"ليست لديّ كلمات أصف بها ما رأيت وما عشته في السجن. ليس هناك تعذيب جسدي لكن لا حياة هناك"، هكذا يبدأ محب الله الحديث مع "العربي الجديد" حول الأشهر الستة التي عاشها في سجن باغرام، وهو أحد سجون كابول، عاصمة أفغانستان.
يقول إنّ تلك الأشهر في السجن ولّدت في جسده آلاماً حادة وأمراضاً في العمود الفقري وفي الكبد بعد تلقى العلاج من مرض السلّ، مشيراً إلى أنّ التعامل معهم هناك كالتعامل مع الحيوانات، إذ يعيش أكثر من 60 شخصاً في صالة واحدة، وللجميع حمام واحد، وهو داخل الصالة من دون أن يكون له جدران أو أي نوع من الستر.
محبّ الله ليس الوحيد الذي يتحدث عن سوء أحوال السجناء داخل السجون الأفغانية، بل كثيرون خرجوا منها على غير ما دخلوا إليها من صحة وحالة نفسية. يقول محمد قريب الله، إنّ ابن عمه دخل إلى سجن بوليشرخي في العاصمة كابول، أحد أكبر سجون البلاد، وهو شاب يافع، بتهمة الانتماء إلى حركة طالبان والتعاون مع المسلحين وإيوائهم، ومكث ثلاث سنوات في ذلك السجن. يضيف أنّه خرج بعد ثلاث سنوات وهو محني الظهر، مصاب بأمراض كثيرة. ومنذ خروجه من السجن يمرّ على الأطباء لكنّ علاجه تعذر في أفغانستان فذهب إلى باكستان. الأمراض النفسية تثقل كاهله بالإضافة إلى الأمراض الجسدية فهو لا ينام كما يجب في أبسط مثال.
ليس السجناء وحدهم الذين يتحدثون عن الوضع الكارثي داخل السجون، بل حتى المؤسسات المعنية بحقوقهم. تؤكد مؤسسة الشفافية الأفغانية في بيانها الأخير، أنّ السجناء في أفغانستان في أسوأ حال. تتابع أنّ وضع السجناء في أفغانستان لا إنساني، والمؤسسة وجدت بعدما فحصت وضعهم في السجون الرئيسية، أنّ التعامل معهم ليس تعاملاً مع بشر، فهم محرومون من أبسط احتياجات الحياة كالماء الصافي للشرب، كذلك هم محرومون من الطعام الكافي لهم. أما الرعاية الصحية فهي مفقودة تماماً.
في هذا الإطار، يشير السجين السابق معز الدين، من إقليم غزنة، إلى أنّ الدواء والعلاج والطبيب غير موجودة في قاموس السجن. يروي الرجل الذي عاش ست سنوات في سجن بوليشرخي بعدما اتهمته أسرة ذات نفوذ أنّه يتعاون مع طالبان وأنّه قتل أحد أفرادها، بعض مواصفات السجن. يقول: "عندما كنا نمرض لم يكن أمامنا من خيار إلّا أن نطلب الدواء من الخارج، ولأجل ذلك كان من المفترض أن ندفع المال للسجانين والحراس وكلّ من يعمل داخل السجن".
اقــرأ أيضاً
في هذا الصدد، يقول رئيس مؤسسة الشفافية محمد أكرم أفضلي، إنّ المؤسسة وجدت خلال البحث ما لا يمكن تصوره داخل السجون الأفغانية، مضيفاً أنّ الوضع في تلك السجون إذا لم يعالج سيتحول إلى كارثة إنسانية، لا سيما في ظل الطقس البارد ونزول الثلوج في بعض مناطق الشمال والجنوب.
يضيف أفضلي أنّه على الرغم مما أنفق من أموال ضخمة خلال العقد الماضي من قبل الحكومة والمجتمع الدولي لتحسين حالة السجون الأفغانية، خصوصاً في المناطق النائية، إلا أنّ الوضع ما زال كما هو، بل أسوأ بسبب الفساد، بالإضافة إلى عدم وجود رقابة حكومية على ما يجري داخل السجون.
من بين المشاكل اكتظاظ السجناء في الغرف الصغيرة. يشير أفضلي إلى أنّ المعضلة الرئيسية أنّ العدد في كلّ غرفة سجن هو ضعفا العدد الأساسي أو أكثر. كذلك، فإنّ سوء أحوال المباني يؤدي إلى خشية دائمة من انهيارها وسقوطها على السجناء والمعتقلين.
من جهته، يقول محمد وزير، أحد سكان مديرية خوجياني، إنّه عاش سنة كاملة في أحد سجون مدينة جلال آباد في قضية قتل، كما أمضى فترة في سجون كابول. يشير إلى أنّ الوضع داخل السجون أسوأ مما يجري الحديث حوله، مضيفاً: "ثمة مشاكل في كلّ ناحية من النواحي، سواء في الطعام والشراب والحمام أو في تعامل المسؤولين والحراس، والفساد في أخذ الرشاوى والأموال من السجناء للسماح بزيارة الأقارب والحصول على ما يحتاجون إليه، بالإضافة إلى مشكلة البرد وعدم توفر الملابس وغيرها". يطلب وزير (45 عاماً)، من الحكومة ومن المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية أن تعيد النظر في أحوال السجناء في جميع السجون الأفغانية من دون استثناء، وعلى رأس الحلول إنشاء مبانٍ إضافية يمكنها أن تستوعب العدد الكبير الذي تكتظ به الزنازين بما يتجاوز طاقتها الاستيعابية.
