بدأت مرحلة جديدة من الوساطات لتقريب وجهات النظر بين بغداد وأربيل، لحلحلة الأزمة بينهما، على إثر استفتاء انفصال إقليم كردستان. وفي حين كشفت تسريبات أنّ الجانب الكردي لم يضع أي خطوط حمراء على الحوار، وحتى على قرار إلغاء نتائج الاستفتاء، تمارس أحزاب المعارضة الكردية ضغوطاً على حكومة الإقليم، لإلغاء النتائج كخطوة لبناء الثقة مع حكومة بغداد.
وقال مسؤول كردي رفيع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "جولة جديدة من الوساطات بين بغداد وأربيل بدأت، وتقودها عدة أطراف، أهمها الولايات المتحدة الأميركية، والأمم المتحدة"، مبينا أنّ "الوسطاء يعملون على تقريب وجهات النظر بين بغداد وأربيل، ومحاولة فتح باب الحوار بينهما".
وأوضح أنّ "اللقاءات الأولية بين الوسطاء وبين القيادات الكردية أكدت تمسّك رئيس الحكومة، حيدر العبادي، بشرط عدم القبول بنتائج الاستفتاء، وأنّه لن يتراجع عنه"، مبينا أنّ "هذا الشرط طرح من قبل الوسطاء على حكومة أربيل، وتمت ممارسة ضغوط عليها للقبول به".
وأكد المسؤول الكردي أنّ "حكومة الإقليم لا تريد أن تتبنى هذا الموقف، وتفضّل أن يكون قرارا صادرا عن سلطة قضائيا أو تشريعية"، مشيرا إلى أنّ "قبول حكومة كردستان وإعلانها احترام قرار المحكمة الاتحادية بشأن التمسك بوحدة العراق، يأتي تمهيدا لأي قرار قد تتخذه المحكمة بشأن الاستفتاء ونتائجه".
وأشار إلى أنّ "الوساطات مستمرة للتقريب بين الطرفين، وهناك نتائج إيجابية قد تكتمل في غضون الأيام القليلة المقبلة"، مؤكدا أنّ "الضغوط التي يمارسها الوسطاء حالياً، هي على حكومة كردستان فقط، لا على بغداد، إذ إنهم (الوسطاء) يعتبرون أنّ من يقف حائلا أمام الحوار هي حكومة الإقليم التي تتمسك بنتائج الاستفتاء حتى الآن ولم تعلن إلغاءها".
ويضاف إلى هذه الضغوط التي يمارسها الوسطاء على حكومة كردستان، ضغوط داخلية كردية، تدفع باتجاه إلغاء نتائج الاستفتاء.
وأكد المسؤول ذاته أنّ "أحزاب المعارضة الكردية، ومنها كتلة التغيير، تمارس ضغوطا هي الأخرى على حكومة كردستان، بشأن إلغاء الاستفتاء ونتائجه".
وأشار إلى أنّ "الكتل المعارضة تسعى لبدء الحوار مع بغداد في كل الأحوال، وهي أيضا لا تريد نتائج الاستفتاء، إذ لم تشارك فيه بالأساس، لذا فهي تعمل على إلغاء نتائجه بالضغط على حكومة الإقليم".
وذكر المتحدث ذاته أنّ "هذه الضغوط التي تمارس على حكومة أربيل أثرت بشكل واضح عليها، الأمر الذي قد يطرح حلولا قريبة وتجاوزا لأي خطوط حمر، كان الإقليم يضعها في وجه الحوار".
ويبدو أنّ هناك تغيرا واضحا في مواقف حكومة كردستان إزاء إلغاء نتائج الاستفتاء، إذ لم يعد الأمر اليوم خطا أحمر، لأجل فتح باب الحوار مع بغداد وتفكيك الأزمة العالقة، خصوصا أنّ "الشعب الكردي بأمسّ الحاجة إلى رفع العقوبات التي فرضتها بغداد على أربيل، والتي أثرت بشكل مباشر على المواطنين، وأنّ التأخير في رفعها ينعكس سلبا على اقتصاد كردستان".
من جهته، أبدى النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني، فرهاد قادر، تفاؤلا بالتوصل إلى حل لتفكيك الأزمة، وقال لـ"العربي الجديد"، "إنّ الوساطات مستمرة بين بغداد وأربيل لبدء حوار جدي، خاصة بعد الموقف الأخير لحكومة الإقليم بخصوص احترام تفسير المحكمة الاتحادية بشأن وحدة العراق".
وأشار إلى أن "الأزمة تتجه إلى الحل، خاصة بعد أن أكدت الحكومتان أنهما ستبحثان الملف تحت سقف الدستور العراقي".
من جهته، أكد النائب الكردي محمد عثمان أنّ "الأزمة بين بغداد وأربيل يجب أن تصل إلى حل، ونحتاج إلى توحيد الآراء والأفكار، وننتظر أن تصل الحلول إلى المرحلة العملية. ونحن كأكراد مع التفاوض والتكاتف، لأن العراق يحتاج إلى ذلك".
وشدد عثمان، في حديثه مع "العربي الجديد"، "نحن نؤمن بالحوار وضرورته، فلا حلول خارج إطار الحوار، وأي أزمة في أي دولة في العالم لا يمكن أن تحل من دون الحوار".
ويؤكد مراقبون أنّ أربيل فقدت الثقة ببغداد، وهي مترددة بين القبول بشرط إلغاء النتائج من عدمه، خوفا من عدم وجود نية لدى بغداد لحل الأزمات بين الطرفين.
وفي السياق، رأى الخبير السياسي، هيثم الحامدي، أنّ "أربيل تسعى اليوم للحصول على ضمانات وتعهدات من الوسطاء بأن يتم حل الأزمات مع بغداد في حال ألغت نتائج الاستفتاء".
وأكد الحامدي، لـ"العربي الجديد"، أنّه "في حال حصلت أربيل على تلك الضمانات والتعهدات، فإنها ستلغي النتائج وتدخل في الحوار بدون تردد".