"نامت إلى جانبي بعدما بكت طويلاً. وضعت القليل من زيت الزيتون على معدتها. لم تعد تنفعها المسكّنات، وقد قصف مستشفى الأطفال بينما طبيبها عالقٌ في الريف. استيقظت مبتسمة، وصارت تضع يديها الصغيرتين على خدي، وتطلب الحليب على طريقتها. توجّهتُ إلى المطبخ وغليت المياه مع السكر. ملأت زجاجة الإرضاع وأعطيتها إياها. صارت تبكي وصرت أبكي معها". هذا ما تقوله صفاء عن حال طفلتها حلا (14 شهراً)، وقد باتت عاجزة عن تأمين الحليب لها بسبب الحصار المفروض على 350 ألف مدني في الأحياء الشرقية لحلب. تضيف "أصعب موقف قد تمر به أم أو أب هو العجز عن إطعام الأطفال".
حصار الأحياء الشرقية في مدينة حلب بدأ فعلياً منذ 11 الشهر الجاري، بعد سيطرة قوات النظام على طريق الكاستيلو، آخر الطرقات التي كانت تصلها بالأرياف المحيطة بها. يترافق الحصار مع قصف جوّي مستمرّ تشنّه طائرات حربية تابعة للنظام السوري وروسيا، مستهدفة ما تبقى من المنشآت الحيوية فيها، كالمستشفيات والنقاط الطبية والمستودعات الإغاثية، في وقت يقلّ مخزون الأغذية في المدينة.
وبخلاف العديد من المناطق المحاصرة في سورية، تقف حلب على شفا كارثة إنسانية في حال استمرار الحصار. ويتوقّع ناشطون ألا تصمد المدينة لمدة طويلة بسبب عدم وجود أراضٍ زراعية، على غرار العديد من المناطق المحاصرة الأخرى في البلاد.
بعد إطباق النظام حصاره، دمّر الطيران الحربي ست نقاط طبية محلية كان يعتمد عليها الناس للعلاج، وهي مستشفيات البيان والدقاق الجراحي والحكيم والسيدة الزهراء وبنك الدم المركزي والطبابة الشرعية. في هذا الإطار، يقول خلدون، وهو مسعف يعمل في حلب: "الحالات التي تصل إلى المستشفيات صعبة. والمستشف ليست قادرا على مساعدتهم. حتى الشهر الماضي، كنا نحوّل العديد منها إلى نقاط طبية في ريف حلب، خصوصاً أن عدد من الأطباء المتخصصين يتنقلون بين المدينة والريف لتلبية الاحتياجات. اليوم، خسرنا المستشفيات وأغلقت الطريق، ويستمرّ سقوط الجرحى الذين لا يجدون إلّا منازل أقاربهم وجيرانهم ليبيتوا فيها". يضيف أن أمل المصابين بالعلاج والشفاء بات ضعيفاً جداً.
يتابع خلدون: "استُدعيت لإسعاف مصاب في الحي المجاور. حملت حقيبة الإسعافات التي أحتفظ بها في بيتي، وركضت نصف المسافة لأنني لم أجد سيارة تقلني بسبب انقطاع الوقود. كان المصاب ممدداً في قبو أحد المباني. لم يكن هناك ضوء. اضطررت إلى حمله إلى الخارج. وأثناء علاجه، أخبرني ذووه أن ممرضاً نقل إليه دماً من دون إجراء الفحوصات لأنه كان ينزف بشدة، وقد دمر بنك الدم. لحسن الحظ أن خطأً لم يحدث، وإلا لكان فقد حياته على الفور". يضيف أن "الوضع الطبي مأساوي، والحاجة تفوق قدرتنا على المساعدة. لا دواء ولا تجهيزات ولا حتى أسرة للمرضى. حتى طريق الريف لم يعد متاحاً، وما تبقى من نقاط طبية تستعين بمتطوعين ليس لديهم خبرة طبية.
