لاميرسيه... مهرجان المهرجانات

26 سبتمبر 2016
تفتح المتاحف أبوابها للجمهور مجاناً خلال فترة المهرجان (Getty)
+ الخط -
يحتفي أهل برشلونة بـ"عذراء الرحمة"، وهي القديسة المشاركة في رعاية برشلونة. ومن أسباب كثرة الاحتفالات والمهرجانات في إسبانيا، أنه يقام مهرجان لكل قديس. ويعتقد الإسبان أن الفضل يعود للقديسة نوسترا سينورا دي لاميرسيه، في تخليص هذه المدينة المطلة على البحر المتوسط من الجراد عام 1687.
يعني الصيف عموماً في برشلونة التسكع على الشاطئ، وأكل التاباس والسانجريا والعبث لوقت متأخّر ليلاً في شارع رامبلاس. لكن إذا كنت ستبقى حتى الأسبوع الأخير من سبتمبر/ أيلول، فهذا موعد مهرجان لاميرسيه. حضور مهرجان لاميرسيه يعني تجربة الإقامة في برشلونة في أعلى درجات الترفيه والتسلية والاكتظاظ البشري. فالمدينة كلها تتحول لمهرجان شوارع لا نهاية له. يضع المهرجان علامة مميزة لنهاية الصيف، ويقدم أجواء ترفيهية لمدة أربعة أيام تشمل العشرات من الحفلات الموسيقية المجانية، مع أكثر من 600 فعالية تتوزع على الساحات والشوارع والمتاحف والحدائق العامة.
في عام 1871، أصبح يوم لاميرسيه عطلة رسمية بالمدينة، وفي كل يوم من أيام المهرجان، تمر المواكب الخاصة المليئة بالشخصيات الأسطورية والعمالقة الراقصة والطبول التقليدية التي تقرع في المواكب. ولا يكتمل مهرجان برشلونة دون "عدائي النار" أو "الكورفوك"، وهم المشاركون الذين يحملون المشاعل أو قاذفات الشرر، ويطوفون مع المواكب، وخصوصاً في الليل، كما توجد القلاع المكونة من البشر، والتي ترتفع ثمانية طوابق بشرية وتدعى "كاستيللرز".
يقول أحد قاطني البلدة إن من ينسى كاميرته الخاصة في هذا الوقت يلعن نفسه، فالمشاهد الفريدة والخلابة الساحرة توجد في كل زاوية، والرقص الشعبي "ساردانا" لا يتوقف، ومواكب الشخصيات العملاقة المصنوعة من الورق المعجون "جيجاندز" لا تنتهي. تتغيّر ملامح المدينة كليّاً خلال المهرجان، وأحياناً يتضاعف عدد سكانها بسبب السياح.
وبالرغم من أن لاميرسيه لها تاريخ طويل، فإن أبرز مكونات المهرجان الحالي لا يتعدى تاريخها القرن. ويجمع المهرجان أفضل ما يمكن أن تشاهده في أي مهرجان إسباني آخر. لذلك يعد مهرجان لاميرسيه أكبر حدث يمكن لأي شخص مهتم بالثقافات حضوره، وسيعلم المرء منه لماذا أصبحت إسبانيا العاصمة المرجحة للمهرجانات بالعالم، وربما كانت مساوية للهند ذات المهرجانات العديدة والضخمة.
وأفضل ما في لاميرسيه هو أن كل الأحداث تجري بالشارع ومجاناً. وتفتح المتاحف أبوابها للجمهور مجاناً أيضاً؛ لذا يعد مهرجان لاميرسيه المكان المثالي للترفيه العائلي ورحلات الأصدقاء الثقافية على حد سواء. وفي هذه الأثناء، تبرز مدينة برشلونة بوصفها محطة فنية قوية لتجربة التصاميم الفريدة والأطعمة والحياة. ويمثّل المهرجان انعكاساً قوياً لطبيعة هذه المدينة المغامرة والمبدعة والمتطورة.
ولا تفعل المدينة ذلك وحدها، ولكن في كل عام تدعو مدينة أخرى لتكون ضيفتها، وفي عام 2015، كانت الضيفة هي مدينة بوينس آيرس الأرجنتينية، والتي أحضرت معها مسارح ورقصات الشوارع والفرق الموسيقية المفضلة لديها من أجل حضور لاميرسيه الذي يطلقون عليه مهرجان المهرجانات.



المساهمون