لبنان: "المستقبل" يلعب ورقة العرّاب في انتخابات المجلس الشرعي

10 مايو 2015
يقف "تيار المستقبل" خلف دريان لأهداف سياسية (العربي الجديد)
+ الخط -

تعود دار الفتوى في لبنان إلى الواجهة من خلال استحقاق داخلي جديد يتمثل في انتخابات المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، وانتخابات المجالس الإدارية لدوائر الأوقاف في المناطق اللبنانية، اليوم الأحد. ويحاول مفتي الجمهورية الجديد، الشيخ عبداللطيف دريان، طرح نفسه كقائد روحي توافقي للطائفة السنية في لبنان، من خلال تبنّي لوائح توافقية تجمع عدداً من الجمعيات والأحزاب الإسلامية تحت عباءته.

يقف "تيار المستقبل" خلف المفتي الجديد في هذا المسعى لأهداف سياسية مرتبطة بمحاولته استعادة السيطرة على شارعه من جهة، ولالتزامه كتيار يمثّل "الإسلام المعتدل" (كما يقول رئيسه، النائب ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري) في معركة "محاربة التطرف" التي تقودها دول عربية على رأسها السعودية ومصر من جهة ثانية. وقد أدى البلدان (السعودية ومصر) دور الوسيط في إتمام انتخاب المفتي دريان وإغلاق الملفات الخلافية التي نشبت بين المفتي السابق، محمد رشيد قباني، و"المستقبل"، والتي أنتجت في إحدى الفترات انقساماً شاملاً في مؤسسات دار الفتوى.

وفي إطار العمل على بناء لوائح توافقية في المناطق، استقبل المفتي دريان ممثلين عن الشخصيات والهيئات والأحزاب الإسلامية السنيّة في لبنان طوال الأشهر الماضية، ونقل عدد من زواره لـ"العربي الجديد" أنّ "دريان أكد استكمال العمل في إطار توافقي داخل مؤسسات دار الفتوى، وتعهّد بقبول "المستقبل" عددا من الأسماء ذات التوجه السلفي أو الإخواني والتي تثير حساسية حلفاء تيار المستقبل، السعوديين والمصريين". كما تواصل دريان مع مفتي المناطق اللبنانية، واضعاً اختيار الأسماء في تلك المناطق للتوافق بين المفتين والقوى السياسية والعائلية المحلية.

ففي محافظة البقاع شرقي لبنان، على سبيل المثال، كلّف دريان المفتي خليل الميس بالعمل على اختيار أسماء توافقية شارك في وضعها الوزير السابق، عبدالرحيم مراد، (الحليف للنظام السوري ولحزب الله). وفي بيروت، عمل دريان على جمع ممثلي الجمعيات والأحزاب السنية كـ"الجماعة الإسلامية" (الجناح اللبناني للإخوان المسلمين)، "الإرشاد والإصلاح"، "الفتوة" وغيرها، لطرح أسماء ممثليها في المجلس الشرعي. 

توافق غير شامل

لكن عجلة التوافق تعطّلت في شمال لبنان، إذ "طرح دريان لائحة أكد أنّها توافقية بين رئيس الحكومة السابق، نجيب ميقاتي، والوزير السابق، فيصل كرامي، نجل الراحل عمر كرامي، وتيار المستقبل المتمثل بالوزير سمير الجسر، والوزير السابق محمد الصفدي"، بحسب ما أفاد مصدر سياسي من مدينة طرابلس لـ"العربي الجديد". ويؤكد المصدر أنّ "إعلان الوزير كرامي عدم تمثيل المرشح فواز حلّاب له، إضافة إلى طلب تيار المستقبل استبدال شخصيات من مدينة طرابلس بأسماء من قضاء الضنية المجاور، عطّلا التوافق". ويصف المصدر الطرابلسي "إجراء انتخابات ديمقراطية بالأمر الطبيعي في هذه الحالة". وتسجل عدة أطراف شاركت في المفاوضات مع "المستقبل" تحفظات على دور وأداء رئيس كتلة المستقبل النيابية، النائب فؤاد السنيورة، وتصفه "بالحاكم بأمره في مؤسسات دار الفتوى". وتعكس هذه الأجواء صورة المعركة في المدن والبلدات البعيدة عن العاصمة بيروت والتي تتخذ شكلاً تنافسياً حاداً تشارك فيه العائلات المؤثرة والشخصيات النافذة.

اقرأ أيضاً: مفتي "الوسطية" يعود لـ"المستقبل"

وفي هذا السياق، يندرج اعتراض فريق المفتي السابق، محمد رشيد قباني، الذي قدّمه إلى مجلس شورى الدولة "بدعوى إزالة مجالس أوقاف إدارية بأكملها من الهيئة الناخبة، بحجة أن المفتي قباني عيّنها بشكل مخالف للقانون"، بحسب ما يشير نائب رئيس المجلس الشرعي الذي انتخب في الأشهر الأخيرة من عهد قباني، المهندس ماهر الصقال، الذي أشار لـ"العربي الجديد" إلى "انتظار قرار شورى الدولة المتوقع صدوره قبل يوم واحد من الانتخابات".

قرارات إدارية

وقد استكمل دريان الإجراءات الإدارية الخاصة بالانتخابات، معيّناً رؤساء اللجان الانتخابية في بيروت والمناطق. ويشير مدير عام دائرة الأوقاف، الشيخ هشام خليفة، لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "أكثر من مائتي مرشح تقدموا لانتخابات المجلس الشرعي، ومثلهم حوالى 200 تقدموا بترشيحاتهم لمقاعد المجالس الإدارية للأوقاف". وينص النظام الداخلي لدار الفتوى على انطلاق العملية الانتخابية عند التاسعة من صباح الأحد بعد تأمين ثلثيْ نصاب الهيئة الناخبة المؤلفة من المفتين وقضاة الشرع ورؤساء الحكومات والوزراء والنواب السنة العاملين والسابقين. وفي حال لم يتأمن النصاب ينتظر رئيس اللجنة لمدة ساعة، ثم تبدأ الانتخابات بحضور نصف أعضاء الهيئة الناخبة.

يحاول "تيار المستقبل" تطويع ثقله السياسي في دار الفتوى، لكن كثرة الشخصيات والهيئات التي تدّعي حق التمثيل في مؤسسات الدار، إضافة إلى حسابات مسؤولي تيار المستقبل في تعيين المقربين منهم، تخلقان واقعاً سياسياً معقّداً في المؤسسة الدينية السنية الأولى في لبنان، بحيث يكاد تطغى المحسوبيات على الكفاءات. ويخشى مراقبون من ضياع الوعود الإصلاحية التي طرحها المفتي دريان عند انتخابه بين عجلات ماكينة المستقبل الانتخابية في الدار.

اقرأ أيضاً مفتي لبنان: انتخاب رئيس أو الخراب

المساهمون