسن خليل (ممثل الرئيس نبيه بري) والتي نصّ جوهرها على أن المقاومة هي "نتاج طبيعي لرغبة اللبنانيية في الدفاع عن أنفسهم ضدّ أي اعتداء خارجي". وتعطي هذه الصيغة، المقاومة "الحق في الدفاع عن النفط" من دون ربط هذا الأمر بسلطة الدولة. وهو نصّ يُعتبر فضفاضاً أكثر من الصيغ التي طُرحت سابقاً، إذ أنه يعني ضمناً تشريع المعركة ضد "التكفيريين"، التي أعلنها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله. وبعدما كاد الرئيس سعد الحريري، يوافق على هذه الصيغة، رفض حزب الكتائب والوزراء المسيحيين من قوى 14 آذار الصيغة هذه بشكلٍ قاطع. كما رُفضت صيغة وزير الخارجية جبران باسيل (ممثل النائب ميشال عون) والتي تنص على "حق اللبنانيين بمقاومة أي اعتداء وتحرير أرضهم"، إذ ترى قوى 14 آذار، أن كلمة "اللبنانيين" تترك الأمور مفتوحة لأن يفتح من يُريد من اللبنانيين معركة مع اسرائيل في الوقت الذي يُريده.

هنا، تكثّفت الاتصالات بين مكونات هذا الفريق، بحيث كاد يصل إلى صيغة مقبولة من جميع أطرافه، لكن ممثلَي حزب الله، الوزيرين محمد فنيش وحسين الحاج حسن، أعادا الأمور إلى المربع الأوّل عندما رفضا كل الصيغ التي لا تضم تبنٍ واضح وصريح لـ"حق حزب الله في المقاومة"، ومن دون ربط الموضوع بتحرير الأرض من الاحتلال الاسرائيلي أو التصدي للاعتداءات الاسرائيليّة، ومن دون ربط هذه المقاومة بالدولة بشكلٍ أو بآخر. وهو ما اعتبرته قوى 14 آذار إعادة إحياء لثلاثيّة "الجيش والشعب والمقاومة" التي اتفق الجميع على تجاوزها في مفاوضات تشكيل الحكومة.

وعلم "العربي الجديد" أن حزب الكتائب الذي يقود مفاوضاته النائب سامي الجميّل، تشدّد في مواقفه، خصوصاً أنه لا يُمكن أن يتحمّل أي تراجع سياسي أمام جمهوره. فالقوات اللبنانيّة، وهي القوة المسيحية الأكبر في 14 آذار، تنتظر هذا التراجع لتبتلع جمهور الكتائب، الذي لم يتقبّل بعد المشاركة مع حزب الله حكومة واحدة. وتنقل مصادر في تيّار المستقبل أن الجميّل لا يرغب أبداً في خسارة شعبيّة على أبواب الانتخابات الرئاسيّة والنيابية. كما أن الجميّل، مقتنع أن الوقت المتبقي حتى يتحوّل مجلس النواب إلى هيئة ناخبة لرئاسة الجمهوريّة (25 مارس / آذار الحالي) لا يسمح بتشكيل حكومة أخرى، وبالتالي فإنه حقق مكاسبه بثلاثة وزراء، سيقومون بمهامهم في حكومة تصريف الأعمال. وقد صمد الجميّل حتى مساء أمس في وجه ضغوط السفراء وممثلي الأمم المتحدة في لبنان.

في المقابل، فإن الحريري، لا يستطيع أن يسير بالبيان الوزاري من دون الوزراء المسيحيين، لأن هذا الأمر يعزله وطنياً، ويُصبح مجرداً من أي تحالف، خصوصاً مع المشاكل الطارئة مع القوات اللبنانية، والتي لن تُغطي هكذا بيان وزاري حكماً، والفتور في العلاقة مع النائب وليد جنبلاط.

بدوره، فإنّ مطلب حزب الله واضح، وهو بيان وزاري يحميه داخلياً وخارجياً، خصوصاً لجهة مشاركته في الحرب السورية، إذ إن الحزب بات يعتبر أن مواجهة ما يُسميه التكفيريين عملاً مقاوماً، وقد كرر نصرالله مراراً، أن مشاركة الحزب في الحرب السوريّة هي لمنع "التكفيريين" من الدخول إلى لبنان.

إذاً، حكومة سلام لا زالت قائمة بعدما حقنها السفراء الغربيون بحقن المورفين، لإعطاء فريقي 8 و14 آذار فرصة جديدة للاتفاق على البيان الوزاري وحلّ عقدة "المقاومة" أو سيستقيل تمام سلام، قبل أن يذهب إلى مجلس النواب.

المساهمون