لا تضغطوا على هذا الزرّ

18 يناير 2017
لا تنتظر من يختارها (جوزيف عيد/ فرانس برس)
+ الخط -
تصطفّ ثلاثون امرأة أمام ثلاثين طاولة على كل طاولة زرّ. أسماء النساء الأولى مكتوبة على أعلى الطاولات. تدور كاميرا التصوير عليهن بالتدريج، ليسألهن مقدّم البرنامج أسئلة تكاد تزيد من تسخيف المشهد وتشييئهن كنساء. يحدث ذلك كل يوم أحد في برنامج يعرض على إحدى الشاشات اللبنانية. لا يعرف من يشاهد البرنامج لأول مرّة المغزى من البرنامج حتى تصل الحلقة إلى منتصفها تقريباً. حينها، يصل شاب أو رجل ويقف أمام النساء الثلاثين. لكل امرأة "الحرية" بأن تضغط على الزرّ أمامها لتضيء شاشة طاولتها، في إشارة إلى أنها "مهتمة" بمواعدة هذا الرجل أو الشاب. يتكلّم الشاب عن نفسه وعن اهتماماته وحياته، وعلى النساء اللواتي اخترن هذا الشاب أن يعدن النظر أو أن يؤكدن اهتمامهن به. يبقى أن هذا الشاب في النهاية، هو من يقوم باختيار امرأة واحدة من بين النساء اللواتي ضغطن الزرّ حتى ولو كنّ عشرات النساء.

لن يستطيع من يشاهد هذا البرنامج إلا أن يشعر بالإهانة من الطريقة التي يتم فيها التعاطي مع النساء سواءٌ من مقدّم البرنامج، أو من المصوّر، أو من الرجال الذين يقفون أمام النساء. من أعدّ أو أعدّت البرنامج أيضاً شريك في الإساءة.

عدد النساء المشاركات الذي يفوق الثلاثين، ووقوفهن بهذا الشكل أمام طاولات مضيئة هو أول إهانة مباشرة لهؤلاء النساء بشكل خاص ولعموم النساء بشكل عام. يتفاقم الأمر حين يصلنا إيحاء بأنهن من لديهن القرار بـ "اختيار" الشاب، لكنهنّ في الواقع، من يقعن في فخ فانتازم ذكوري حيث يُصوّر لنا وكأن عدداً من النساء يتقاتلن على رجل واحد. ما يزيد الطين بلّة، هو أن الشاب يعرّف عن نفسه وعن شخصيته، فيما تبقى النساء صامتات، أو ضحوكات في أحسن الاحوال، أو يتلقين بشكل سلبي نكاتاً بإيحاءات جنسية. تبقى الإشارة إلى أن النساء المشاركات واللواتي أبدين إعجاباً أولياً بالرجل المشارك في إشارة إلى أنهن اتخذن خطوة تجاه الشاب، يبقين بانتظار أن يقوم الشاب بإطفاء الضوء عن كل من لا تعجبه ليختار واحدة فقط من بينهن.

حصل في سياق آخر أن أرادت إحدى الجمعيات أن تعرض أحد الفيديوهات الترويجية لحقوق النساء وحمايتهن من العنف الجنسي، وكان قرار الأمن العام سلبياً تجاه بعض اللقطات. لم يتم عرض الفيديو إلى أن تم تقليصه. هل هو نفسه الجهاز الذي يوافق على صدور مثل هذه البرامج وغيرها من الفيديوكليبات المهينة للنساء؟ هل هي حالة فصام أم أن الأمر ببساطة تكريس اجتماعي وثقافي مقبول لصورة النساء كسلعة جنسية سلبية؟

(ناشطة نسوية)

المساهمون