اقــرأ أيضاً
من جهتها، تقول مديريّة صحة حلب الحرة إن الكادر الطبي المتبقّي في المدينة بات عاجزاً تماماً، لافتة إلى أن الكثير من الإصابات بات مصيرها الموت بسبب العجز الطبي، داعية الدول والمنظّمات الدولية إلى تدارك ما وصفته بالكارثة الإنسانية التي يواجهها 350 ألف مدني، وإيقاف الإبادة الجماعية.
تزامناً مع إلقاء البراميل المتفجّرة والصواريخ على المدنيّين، ألقت طائرات حربية تابعة للنظام مساعدات إنسانية (كما ادّعت) في الأحياء الشرقية لحلب. ويقول عمار صهيب من حلب: "ألقوا أكياساً بواسطة مظلات صغيرة تحتوي على بسكويت وحفاضات للأطفال. إلا أن بعض الجهات الطبية حذّرت من أن تكون مسمومة. معظم الناس لا يثقون إطلاقاً بما يأتي من النظام الذي يقتلهم كل يوم". يضيف: "لم تدخل مساعدات غذائية أو طبية إلى المدينة منذ إغلاق طريق الكاستيلو. على الرغم من أن الحصار كان متوقّعاً، إلا أن المساعدات الإغاثية والسلع التجارية نفدت بسرعة كبيرة، بالإضافة إلى توقف الجمعيات عن توزيع المساعدات. ومع قصف أحد المستودعات الإغاثية، اكتشف الأهالي أن الكثير من المساعدات كانت مخزنة على الرغم من أن الناس في أمس الحاجة إليها. للأسف، هناك من يستغلّ حاجات الناس وحالة الحصار لمنفعته الشخصيّة".
من جهته، يقول محمد، وهو أب لثلاثة أطفال في حلب: "نفد الحليب الذي كنت قد خزّنته لطفلي (6 أشهر). بعدها، تعرّض لوعكة صحية وارتفعت حرارته. قضيت يوماً كاملاً وأنا أبحث في المحال التجارية عن حليب. في النهاية، حصلت على 100 غرام". يضيف أن الكثير من المواد ما زالت موجودة في المخازن، ويسيطر عليها تجار الأزمات.
تجدر الإشارة إلى أن الطيران الحربي السوري ألقى منشورات على الأحياء المحاصرة في حلب، دعا فيها أهالي المدينة للخروج من خلال معابر محددة إلى مناطق سيطرة النظام. إلا أن ناشطين يعيشون في مدينة حلب نفوا لـ "العربي الجديد" فتح أي معابر. ويقول رضا الأحمد إن المعابر الإنسانية كذبة، وهي دعاية أطلقها النظام السوري، ورسالة لأهالي حلب بأن الآتي أسوأ.
اقــرأ أيضاً
حصار الأحياء الشرقية في مدينة حلب بدأ فعلياً منذ 11 الشهر الجاري، بعد سيطرة قوات النظام على طريق الكاستيلو، آخر الطرقات التي كانت تصلها بالأرياف المحيطة بها. يترافق الحصار مع قصف جوّي مستمرّ تشنّه طائرات حربية تابعة للنظام السوري وروسيا، مستهدفة ما تبقى من المنشآت الحيوية فيها، كالمستشفيات والنقاط الطبية والمستودعات الإغاثية، في وقت يقلّ مخزون الأغذية في المدينة.
وبخلاف العديد من المناطق المحاصرة في سورية، تقف حلب على شفا كارثة إنسانية في حال استمرار الحصار. ويتوقّع ناشطون ألا تصمد المدينة لمدة طويلة بسبب عدم وجود أراضٍ زراعية، على غرار العديد من المناطق المحاصرة الأخرى في البلاد.
بعد إطباق النظام حصاره، دمّر الطيران الحربي ست نقاط طبية محلية كان يعتمد عليها الناس للعلاج، وهي مستشفيات البيان والدقاق الجراحي والحكيم والسيدة الزهراء وبنك الدم المركزي والطبابة الشرعية. في هذا الإطار، يقول خلدون، وهو مسعف يعمل في حلب: "الحالات التي تصل إلى المستشفيات صعبة. والمستشف ليست قادرا على مساعدتهم. حتى الشهر الماضي، كنا نحوّل العديد منها إلى نقاط طبية في ريف حلب، خصوصاً أن عدد من الأطباء المتخصصين يتنقلون بين المدينة والريف لتلبية الاحتياجات. اليوم، خسرنا المستشفيات وأغلقت الطريق، ويستمرّ سقوط الجرحى الذين لا يجدون إلّا منازل أقاربهم وجيرانهم ليبيتوا فيها". يضيف أن أمل المصابين بالعلاج والشفاء بات ضعيفاً جداً.
