نظراً لكلفته والظروف الاقتصادية... لباس "الزبون" الليبي يواجه الانقراض

30 مايو 2018
ارتفاع سعر "الزبون" أدى لانخفاض مبيعاته (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
تراجع عدد المحال التجارية المتخصصة في بيع زي "الزبون" الذي يعدّ من أشهر الأزياء الشعبية الليبية الرجالية، بعدما اعتادت الزحمة في ليالي رمضان، خلال السنوات الماضية، تحضيراً لارتدائه أول أيام عيد الفطر.

"الزبون" المكون من 4 قطع مكونةً لوحة فنية متكاملة تحافظ على تواصل الحاضر بالماضي، أصبح يقتصر ارتداؤه على الأعياد أو المناسبات الاجتماعية، وبدأت تتراجع شعبيته لصالح الأزياء الأخرى.

ويتكون "الزبون" أو "كاط ملف"، كما كان يسمى قديماً من "السؤال" و"الفرملة" و"الزبون" الذي يُرتدى على الفرملة وتلبس فوقهما "البدعة"، ويضاف لباس "الجرد" إليه لكبار السن.

علا بوظهير، صاحب محل لبيع اللباس التقليدي في طرابلس، أرجع عدم الإقبال على شراء اللباس الشعبي إلى غلاء أسعاره، وأوضح أن "تكاليف صنع هذا الزي تصل إلى 5 آلاف دينار (نحو 3678 دولاراً أميركياً)، أي ما يعادل 7 أضعاف المرتب الشهري للأسرة الليبية".


وأكد بوظهير أن كثيراً من المحال فضلت الاشتغال بالأزياء الشبابية المعاصرة متوسطة الثمن، وتابع "يمر على محلي أسبوعان أو أكثر ولا يدخل عليّ مشتر، وفي ظل الظروف المادية الحالية فإنني أعذر رب الأسرة أو من يرغب في اقتناء هذا الملبوس الشعبي".

لكن الحاج محمد بن رابعة، عميد حرفيي طرازي "الزبون" كما يطلق عليه في "سوق الرباع" في طرابلس، أشار إلى سبب آخر هو قلة المشتغلين في حياكة هذا اللباس، وقال "مردودها المادي لم يعد مجزياً، وبالتالي هناك عزوف عن تعلم صنعة طرز وحياكة الزبون"، مضيفاً أن دخول الآلة على حرفة الحياكة سبب آخر جعل من الإقبال على تعلم الحياكة اليدوية ضئيلاً أو منعدماً.

وإن اعترف بن رابعة أن "الزبون" المطرز باليد لا يزال يحظى باحترام الناس، إلا ان ما تتيحه الآلة من أشغال وزخارف جعلت من المشتري يقبل على منتجاتها، لكنه أكد ان محال هذا اللباس في "سوق الرباع" المخصص للألبسة الرجالية والنسائية الشعبية، تكاد تختفي.

وألقى بن رابعة اللوم على سلطات البلاد الغارقة في خلافاتها، ولم تلق بالًا لأهمية الحفاظ على الهوية الثقافية للبلاد، وقال "كانت هناك مدارس متخصصة في الحرف اليدوية تدرس أيضاً مهنة تطريز وخياطة الزبون. أين هي الآن؟ ولماذا أقفلت؟".

وتحدث عن فلسفة أشكال المنحوتات المطرزة التي يحملها "الزبون"، قائلاً "يظهر زخم وطننا بالأغصان والأشجار والخضرة، كما إنها تشير إلى طرقات البلاد ومساراتها التي تصب في بعضها البعض". ولفت بن رابعة إلى أن لـ"الزبون" رسالة اجتماعية فهو يوحد ما بين كل الطبقات الاجتماعية.

وتابع "الآن نحن نقاوم انقراضه بابتداع لوحات وخطوط ورسومات قد تتماشى مع هذا العصر، لكنها مفرغة من أي معنى فني أو تاريخي. كما أضفنا ألواناً لم تكن موجودة قد تغري الشباب".

وأشاد في معرض حديثه بنجاح حملة ناشطون ليبيون لتنظيم يوم ليبي للزي الشعبي في مارس/آذار من كل عام، مؤكداً أنه وزملاء له يعلنون عن تخفيضات في الأسعار تشجيعاً للناس على الشراء للاحتفال بهذا اليوم.​


المساهمون