هيستيريا
كلُّ شيء بات عاجزاً
الحبُّ
الشهوة
وحتى الإشارات الضوئية،
لم تعدْ تتغيّر كل عشرين ثانية!
ساد اللون الأحمر
وانكفأت الألوان الأخرى في علب ألوان الأطفال.
***
ما لون البحر يا صغيرتي؟
تصرخ ابنة أخي ذات السنتين: أحمر.
ما لون السماء؟
أحمر!
***
لا تنظر إليَّ
لا تستعجلني.
أدمنتُ البلادة وإحصاء القتلى
ومع كرهي لحصة الرياضيات
بتُّ أجيد العدَّ حتى الثلاثين كل يوم
أحصيهم فيسقطون!
***
الخوف ستارة
تخفي عجزنا وراءها.
نحن القَتَلَة
الضحايا
المتفرجون....
متى يتوقف هذا الوقت النازف؟
***
لم يكن لديَّ ما أخسره
لكنني خسرت الكثير.
***
الشرفات المنهكة
الأيادي المتعرّقة
الملطخة بالدماء وغير الملطّخة
الأرامل والمطلقات
وذوات الحظّ التعس،
كل أولئك كانوا يبكون الخوف
والغد الموءود،
وإسوة بالنساء الصالحات
بتُّ أبكي
أخاف
وأندلق في بئر لا قرار له.
سأبلغ الأربعين
سأبلغ الأربعين
كثير منكم وصلها قبلي
كان أربعينكم هادئاً نسبياً،
لم تتعثّروا بالموت قبل كل صباح،
لم تقلقكم أخبار الانفجارات وصور المعتقلين
واللحى الطويلة.
كان أربعينكم يضجّ بنقاشات عقيمة عن الوحشة والمنفى
عن الاغتراب والسأم.
أما أربعيني فيضجّ بالدم العالق على أحذية أطفال
على الحيطان المهدّمة.
هو أربعيني
أربعون جثة يومياً
أربعون امرأة ثكلى
أربعمائة يتيم.
يحدث أنني أدخل الأربعين
بأربعين شرياناً مقطّعاً
وأربعين حلماً مثقوباً بالرصاص.
ازدحام
وكنّا نمشي ببطء
ونموت ببطء
والخوف يترصّد بنا
ولا يفلح في التقاطنا
"كالموت مستعجلاً يأتي على مهل"
لكنه الموت
غادرتنا الحدائق العامة
كما غادرتنا آلاف الطيور المهاجرة.
ولم يعد يهبط المساء على الشباك
كطائر جميل.
يزدحم الخوف
العجز
الموت
فينا.
ونتكسّر ولا نقع في الماء.
ثمّة أصوات وعويل ودماء
تعوي في شرايينا
ورغم هذا نمعن النظر وراءنا،
نقذف الماضي
نركله بقوة
لكنه يفاجئنا
عند كلّ فاصلة!
دم الانتظار
الهواء ثقيل
والسماء واطئة
ما من صوت كلب شارد
يؤنس ليلي
أفتقد نقيق الضفادع وهي تنبئ عن قدوم المطر.
ما من إخوة يأتون في الأعياد
ما من فرح صغير يعلق على ياقة قميصي،
هو الخوف سرطان يتكاثر بسرعة الضوء،
أراقبه وأعض على شفتي السفلى ليسيل دم الانتظار.
تحية العلم
كنا نقف في الصفِّ أرتالاً
نحيّي العلم،
نرتّل النشيد
وعيوننا معلقة على طائر يفرد جناحيه
وسط السماء ولا يلتفت!