خطاب رسمي مضاد
يؤكد رئيس إدارة السجون الأفغانية، عبد الحليم كوهيستاني، أن لا مشكلة يواجهها السجناء، ويشير إلى أنّ التعامل معهم يجري وفق القانون ولا انتهاكات في حقهم. أما عن النقص في الطعام وفقدان الرعاية الصحية، فيقول إنّ الإدراة لم تتلق أيّ شكاوى بهذا الصدد، وكلّ شيء يصل إلى السجناء في حينه.
اقــرأ أيضاً
يقول إنّ تلك الأشهر في السجن ولّدت في جسده آلاماً حادة وأمراضاً في العمود الفقري وفي الكبد بعد تلقى العلاج من مرض السلّ، مشيراً إلى أنّ التعامل معهم هناك كالتعامل مع الحيوانات، إذ يعيش أكثر من 60 شخصاً في صالة واحدة، وللجميع حمام واحد، وهو داخل الصالة من دون أن يكون له جدران أو أي نوع من الستر.
محبّ الله ليس الوحيد الذي يتحدث عن سوء أحوال السجناء داخل السجون الأفغانية، بل كثيرون خرجوا منها على غير ما دخلوا إليها من صحة وحالة نفسية. يقول محمد قريب الله، إنّ ابن عمه دخل إلى سجن بوليشرخي في العاصمة كابول، أحد أكبر سجون البلاد، وهو شاب يافع، بتهمة الانتماء إلى حركة طالبان والتعاون مع المسلحين وإيوائهم، ومكث ثلاث سنوات في ذلك السجن. يضيف أنّه خرج بعد ثلاث سنوات وهو محني الظهر، مصاب بأمراض كثيرة. ومنذ خروجه من السجن يمرّ على الأطباء لكنّ علاجه تعذر في أفغانستان فذهب إلى باكستان. الأمراض النفسية تثقل كاهله بالإضافة إلى الأمراض الجسدية فهو لا ينام كما يجب في أبسط مثال.
ليس السجناء وحدهم الذين يتحدثون عن الوضع الكارثي داخل السجون، بل حتى المؤسسات المعنية بحقوقهم. تؤكد مؤسسة الشفافية الأفغانية في بيانها الأخير، أنّ السجناء في أفغانستان في أسوأ حال. تتابع أنّ وضع السجناء في أفغانستان لا إنساني، والمؤسسة وجدت بعدما فحصت وضعهم في السجون الرئيسية، أنّ التعامل معهم ليس تعاملاً مع بشر، فهم محرومون من أبسط احتياجات الحياة كالماء الصافي للشرب، كذلك هم محرومون من الطعام الكافي لهم. أما الرعاية الصحية فهي مفقودة تماماً.
في هذا الإطار، يشير السجين السابق معز الدين، من إقليم غزنة، إلى أنّ الدواء والعلاج والطبيب غير موجودة في قاموس السجن. يروي الرجل الذي عاش ست سنوات في سجن بوليشرخي بعدما اتهمته أسرة ذات نفوذ أنّه يتعاون مع طالبان وأنّه قتل أحد أفرادها، بعض مواصفات السجن. يقول: "عندما كنا نمرض لم يكن أمامنا من خيار إلّا أن نطلب الدواء من الخارج، ولأجل ذلك كان من المفترض أن ندفع المال للسجانين والحراس وكلّ من يعمل داخل السجن".
يضيف أفضلي أنّه على الرغم مما أنفق من أموال ضخمة خلال العقد الماضي من قبل الحكومة والمجتمع الدولي لتحسين حالة السجون الأفغانية، خصوصاً في المناطق النائية، إلا أنّ الوضع ما زال كما هو، بل أسوأ بسبب الفساد، بالإضافة إلى عدم وجود رقابة حكومية على ما يجري داخل السجون.
من بين المشاكل اكتظاظ السجناء في الغرف الصغيرة. يشير أفضلي إلى أنّ المعضلة الرئيسية أنّ العدد في كلّ غرفة سجن هو ضعفا العدد الأساسي أو أكثر. كذلك، فإنّ سوء أحوال المباني يؤدي إلى خشية دائمة من انهيارها وسقوطها على السجناء والمعتقلين.
من جهته، يقول محمد وزير، أحد سكان مديرية خوجياني، إنّه عاش سنة كاملة في أحد سجون مدينة جلال آباد في قضية قتل، كما أمضى فترة في سجون كابول. يشير إلى أنّ الوضع داخل السجون أسوأ مما يجري الحديث حوله، مضيفاً: "ثمة مشاكل في كلّ ناحية من النواحي، سواء في الطعام والشراب والحمام أو في تعامل المسؤولين والحراس، والفساد في أخذ الرشاوى والأموال من السجناء للسماح بزيارة الأقارب والحصول على ما يحتاجون إليه، بالإضافة إلى مشكلة البرد وعدم توفر الملابس وغيرها". يطلب وزير (45 عاماً)، من الحكومة ومن المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية أن تعيد النظر في أحوال السجناء في جميع السجون الأفغانية من دون استثناء، وعلى رأس الحلول إنشاء مبانٍ إضافية يمكنها أن تستوعب العدد الكبير الذي تكتظ به الزنازين بما يتجاوز طاقتها الاستيعابية.
خطاب رسمي مضاد
يؤكد رئيس إدارة السجون الأفغانية، عبد الحليم كوهيستاني، أن لا مشكلة يواجهها السجناء، ويشير إلى أنّ التعامل معهم يجري وفق القانون ولا انتهاكات في حقهم. أما عن النقص في الطعام وفقدان الرعاية الصحية، فيقول إنّ الإدراة لم تتلق أيّ شكاوى بهذا الصدد، وكلّ شيء يصل إلى السجناء في حينه.