لا قاع للهوان

01 أكتوبر 2016
صافح عباس نتنياهو في جناة بيريز (عاموس بن غرشوم/Getty)
+ الخط -
في الوقت الذي رفع فيه ناشطو وأعضاء حزب التجمع الوطني الفلسطيني في الداخل شعار لا نهاب لا نهون لا نلين، وفيما أصر رئيس القائمة المشتركة النائب أيمن عودة على "حقنا" في عدم المشاركة في البكائية على شمعون بيريز، وعدم الانخراط في لعبة تصويره حمامة سلام، يصرّ الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الذي يفترض فيه أن يمثل كل الفلسطينيين، أن يضرب مثالاً في الهوان. هوان لا قاع له تمثل بطلب إذن من حكومة الاحتلال، ومن منسق أنشطتها الجنرال يوآب مردخاي، بالمشاركة في جنازة بيريز أمس الجمعة.
لن نخوض في جرائم بيريز، أو مسؤوليته عن جرائم الاحتلال، منذ كان عضواً في مقر قيادة الهاجاناه الى جانب ديفيد بن غوريون، ولا في تدبيره للعدوان الثلاثي على مصر، ولا في معارضته على مدار عشر سنوات (بين دخوله الكنيست عام 59 ولغاية عام 69) رفع الحكم العسكري عن الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني. ولن نكرر الحديث عن دوره في حرب لبنان (عندما تطوع وإسحق رابين لإسداء النصائح لأرئيل شارون). سنقفز مرة واحدة عن كل هذه السنوات إلى اتفاقية أوسلو، وكيف كان بيريز، الذي وصفه أبو مازن بأنه شريك الرئيس ياسر عرفات (في صنع سلام الشجعان)، قد استغل الاتفاقية لتعزيز الاستيطان بموازاة المفاوضات، وفي سرعة تخليه بعد مقتل رابين عن تطبيق الانسحاب من الخليل، وحماية مستوطني الخليل من ترحيلهم بعد مذبحة الحرم الإبراهيمي.
وإذا كان هذا غير كاف فلا بأس بأن نذكر الرئيس عباس، خليفة الشهيد الرمز ياسر عرفات، أن بيريز أنهى حياته الحزبية والسياسية شريكاً لشارون في حزب كديما، ووزيراً في حكومته، أما في عهد نتنياهو، فقد سُعد بيريز في أن يكون هو ولا أحد غيره، سفير النوايا الحسنة لحكومات نتنياهو منافحا عنها وعن سياسات الاحتلال والقتل والتشريد.
كيف يستطيع الرئيس عباس، بعد كل هذا، أن يصف بيريز بأنه رجل السلام، كيف له أن يشارك في جنازته بهذا الهوان الذي لا قاع له، ورئيس "دولة" يطلب إذناً من حاكم عسكري"، هل من هوان أكثر من هذا؟
لا نعرف هواناً وتنكراً لدماء الشهداء ومصير شعب بأكمله أكثر من هذا الهوان. نرجو فقط ألا يوجه الرئيس عباس تحية إجلال لشهداء هبة القدس والأقصى، الذين أردتهم نيران حكومة إيهود باراك وشلومو بن عامي وبيريز، نعم بيريز الذي يصر الرئيس عباس على أنه رجل سلام فيما يصر الإسرائيليون على أنه رجل الأمن والاستيطان.

المساهمون