يتابع خلدون: "استُدعيت لإسعاف مصاب في الحي المجاور. حملت حقيبة الإسعافات التي أحتفظ بها في بيتي، وركضت نصف المسافة لأنني لم أجد سيارة تقلني بسبب انقطاع الوقود. كان المصاب ممدداً في قبو أحد المباني. لم يكن هناك ضوء. اضطررت إلى حمله إلى الخارج. وأثناء علاجه، أخبرني ذووه أن ممرضاً نقل إليه دماً من دون إجراء الفحوصات لأنه كان ينزف بشدة، وقد دمر بنك الدم. لحسن الحظ أن خطأً لم يحدث، وإلا لكان فقد حياته على الفور". يضيف أن "الوضع الطبي مأساوي، والحاجة تفوق قدرتنا على المساعدة. لا دواء ولا تجهيزات ولا حتى أسرة للمرضى. حتى طريق الريف لم يعد متاحاً، وما تبقى من نقاط طبية تستعين بمتطوعين ليس لديهم خبرة طبية.
من جهتها، تقول مديريّة صحة حلب الحرة إن الكادر الطبي المتبقّي في المدينة بات عاجزاً تماماً، لافتة إلى أن الكثير من الإصابات بات مصيرها الموت بسبب العجز الطبي، داعية الدول والمنظّمات الدولية إلى تدارك ما وصفته بالكارثة الإنسانية التي يواجهها 350 ألف مدني، وإيقاف الإبادة الجماعية.
تزامناً مع إلقاء البراميل المتفجّرة والصواريخ على المدنيّين، ألقت طائرات حربية تابعة للنظام مساعدات إنسانية (كما ادّعت) في الأحياء الشرقية لحلب. ويقول عمار صهيب من حلب: "ألقوا أكياساً بواسطة مظلات صغيرة تحتوي على بسكويت وحفاضات للأطفال. إلا أن بعض الجهات الطبية حذّرت من أن تكون مسمومة. معظم الناس لا يثقون إطلاقاً بما يأتي من النظام الذي يقتلهم كل يوم". يضيف: "لم تدخل مساعدات غذائية أو طبية إلى المدينة منذ إغلاق طريق الكاستيلو. على الرغم من أن الحصار كان متوقّعاً، إلا أن المساعدات الإغاثية والسلع التجارية نفدت بسرعة كبيرة، بالإضافة إلى توقف الجمعيات عن توزيع المساعدات. ومع قصف أحد المستودعات الإغاثية، اكتشف الأهالي أن الكثير من المساعدات كانت مخزنة على الرغم من أن الناس في أمس الحاجة إليها. للأسف، هناك من يستغلّ حاجات الناس وحالة الحصار لمنفعته الشخصيّة".
من جهته، يقول محمد، وهو أب لثلاثة أطفال في حلب: "نفد الحليب الذي كنت قد خزّنته لطفلي (6 أشهر). بعدها، تعرّض لوعكة صحية وارتفعت حرارته. قضيت يوماً كاملاً وأنا أبحث في المحال التجارية عن حليب. في النهاية، حصلت على 100 غرام". يضيف أن الكثير من المواد ما زالت موجودة في المخازن، ويسيطر عليها تجار الأزمات.
تجدر الإشارة إلى أن الطيران الحربي السوري ألقى منشورات على الأحياء المحاصرة في حلب، دعا فيها أهالي المدينة للخروج من خلال معابر محددة إلى مناطق سيطرة النظام. إلا أن ناشطين يعيشون في مدينة حلب نفوا لـ "العربي الجديد" فتح أي معابر. ويقول رضا الأحمد إن المعابر الإنسانية كذبة، وهي دعاية أطلقها النظام السوري، ورسالة لأهالي حلب بأن الآتي أسوأ.