لا تستهينوا بالنضال الدبلوماسي الفلسطيني

05 مايو 2018
+ الخط -

سعت الحركة الصهيونية جاهدةً منذ قرون، بكل الوسائل المتاحة لديها، إلى شراء واستصدار صكوك وفرمانات مدونة من أيّ جهةٍ كانت، في سبيل تسهيل احتلالها أرض فلسطين. فيما يمكن أن يُطلق عليه استعماراً قانونياً شكل لها مدخلاً لتسهيل تطبيق السياسات الصهيونية المختلفة في الأراضي الفلسطينية.

لم يقتصر الأمر على فترة ما بعد نشأة الحركة الصهيونية بشكلها المعروف، أو ما بعد تدوين الفكر الصهيوني، وإنما كانت هناك محاولات في السياق ذاته قبل ثيودور هرتزل بمئات السنين، إذ إن اليهودي الأوروبي "يوسف ناسي" استطاع في العهد العثماني، تحديداً في فترة سليمان القانوني، أن يستصدر فرماناً من الباب العالي في عام 1516م ينص على تخصيص طبريا وسبع قرى حولها لليهود. بالإضافة إلى أن المليونير اليهودي روتشيلد استطاع أن يشتري وعداً من نابليون بونابرت لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، في مقابل تمويل الحملة الفرنسية على مصر (1798-1801م).


مثّل وعد بلفور البريطاني المشؤوم عام 1917م باكورة الوعود والقرارات التي استصدرتها الحركة الصهيونية، إذ إن الوعد حقق الحلم الصهيوني في إقامة وطن يهودي على أرض فلسطين.

الثابت تاريخياً أن الصهاينة حاولوا استغلال الأحداث وتوظيفها لمصلحتهم أمثل توظيف، وعليه فإن النضال الدبلوماسي الفلسطيني الذي تخوضه القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، الذي تمخض عنه اعتراف 139 دولة في العالم بدولة فلسطين، يمثل أداة مواجهة فلسطينية فريدة كونه يخترق الاستعمار القانوني الإسرائيلي ويترك الاحتلال في عزلة سياسية خانقة.

لا يعني ذلك أن تقتصر الاستراتيجية الوطنية الفلسطينية على المضمار الدبلوماسي. نحن بحاجة إلى قرارات تكون استراتيجية وجدية ومسؤولة ترتقي إلى مستوى التحديات المفروضة على الشعب الفلسطيني، سواء أكانت تتعلق بالمقاومة الشعبية أم غيرها، من شأنها أن تعزز مقومات الصمود، لمجابهة هذه السياسة الاستيطانية العنصرية وتحقيق الأهداف الوطنية المتمثلة بالعودة والتحرير.

إن تبني بديل كفاحي ضرورة وطنية حيوية لمواجهة أي مفاوضات أو محاورات أو صفقات "جانبية" قد تكون قائمة مستقبلاً حول القضية الفلسطينية.

طالما العطاء سيتبعه عطاء، والنفوس ما زالت عاشقة لكامل تراب الوطن.. فإن التحرر والانتصار سيكونان قاب قوسين أو أدنى من التحقق.